836 [ ص: 322 ] [ ص: 323 ] 11 -
كتاب الجمعة
[ ص: 324 ] [ ص: 325 ] بسم الله الرحمن الرحيم
11
كتاب الجمعة
1 - باب: فرض الجمعة
لقول الله عز وجل: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله الآية..
كتاب الجمعة
- باب فرض الجمعة
- باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود يوم الجمعة أو على النساء
- باب الطيب للجمعة
- باب فضل الجمعة
- باب
- باب الدهن للجمعة
- باب يلبس أحسن ما يجد
- باب السواك يوم الجمعة
- باب من تسوك بسواك غيره
- باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة
- باب الجمعة في القرى والمدن
- باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم
- باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر
- باب من أين تؤتى الجمعة وعلى من تجب
- باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس
- باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة
- باب المشي إلى الجمعة
- باب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة
- باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه
- باب الأذان يوم الجمعة
- باب المؤذن الواحد يوم الجمعة
- باب يجيب الإمام على المنبر إذا سمع النداء
- باب الجلوس على المنبر عند التأذين
- باب التأذين عند الخطبة
- باب الخطبة على المنبر
- باب الخطبة قائما
- باب يستقبل الإمام القوم واستقبال الناس الإمام إذا خطب
- باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد
- باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة
- باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب وإذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا
- باب الساعة التي في يوم الجمعة
- باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي تامة
- باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها
- باب قول الله عز وجل فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض
- باب القائلة بعد الجمعة
التالي
السابق
صلاة الجمعة فريضة من فرائض الأعيان على الرجال دون النساء، بشرائط أخر، هذا قول جمهور العلماء، ومنهم من حكاه إجماعا كابن المنذر .
وشذ من زعم أنها فرض كفاية من الشافعية، وحكاه بعضهم قولا ، وأنكر ذلك عامة أصحابه، حتى قال طائفة منهم: لا تحل حكايته عنه. للشافعي
وحكاية لذلك عن أكثر العلماء وهم منه، ولعله اشتبه عليه الجمعة بالعيد. الخطابي
وحكي عن بعض المتقدمين: أن الجمعة سنة.
وقد روى ، عن ابن وهب ، أن الجمعة سنة. مالك
وحملها على أهل القرى المختلف في وجوب الجمعة عليهم خاصة، دون أهل الأمصار. ابن عبد البر
ونقل ، عن حنبل ، أنه قال: الصلاة - يعني: صلاة الجمعة - فريضة، والسعي إليها تطوع، سنة مؤكدة. أحمد
[ ص: 326 ] وهذا إنما هو توقف عن إطلاق الفرض على إتيان الجمعة، وأما الصلاة نفسها، فقد صرح بأنها فريضة، وهذا يدل على أن ما هو وسيلة إلى الفريضة ولا تتم إلا به لا يطلق عليه اسم الفريضة؛ لأنه وإن كان مأمورا به فليس مقصودا لنفسه، بل لغيره.
وتأول كلام القاضي أبو يعلى بما لا يصح. أحمد
وقد دل على فرضيتها: قول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون
والمراد بالسعي: شدة الاهتمام بإتيانها والمبادرة إليها. فهو من سعي القلوب، لا من سعي الأبدان، كذا قال وغيره، وسيأتي بسط ذلك فيما بعد - إن شاء الله سبحانه وتعالى. الحسن
وفي " صحيح "، عن مسلم عبد الله بن عمر ، أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره: " لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين ". وأبي هريرة
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث وابن ماجه أبي الجعد الضمري - وكانت له صحبة - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: . " من ترك الجمعة تهاونا ثلاث مرات طبع على قلبه "
وقال : حديث حسن. الترمذي
وخرجه في " صحيحه ". ابن حبان
وروي معناه من وجوه كثيرة:
[ ص: 327 ] وفي " صحيح "، عن مسلم ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هم أن يحرق على من يتخلف عن الجمعة بيوتهم، وقد سبق ذكره. ابن مسعود
وخرج بإسناد صحيح، عن أبو داود ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: طارق بن شهاب . " الجمعة حق واجب في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض "
قال : أبو داود رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يسمع منه شيئا. طارق بن شهاب
قال : وقد وصله بعضهم عن البيهقي طارق ، عن ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس وصله بمحفوظ. أبي موسى الأشعري
وخرج من حديث النسائي ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " حفصة رواح الجمعة واجب على كل محتلم ".
وخرج من حديث ابن ماجه ، جابر بن عبد الله ". أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطبهم، فقال في خطبته: " إن الله فرض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا، من عامي هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعدي، وله إمام عادل أو جائر، استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله شمله، ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاة له، ولا زكاة له، ولا حج له، ولا صوم له، ولا بركة حتى يتوب، فمن تاب تاب الله عليه
وفي إسناده ضعف واضطراب واختلاف، قد أشرنا إلى بعضه فيما تقدم في " أبواب الإمامة ".
وفيه: دليل على أن الجمعة إنما فرضت بالمدينة ؛ لأن إنما صحب [ ص: 328 ] النبي -صلى الله عليه وسلم- وشهد خطبته جابرا بالمدينة ، وهذا قول جمهور العلماء.
ويدل عليه - أيضا -: أن سورة الجمعة مدنية، وأنه لم يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة بمكة قبل هجرته.
ونص الإمام على أن أول جمعة جمعت في الإسلام هي التي جمعت أحمد بالمدينة مع . مصعب بن عمير
وكذا قال عطاء وغيرهما. والأوزاعي
وزعم طائفة من الفقهاء: أن الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصليها بمكة قبل أن يهاجر.
واستدل لذلك: بما خرجه في " كتاب الجمعة " من حديث النسائي المعافى بن عمران ، عن ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن محمد بن زياد قال: إن أول جمعة جمعت - بعد جمعة جمعت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي هريرة بمكة - بجواثاء بالبحرين - قرية لعبد القيس .
وقد خرجه - كما سيأتي في موضعه - من طريق البخاري أبي عامر العقدي ، عن ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي جمرة ، أن أول جمعة جمعت - بعد جمعة في ابن عباس مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين .
وكذا رواه ، عن وكيع ، ولفظه: إن أول جمعة جمعت في الإسلام - بعد جمعة جمعت في إبراهيم بن طهمان مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة - لجمعة جمعت بجواثاء - قرية من قرى البحرين .
خرجه . أبو داود
وكذا رواه وغيره، عن ابن المبارك . إبراهيم بن طهمان
[ ص: 329 ] فتبين بذلك: أن المعافى وهم في إسناد الحديث ومتنه، والصواب: رواية الجماعة، عن . إبراهيم بن طهمان
ومعنى الحديث: أن أول مسجد جمع فيه - بعد مسجد المدينة -: مسجد جواثاء ، وليس معناه: أن الجمعة التي جمعت بجواثاء كانت في الجمعة الثانية من الجمعة التي جمعت بالمدينة ، كما قد يفهم من بعض ألفاظ الروايات؛ فإن عبد القيس إنما وفد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح، كما ذكره ابن سعد ، عن وغيره. عروة بن الزبير
وليس المراد به - أيضا - أن أول جمعة جمعت في الإسلام في مسجد المدينة ، فإن أول جمعة جمعت بالمدينة في نقيع الخضمات ، قبل أن يقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، وقبل أن يبني مسجده.
يدل على ذلك: حديث ، أنه كان كلما سمع أذان الجمعة استغفر كعب بن مالك لأسعد بن زرارة ، فسأله ابنه عن ذلك، فقال: كان أول من صلى بنا صلاة الجمعة قبل مقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة في نقيع الخضمات ، في هزم النبيت ، من حرة بني بياضة ، قيل له: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعين رجلا.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود - مطولا. وابن ماجه
وروى في " كتاب السير " له، عن أبو إسحاق الفزاري ، عمن حدثه، قال: الأوزاعي بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصعب بن عمير القرشي إلى المدينة ، قبل أن يهاجر [ ص: 330 ] النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: " اجمع من بها من المسلمين، ثم انظر اليوم الذي تجمر فيه اليهود لسبتها، فإذا مال النهار عن شطره فقم فيهم، ثم تزلفوا إلى الله بركعتين ".
قال: وقال : فجمع بهم الزهري في دار من دور الأنصار، فجمع بهم وهم بضعة عشر. مصعب بن عمير
قال : وهو أول من جمع بالناس. الأوزاعي
وقد خرج - أظنه في " أفراده " - من رواية الدارقطني أحمد بن محمد بن غالب الباهلي ، نا محمد بن عبد الله أبو زيد المدني ، ثنا ، ثنا المغيرة بن عبد الرحمن ، عن مالك ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، قال: ابن عباس بمكة ولا يبين لهم، وكتب إلى : " أما بعد، فانظر اليوم الذي تجمر فيه مصعب بن عمير اليهود لسبتهم، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين " . أذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجمعة قبل أن يهاجر، ولم يستطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجمع
قال: فهو أول من جمع ، حتى قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصعب بن عمير المدينة ، فجمع عند الزوال من الظهر، وأظهر ذلك.
وهذا إسناد موضوع، والباهلي هو: غلام خليل ، كذاب مشهور بالكذب، وإنما هذا أصله من مراسيل ، وفي هذا السياق ألفاظ منكرة. الزهري
وخرج من رواية البيهقي ، عن يونس ، قال: بلغنا أن أول ما جمعت الجمعة الزهري بالمدينة قبل أن يقدمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجمع بالمسلمين . مصعب بن عمير
[ ص: 331 ] وروى في " كتابه " عن عبد الرزاق ، عن معمر ، قال: الزهري بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مصعب بن عمير أهل المدينة ليقرئهم القرآن، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجمع بهم، فأذن له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس يومئذ بأمير، ولكنه انطلق يعلم أهل المدينة .
وذكر ، عن عبد الرزاق ، قال: قلت ابن جريج : من أول من جمع؟ قال: رجل من لعطاء بني عبد الدار - زعموا - قلت: أفبأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: فمه.
وخرجه من رواية الأثرم ، عن ابن عيينة ، وعنده: قال: نعم، فمه. قال ابن جريج : سمعت من يقول: هو ابن عيينة . مصعب بن عمير
وكذلك نص الإمام في - رواية أحمد أبي طالب - على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أمر أن يجمع بهم مصعب بن عمير بالمدينة .
ونص - أيضا - على أن أحمد هي الجمعة التي جمعت أول جمعة جمعت في الإسلام بالمدينة مع . مصعب بن عمير
وقد تقدم مثله عن عطاء . والأوزاعي
فتبين بهذا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بإقامة الجمعة بالمدينة ، ولم يقمها بمكة ، وهذا يدل على أنه كان قد فرضت عليه الجمعة بمكة .
وممن قال: إن الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة: من الشافعية، أبو حامد الإسفراييني في " خلافه الكبير " من أصحابنا، والقاضي أبو يعلى في " عمد الأدلة "، وكذلك ذكره طائفة من المالكية، منهم: وابن عقيل السهيلي وغيره.
وأما كونه لم يفعله بمكة ، فيحمل أنه إنما أمر بها أن يقيمها في دار الهجرة ، لا في دار الحرب، وكانت مكة إذ ذاك دار حرب، ولم يكن المسلمون [ ص: 332 ] يتمكنون فيها من إظهار دينهم، وكانوا خائفين على أنفسهم، ولذلك هاجروا منها إلى المدينة ، منها الخوف على النفس والمال. والجمعة تسقط بأعذار كثيرة
وقد أشار بعض المتأخرين من الشافعية إلى معنى آخر في الامتناع من إقامتها بمكة ، وهو: أن الجمعة إنما يقصد بإقامتها إظهار شعار الإسلام، وهذا إنما يتمكن منه في دار الإسلام.
ولهذا لا تقام الجمعة في السجن، وإن كان فيه أربعون، ولا يعلم في ذلك خلاف بين العلماء، وممن قاله: ، الحسن ، وابن سيرين ، والنخعي ، والثوري ، ومالك ، وأحمد وغيرهم. وإسحاق
وعلى قياس هذا: لو كان الأسارى في بلد المشركين مجتمعين في مكان واحد؛ فإنهم لا يصلون فيه جمعة، كالمسجونين في دار الإسلام وأولى؛ لا سيما وأصحابه يرون أن الإقامة في دار الحرب - وإن طالت - حكمها حكم السفر، فتقصر فيها الصلاة أبدا، ولو أقام المسلم باختياره، فكيف إذا كان أسيرا مقهورا؟ وأبو حنيفة
وهذا على قول من يرى اشتراط إذن الإمام لإقامة الجمعة أظهر، فأما على قول من لا يشترط إذن الإمام، فقد قال الإمام في الأمراء إذا أخروا الصلاة يوم الجمعة: فيصليها لوقتها ويصليها مع الإمام، فحمله أحمد في " خلافه " على أنهم يصلونها جمعة لوقتها. القاضي أبو يعلى
وهذا بعيد جدا، وإنما مراده: أنهم يصلون الظهر لوقتها، ثم يشهدون الجمعة مع الأمراء.
وكذلك كان السلف الصالح يفعلون عند تأخير بني أمية للجمعة عن وقتها، ومنهم من كان يومئ بالصلاة وهو جالس في المسجد قبل خروج الوقت، ولم يكن أحد منهم يصلي الجمعة لوقتها، وفي ذلك مفاسد كثيرة تسقط الجمعة بخشية بعضها.
[ ص: 333 ] وفي " تهذيب المدونة " للمالكية: وإذا أتى من تأخير الأئمة ما يستنكر جمع الناس لأنفسهم إن قدروا، وإلا صلوا ظهرا، وتنفلوا بصلاتهم معهم.
قال: ومن لا تجب عليه الجمعة مثل المرضى والمسافرين وأهل السجن فجائز أن يجمعوا.
وأراد بالتجميع هنا: صلاة الظهر جماعة، لا صلاة الجمعة؛ فإنه قال قبله: وإذا فاتت الجمعة من تجب عليهم فلا يجمعوا.
والفرق بين صلاة الظهر جماعة يوم الجمعة، ممن تجب عليه وممن لا تجب عليه: أن من تجب عليه يتهم في تركها، بخلاف من لا تجب عليه فإن عذره ظاهر.
وقد روي عن ، أن تجميع ابن سيرين الأنصار بالمدينة إنما كان عن رأيهم، من غير أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكلية، وأن ذلك كان قبل فرض الجمعة.
قال في " مسائله ": ثنا أبي، ثنا عبد الله ابن الإمام أحمد إسماعيل - هو: -، ثنا ابن علية ، عن أيوب ، قال: نبئت أن محمد بن سيرين الأنصار قبل قدوم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم المدينة قالوا: لو نظرنا يوما فاجتمعنا فيه، فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله علينا به، فقالوا: يوم السبت، ثم قالوا: لا نجامع اليهود في يومهم، قالوا: يوم الأحد، قالوا: لا نجامع النصارى في يومهم. قالوا: فيوم العروبة: قال: ، فاجتمعوا في بيت وكانوا يسمون يوم الجمعة: يوم العروبة ، فذبحت لهم شاة، فكفتهم. أبي أمامة أسعد بن زرارة
وروى في " كتابه " عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، قال: جمع ابن سيرين أهل المدينة قبل أن يقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبل أن تنزل الجمعة، وهم الذين سموها الجمعة، فقالت الأنصار : لليهود يوم يجتمعون فيه كل [ ص: 334 ] ستة أيام، وللنصارى - أيضا - مثل ذلك، فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه، ونذكر الله عز وجل، ونصلي ونشكره - أو كما قالوا - فقالوا: يوم السبت لليهود ، ويوم الأحد للنصارى ، فاجعلوا يوم العروبة، وكانوا يسمون يوم الجمعة: يوم العروبة، فاجتمعوا إلى ، فصلى بهم وذكرهم، فسموه: يوم الجمعة حين اجتمعوا إليه، فذبح أسعد بن زرارة لهم شاة، فتغدوا وتعشوا من شاة واحدة ليلتهم، فأنزل الله بعد ذلك: أسعد بن زرارة إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله
فوقع في كلام الإمام : أن هذه هي الجمعة التي جمعها أحمد ، وهي التي ذكرها مصعب بن عمير في حديثه، أنهم كانوا أربعين رجلا. كعب بن مالك
وفي هذا نظر.
ويحتمل أن يكون هذا الاجتماع من الأنصار كان باجتهادهم قبل قدوم مصعب إليهم، ثم لما قدم مصعب عليهم جمع بهم بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان الإسلام حينئذ قد ظهر وفشا، وكان يمكن إقامة شعار الإسلام في المدينة ، وأما اجتماع الأنصار قبل ذلك، فكان في بيت قبل ظهور الإسلام أسعد بن زرارة بالمدينة وفشوه، وكان باجتهاد منهم، لا بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشذ من زعم أنها فرض كفاية من الشافعية، وحكاه بعضهم قولا ، وأنكر ذلك عامة أصحابه، حتى قال طائفة منهم: لا تحل حكايته عنه. للشافعي
وحكاية لذلك عن أكثر العلماء وهم منه، ولعله اشتبه عليه الجمعة بالعيد. الخطابي
وحكي عن بعض المتقدمين: أن الجمعة سنة.
وقد روى ، عن ابن وهب ، أن الجمعة سنة. مالك
وحملها على أهل القرى المختلف في وجوب الجمعة عليهم خاصة، دون أهل الأمصار. ابن عبد البر
ونقل ، عن حنبل ، أنه قال: الصلاة - يعني: صلاة الجمعة - فريضة، والسعي إليها تطوع، سنة مؤكدة. أحمد
[ ص: 326 ] وهذا إنما هو توقف عن إطلاق الفرض على إتيان الجمعة، وأما الصلاة نفسها، فقد صرح بأنها فريضة، وهذا يدل على أن ما هو وسيلة إلى الفريضة ولا تتم إلا به لا يطلق عليه اسم الفريضة؛ لأنه وإن كان مأمورا به فليس مقصودا لنفسه، بل لغيره.
وتأول كلام القاضي أبو يعلى بما لا يصح. أحمد
وقد دل على فرضيتها: قول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون
والمراد بالسعي: شدة الاهتمام بإتيانها والمبادرة إليها. فهو من سعي القلوب، لا من سعي الأبدان، كذا قال وغيره، وسيأتي بسط ذلك فيما بعد - إن شاء الله سبحانه وتعالى. الحسن
وفي " صحيح "، عن مسلم عبد الله بن عمر ، أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره: " لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين ". وأبي هريرة
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث وابن ماجه أبي الجعد الضمري - وكانت له صحبة - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: . " من ترك الجمعة تهاونا ثلاث مرات طبع على قلبه "
وقال : حديث حسن. الترمذي
وخرجه في " صحيحه ". ابن حبان
وروي معناه من وجوه كثيرة:
[ ص: 327 ] وفي " صحيح "، عن مسلم ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هم أن يحرق على من يتخلف عن الجمعة بيوتهم، وقد سبق ذكره. ابن مسعود
وخرج بإسناد صحيح، عن أبو داود ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: طارق بن شهاب . " الجمعة حق واجب في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض "
قال : أبو داود رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يسمع منه شيئا. طارق بن شهاب
قال : وقد وصله بعضهم عن البيهقي طارق ، عن ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس وصله بمحفوظ. أبي موسى الأشعري
وخرج من حديث النسائي ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " حفصة رواح الجمعة واجب على كل محتلم ".
وخرج من حديث ابن ماجه ، جابر بن عبد الله ". أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطبهم، فقال في خطبته: " إن الله فرض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا، من عامي هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعدي، وله إمام عادل أو جائر، استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله شمله، ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاة له، ولا زكاة له، ولا حج له، ولا صوم له، ولا بركة حتى يتوب، فمن تاب تاب الله عليه
وفي إسناده ضعف واضطراب واختلاف، قد أشرنا إلى بعضه فيما تقدم في " أبواب الإمامة ".
وفيه: دليل على أن الجمعة إنما فرضت بالمدينة ؛ لأن إنما صحب [ ص: 328 ] النبي -صلى الله عليه وسلم- وشهد خطبته جابرا بالمدينة ، وهذا قول جمهور العلماء.
ويدل عليه - أيضا -: أن سورة الجمعة مدنية، وأنه لم يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة بمكة قبل هجرته.
ونص الإمام على أن أول جمعة جمعت في الإسلام هي التي جمعت أحمد بالمدينة مع . مصعب بن عمير
وكذا قال عطاء وغيرهما. والأوزاعي
وزعم طائفة من الفقهاء: أن الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصليها بمكة قبل أن يهاجر.
واستدل لذلك: بما خرجه في " كتاب الجمعة " من حديث النسائي المعافى بن عمران ، عن ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن محمد بن زياد قال: إن أول جمعة جمعت - بعد جمعة جمعت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي هريرة بمكة - بجواثاء بالبحرين - قرية لعبد القيس .
وقد خرجه - كما سيأتي في موضعه - من طريق البخاري أبي عامر العقدي ، عن ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي جمرة ، أن أول جمعة جمعت - بعد جمعة في ابن عباس مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين .
وكذا رواه ، عن وكيع ، ولفظه: إن أول جمعة جمعت في الإسلام - بعد جمعة جمعت في إبراهيم بن طهمان مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة - لجمعة جمعت بجواثاء - قرية من قرى البحرين .
خرجه . أبو داود
وكذا رواه وغيره، عن ابن المبارك . إبراهيم بن طهمان
[ ص: 329 ] فتبين بذلك: أن المعافى وهم في إسناد الحديث ومتنه، والصواب: رواية الجماعة، عن . إبراهيم بن طهمان
ومعنى الحديث: أن أول مسجد جمع فيه - بعد مسجد المدينة -: مسجد جواثاء ، وليس معناه: أن الجمعة التي جمعت بجواثاء كانت في الجمعة الثانية من الجمعة التي جمعت بالمدينة ، كما قد يفهم من بعض ألفاظ الروايات؛ فإن عبد القيس إنما وفد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح، كما ذكره ابن سعد ، عن وغيره. عروة بن الزبير
وليس المراد به - أيضا - أن أول جمعة جمعت في الإسلام في مسجد المدينة ، فإن أول جمعة جمعت بالمدينة في نقيع الخضمات ، قبل أن يقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، وقبل أن يبني مسجده.
يدل على ذلك: حديث ، أنه كان كلما سمع أذان الجمعة استغفر كعب بن مالك لأسعد بن زرارة ، فسأله ابنه عن ذلك، فقال: كان أول من صلى بنا صلاة الجمعة قبل مقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة في نقيع الخضمات ، في هزم النبيت ، من حرة بني بياضة ، قيل له: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعين رجلا.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود - مطولا. وابن ماجه
وروى في " كتاب السير " له، عن أبو إسحاق الفزاري ، عمن حدثه، قال: الأوزاعي بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصعب بن عمير القرشي إلى المدينة ، قبل أن يهاجر [ ص: 330 ] النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: " اجمع من بها من المسلمين، ثم انظر اليوم الذي تجمر فيه اليهود لسبتها، فإذا مال النهار عن شطره فقم فيهم، ثم تزلفوا إلى الله بركعتين ".
قال: وقال : فجمع بهم الزهري في دار من دور الأنصار، فجمع بهم وهم بضعة عشر. مصعب بن عمير
قال : وهو أول من جمع بالناس. الأوزاعي
وقد خرج - أظنه في " أفراده " - من رواية الدارقطني أحمد بن محمد بن غالب الباهلي ، نا محمد بن عبد الله أبو زيد المدني ، ثنا ، ثنا المغيرة بن عبد الرحمن ، عن مالك ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، قال: ابن عباس بمكة ولا يبين لهم، وكتب إلى : " أما بعد، فانظر اليوم الذي تجمر فيه مصعب بن عمير اليهود لسبتهم، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين " . أذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجمعة قبل أن يهاجر، ولم يستطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجمع
قال: فهو أول من جمع ، حتى قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصعب بن عمير المدينة ، فجمع عند الزوال من الظهر، وأظهر ذلك.
وهذا إسناد موضوع، والباهلي هو: غلام خليل ، كذاب مشهور بالكذب، وإنما هذا أصله من مراسيل ، وفي هذا السياق ألفاظ منكرة. الزهري
وخرج من رواية البيهقي ، عن يونس ، قال: بلغنا أن أول ما جمعت الجمعة الزهري بالمدينة قبل أن يقدمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجمع بالمسلمين . مصعب بن عمير
[ ص: 331 ] وروى في " كتابه " عن عبد الرزاق ، عن معمر ، قال: الزهري بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مصعب بن عمير أهل المدينة ليقرئهم القرآن، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجمع بهم، فأذن له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس يومئذ بأمير، ولكنه انطلق يعلم أهل المدينة .
وذكر ، عن عبد الرزاق ، قال: قلت ابن جريج : من أول من جمع؟ قال: رجل من لعطاء بني عبد الدار - زعموا - قلت: أفبأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: فمه.
وخرجه من رواية الأثرم ، عن ابن عيينة ، وعنده: قال: نعم، فمه. قال ابن جريج : سمعت من يقول: هو ابن عيينة . مصعب بن عمير
وكذلك نص الإمام في - رواية أحمد أبي طالب - على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أمر أن يجمع بهم مصعب بن عمير بالمدينة .
ونص - أيضا - على أن أحمد هي الجمعة التي جمعت أول جمعة جمعت في الإسلام بالمدينة مع . مصعب بن عمير
وقد تقدم مثله عن عطاء . والأوزاعي
فتبين بهذا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بإقامة الجمعة بالمدينة ، ولم يقمها بمكة ، وهذا يدل على أنه كان قد فرضت عليه الجمعة بمكة .
وممن قال: إن الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة: من الشافعية، أبو حامد الإسفراييني في " خلافه الكبير " من أصحابنا، والقاضي أبو يعلى في " عمد الأدلة "، وكذلك ذكره طائفة من المالكية، منهم: وابن عقيل السهيلي وغيره.
وأما كونه لم يفعله بمكة ، فيحمل أنه إنما أمر بها أن يقيمها في دار الهجرة ، لا في دار الحرب، وكانت مكة إذ ذاك دار حرب، ولم يكن المسلمون [ ص: 332 ] يتمكنون فيها من إظهار دينهم، وكانوا خائفين على أنفسهم، ولذلك هاجروا منها إلى المدينة ، منها الخوف على النفس والمال. والجمعة تسقط بأعذار كثيرة
وقد أشار بعض المتأخرين من الشافعية إلى معنى آخر في الامتناع من إقامتها بمكة ، وهو: أن الجمعة إنما يقصد بإقامتها إظهار شعار الإسلام، وهذا إنما يتمكن منه في دار الإسلام.
ولهذا لا تقام الجمعة في السجن، وإن كان فيه أربعون، ولا يعلم في ذلك خلاف بين العلماء، وممن قاله: ، الحسن ، وابن سيرين ، والنخعي ، والثوري ، ومالك ، وأحمد وغيرهم. وإسحاق
وعلى قياس هذا: لو كان الأسارى في بلد المشركين مجتمعين في مكان واحد؛ فإنهم لا يصلون فيه جمعة، كالمسجونين في دار الإسلام وأولى؛ لا سيما وأصحابه يرون أن الإقامة في دار الحرب - وإن طالت - حكمها حكم السفر، فتقصر فيها الصلاة أبدا، ولو أقام المسلم باختياره، فكيف إذا كان أسيرا مقهورا؟ وأبو حنيفة
وهذا على قول من يرى اشتراط إذن الإمام لإقامة الجمعة أظهر، فأما على قول من لا يشترط إذن الإمام، فقد قال الإمام في الأمراء إذا أخروا الصلاة يوم الجمعة: فيصليها لوقتها ويصليها مع الإمام، فحمله أحمد في " خلافه " على أنهم يصلونها جمعة لوقتها. القاضي أبو يعلى
وهذا بعيد جدا، وإنما مراده: أنهم يصلون الظهر لوقتها، ثم يشهدون الجمعة مع الأمراء.
وكذلك كان السلف الصالح يفعلون عند تأخير بني أمية للجمعة عن وقتها، ومنهم من كان يومئ بالصلاة وهو جالس في المسجد قبل خروج الوقت، ولم يكن أحد منهم يصلي الجمعة لوقتها، وفي ذلك مفاسد كثيرة تسقط الجمعة بخشية بعضها.
[ ص: 333 ] وفي " تهذيب المدونة " للمالكية: وإذا أتى من تأخير الأئمة ما يستنكر جمع الناس لأنفسهم إن قدروا، وإلا صلوا ظهرا، وتنفلوا بصلاتهم معهم.
قال: ومن لا تجب عليه الجمعة مثل المرضى والمسافرين وأهل السجن فجائز أن يجمعوا.
وأراد بالتجميع هنا: صلاة الظهر جماعة، لا صلاة الجمعة؛ فإنه قال قبله: وإذا فاتت الجمعة من تجب عليهم فلا يجمعوا.
والفرق بين صلاة الظهر جماعة يوم الجمعة، ممن تجب عليه وممن لا تجب عليه: أن من تجب عليه يتهم في تركها، بخلاف من لا تجب عليه فإن عذره ظاهر.
وقد روي عن ، أن تجميع ابن سيرين الأنصار بالمدينة إنما كان عن رأيهم، من غير أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكلية، وأن ذلك كان قبل فرض الجمعة.
قال في " مسائله ": ثنا أبي، ثنا عبد الله ابن الإمام أحمد إسماعيل - هو: -، ثنا ابن علية ، عن أيوب ، قال: نبئت أن محمد بن سيرين الأنصار قبل قدوم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم المدينة قالوا: لو نظرنا يوما فاجتمعنا فيه، فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله علينا به، فقالوا: يوم السبت، ثم قالوا: لا نجامع اليهود في يومهم، قالوا: يوم الأحد، قالوا: لا نجامع النصارى في يومهم. قالوا: فيوم العروبة: قال: ، فاجتمعوا في بيت وكانوا يسمون يوم الجمعة: يوم العروبة ، فذبحت لهم شاة، فكفتهم. أبي أمامة أسعد بن زرارة
وروى في " كتابه " عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، قال: جمع ابن سيرين أهل المدينة قبل أن يقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبل أن تنزل الجمعة، وهم الذين سموها الجمعة، فقالت الأنصار : لليهود يوم يجتمعون فيه كل [ ص: 334 ] ستة أيام، وللنصارى - أيضا - مثل ذلك، فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه، ونذكر الله عز وجل، ونصلي ونشكره - أو كما قالوا - فقالوا: يوم السبت لليهود ، ويوم الأحد للنصارى ، فاجعلوا يوم العروبة، وكانوا يسمون يوم الجمعة: يوم العروبة، فاجتمعوا إلى ، فصلى بهم وذكرهم، فسموه: يوم الجمعة حين اجتمعوا إليه، فذبح أسعد بن زرارة لهم شاة، فتغدوا وتعشوا من شاة واحدة ليلتهم، فأنزل الله بعد ذلك: أسعد بن زرارة إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله
فوقع في كلام الإمام : أن هذه هي الجمعة التي جمعها أحمد ، وهي التي ذكرها مصعب بن عمير في حديثه، أنهم كانوا أربعين رجلا. كعب بن مالك
وفي هذا نظر.
ويحتمل أن يكون هذا الاجتماع من الأنصار كان باجتهادهم قبل قدوم مصعب إليهم، ثم لما قدم مصعب عليهم جمع بهم بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان الإسلام حينئذ قد ظهر وفشا، وكان يمكن إقامة شعار الإسلام في المدينة ، وأما اجتماع الأنصار قبل ذلك، فكان في بيت قبل ظهور الإسلام أسعد بن زرارة بالمدينة وفشوه، وكان باجتهاد منهم، لا بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-. والله سبحانه وتعالى أعلم.