الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 543 ] ثم دخلت سنة تسع وخمسين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في يوم الجمعة لأربع بقين من ربيع الآخر رجع أبو أحمد بن المتوكل من واسط إلى سامرا ، وقد استخلف على حرب الخبيث صاحب الزنج محمدا الملقب بالمولد ، وكان شجاعا شهما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها بعث الخليفة إلى كنجور نائب الكوفة جماعة من القواد فذبحوه ، وأخذوا ما كان معه من المال ، فإذا هو أربعون ألف دينار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها تغلب رجل جمال يقال له : شركب . على مدينة مرو فانتهبها من كان معه من أتباعه ، وتفاقم أمره هناك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة توجه موسى بن بغا الكبير من سامرا لحرب الخبيث ، وخرج الخليفة المعتمد لتوديعه ، وخلع عليه عند مفارقته له . وخرج عبد الرحمن بن مفلح إلى بلاد الأهواز نائبا عليها ; وليكون عونا لموسى بن بغا على حرب صاحب الزنج الخبيث ، لعنه الله ، فهزم عبد الرحمن بن مفلح جيشا للخبيث ، وقتل من الزنج خلقا كثيرا ، وأسر طائفة كثيرة منهم ، وأرعبهم إرعابا بليغا بحيث لم يتجاسروا على موافقته مرة ثانية ، وقد حرضهم الخبيث كل التحريض فلم ينجع ذلك فيهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 544 ] ثم تواقع عبد الرحمن بن مفلح ، وعلي بن أبان المهلبي ، وهو مقدم جيوش صاحب الزنج فجرت بينهما حروب يطول شرحها ، ثم كانت الدائرة على الزنج ، ولله الحمد والمنة ، فرجع علي بن أبان إلى الخبيث مفلولا مقهورا مذموما مدحورا ، وبعث عبد الرحمن بن مفلح بالأسارى إلى سامرا ، فبادر إليهم العامة فقتلوا أكثرهم ، وسلبوهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها تدنى ملك الروم - لعنه الله - إلى بلاد سميساط ثم إلى ملطية فقاتله أهلها فهزموه ، وقتلوا بطريق البطارقة الذي كان معه ، ورجع إلى بلاده خاسئا وهو حسير .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها دخل يعقوب بن الليث إلى نيسابور فظفر بالخارجي الذي كان بهراة ينتحل الخلافة منذ ثلاثين سنة ، فقتله ، وحمل رأسه على رمح ، وطيف به في الآفاق والأقاليم ، ومعه رقعة مكتوب فيها ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية