الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 579 ] ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في المحرم منها استأمن جعفر بن إبراهيم المعروف بالسجان - وكان من أكابر أمراء صاحب الزنج وثقاتهم في أنفسهم - الموفق فأمنه وفرح به وخلع عليه ، وأمره فركب في سمرته فوقف تجاه قصر الملك ، فنادى في الناس وأعلمهم بكذب صاحب الزنج وفجوره ، وأنه في غرور هو ومن اتبعه ، فاستأمن بسبب ذلك بشر كثير منهم ، وبرد قتال الزنج عند ذلك إلى ربيع الآخر . فعند ذلك أمر الموفق أصحابه بمحاصرة السور ، وأمرهم إذا نقبوا السور أن لا يدخلوا البلد حتى يأمرهم ، فنقبوا السور حتى انثلم ثم عجلوا الدخول فدخلوا ، فقاتلهم الزنج فهزمهم المسلمون وتقدموا إلى وسط المدينة فجاءتهم الزنج من كل جانب وخرجت عليهم الكمائن من أماكن لا يهتدون إليها ، فقتلوا من المسلمين خلقا كثيرا واستلبوهم ، وفر الباقون ، فلامهم أبو أحمد على مخالفته من العجلة ، وأجرى الأرزاق على ذرية من قتل منهم ، فحسن ذلك عند الناس جدا ، وظفر أبو العباس ابن الموفق بجماعة من الأعراب وغيرهم ، كانوا يجلبون الطعام إلى الزنج فقتلهم ، وظفر ببهبوذ بن عبد الوهاب فقتله ، وكان ذلك من أكبر الفتح عند المسلمين ، وأعظم الرزايا عند الزنج ، ولله الحمد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وبعث عمرو بن الليث إلى أبي أحمد الموفق ثلاثمائة ألف دينار وخمسين منا من مسك ، وخمسين منا من عنبر ، ومائتي من من عود ، وفضة بقيمة مائة [ ص: 580 ] ألف ، وثيابا من وشي وغلمانا كثيرة جدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها خرج ملك الروم المعروف بابن الصقلبية فحاصر أهل ملطية فأعانهم أهل مرعش ففر الخبيث خاسئا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وغزا الصائفة من ناحية الثغور عامل ابن طولون فقتل من الروم سبعة عشر ألفا . وحج بالناس فيها هارون بن محمد الهاشمي المتقدم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قتل أحمد بن عبد الله الخجستاني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية