الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 663 ] ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في المحرم منها خرج المعتضد من بغداد قاصدا بلاد الموصل لقتال هارون الشاري الخارجي فظفر به ، وهزم أصحابه وكتب بذلك إلى بغداد فلما رجع الخليفة إلى بغداد أمر بصلب هارون وكان صفريا ، فلما صلب قال : لا حكم إلا لله ولو كره المشركون . وكان الحسين بن حمدون قد قاتل الخوارج في هذه الغزوة قتالا شديدا مع الخليفة ، فأطلق الخليفة أباه حمدان بن حمدون من القيود بعدما كان قد سجنه حين أخذ قلعة ماردين من يده وهدمها عليه فأطلقه وخلع عليه وأحسن إليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كتب المعتضد إلى الآفاق برد ما فضل عن سهام ذوي الفرض إذا لم تكن عصبة إلى ذوي الأرحام وذلك عن فتيا أبي حازم القاضي ، وقد قال في فتياه : إن هذا اتفاق من الصحابة إلا زيد بن ثابت فإنه تفرد برد ما فضل والحالة هذه إلى بيت المال . ووافق علي بن محمد بن أبي الشوارب لأبي حازم ، أفتى القاضي يوسف بن يعقوب بقول زيد فلم يلتفت إليه المعتضد ، وأمضى فتيا أبي حازم ومع هذا ولى القاضي يوسف بن يعقوب قضاء الجانب الشرقي وخلع عليه خلعا سنية أيضا ، وقلد أبا حازم قضاء أماكن كثيرة وكذلك لابن أبي الشوارب وخلع عليه خلعا سنية أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 664 ] وفيها وقع الفداء بين المسلمين والروم فاستنقذ من أيديهم من المسلمين ألفان وخمسمائة وأربعة أنفس ، ولله الحمد والمنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها حاصرت الصقالبة الروم في القسطنطينية فاستعان ملك الروم بمن عنده من أسارى المسلمين وأعطاهم سلاحا كثيرا فخرجوا معهم فهزموا الصقالبة ثم خاف ملك الروم من غائلة المسلمين ففرقهم في البلاد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها خرج عمرو بن الليث من نيسابور لبعض أشغاله فخلفه فيها رافع بن هرثمة ودعا على منابرها لمحمد بن زيد المطلبي ولولده من بعده فرجع إليه عمرو وحاصره فيها ولم يزل به حتى أخرجه منها وقتله على بابها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها بعث الخليفة المعتضد وزيره عبيد الله بن سليمان لقتال عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف فلما وصل إليه طلب منه عمر الأمان فأمنه وأخذه معه إلى الخليفة فتلقاه الأمراء عن أمر الخليفة وخلع عليه وأحسن إليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية