الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 370 ] 7 - باب

                                يلبس أحسن ما يجد

                                846 886 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه، فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة " - وذكر بقية الحديث.

                                التالي السابق


                                وقد خرجه بتمامه في " اللباس " وغيره.

                                والمقصود منه هاهنا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقر عمر على ما ذكره من التجمل بحسن اللباس للجمعة ، والظاهر: أن ذلك كان عادته صلى الله عليه وسلم؛ فلهذا قال له عمر ما قال، وإنما امتنع من هذه الحلة لأنها كانت حريرا خالصا أو أكثرها حرير وقد قيل: إن السيراء نوع من البرود، يخالطه حرير، سمي سيراء لتخطيط فيه، والثوب المسير الذي فيه سير، أي: طرائق.

                                وقال الخطابي : الحلة السيراء هي المضلعة بالحرير، وسميت سيراء لما فيها من الخطوط التي تشبه السيور.

                                وفي حديث عبد الله بن وديعة ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغسل، ثم لبس من صالح ثيابه " - وذكر بقية الحديث.

                                خرجه الإمام أحمد وابن ماجه ، وقد سبق ذكره.

                                وخرج أبو داود معناه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وعبد الله بن [ ص: 371 ] عمرو بن العاص ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

                                وخرج - أيضا - من حديث يوسف بن سلام أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول على المنبر: " ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين للجمعة سوى ثوبي مهنته ".

                                وفي رواية له: عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

                                وخرجه ابن ماجه وعنده: يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

                                وخرجه - أيضا - من حديث عائشة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بإسناد ضعيف.

                                وخرج البيهقي من رواية حجاج بن أرطاة ، عن أبي جعفر ، عن جابر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة.

                                كذا رواه حفص بن غياث ، عن حجاج .

                                ورواه هشيم ، عن حجاج ، عن أبي جعفر - مرسلا - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يلبس يوم الجمعة برده الأحمر، ويعتم يوم العيدين .

                                خرجه ابن سعد في " طبقاته ".

                                وكذا خرجه عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن جعفر ، عن أبيه - مرسلا.

                                [ ص: 372 ] وهذا المرسل أشبه.

                                وخرج الطبراني من رواية سعد بن الصلت ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه، عن علي بن حسين ، عن ابن عباس قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبس يوم العيد بردة حمراء .

                                وهذا الإسناد غير محفوظ.

                                وخرج الإمام أحمد من رواية فليح بن سليمان ، عن أبي بكر بن المنكدر ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " حق على كل محتلم الغسل يوم الجمعة، ويلبس من صالح ثيابه، وإن كان له طيب مس منه ".

                                كذا رواه فليح ، إنما رواه أبو بكر بن المنكدر ، عن عمرو بن سليم ، عن أبي سعيد .

                                وقد خرجه البخاري فيما تقدم بغير هذا اللفظ.

                                ولا خلاف بين العلماء - فيما نعلمه - في استحباب لبس أجود الثياب لشهود الجمعة والأعياد.

                                وروى وكيع في " كتابه "، عن أبيه، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال: أدركت أشياخ الأنصار من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم الجمعة اغتسلوا، ولبسوا أحسن ثيابهم، وتطيبوا بأطيب طيبهم، ثم راحوا إلى الجمعة.



                                الخدمات العلمية