الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( قل ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أن في كيفية النظم وجهين : الأول : وهو الأوفق : أنه تعالى لما أورد الدلائل على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام مما ورد في التوراة والإنجيل من البشارة بمقدمه ، ثم ذكر عقيب ذلك شبهات القوم .

                                                                                                                                                                                                                                            فالشبهة الأولى : ما يتعلق بإنكار النسخ .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 137 ] وأجاب عنها بقوله : ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ) [ آل عمران : 93 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            والشبهة الثانية : ما يتعلق بالكعبة ووجوب استقبالها في الصلاة ووجوب حجها .

                                                                                                                                                                                                                                            وأجاب عنها بقوله : ( إن أول بيت وضع للناس ) إلى آخرها ، فعند هذا تمت وظيفة الاستدلال وكمل الجواب عن شبهات أرباب الضلال ، فعند ذلك خاطبهم بالكلام اللين وقال : ( لم تكفرون بآيات الله ) بعد ظهور البينات وزوال الشبهات ، وهذا هو الغاية القصوى في ترتيب الكلام وحسن نظمه .

                                                                                                                                                                                                                                            الوجه الثاني : وهو أنه تعالى لما بين فضائل الكعبة ووجوب الحج ، والقوم كانوا عالمين بأن هذا هو الدين الحق والملة الصحيحة قال لهم : ( لم تكفرون بآيات الله ) بعد أن علمتم كونها حقة صحيحة .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن المبطل إما أن يكون ضالا فقط ، وإما أن يكون مع كونه ضالا يكون مضلا ، والقوم كانوا موصوفين بالأمرين جميعا فبدأ تعالى بالإنكار عليهم في الصفة الأولى على سبيل الرفق واللطف .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية