الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3309 باب مناقب قريش

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب في بيان مناقب قريش، والكلام فيه على أنواع: الأول: من هو الذي تسمى بقريش من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الزبير: قالوا: قريش اسم فهر بن مالك، وما لم يلد فهر فليس من قريش. قال الزبير: قال عمي: فهر هو قريش اسمه، وفهر لقبه، وعن ابن شهاب اسم فهر الذي سمته أمه قريش، وإنما نبذته بهذا كما يسمى الصبي غرارة وشملة، وأشباه ذلك. وقال [ ص: 73 ] ابن دريد: الفهر الحجر الأملس يملأ الكف، وهو مؤنث. وقال أبو ذر الهروي: يذكر ويؤنث. وقال السهيلي: الفهر من الحجارة الطويل، وكنية فهر أبو غالب، وهو جماع قريش. وقال ابن هشام: النضر: هو قريش، فمن كان من ولده فهو قريشي، ومن لم يكن من ولده فليس بقريشي، وهذا قول الجمهور لحديث الأشعث بن قيس، أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد من كندة، قال: فقلت: يا رسول الله، إنا نزعم أنكم منا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا منا، ولا ننتفي من أبينا ". قال: فقال الأشعث بن قيس: فوالله لا أسمع أحدا نفى قريشا من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد. رواه الإمام أحمد، وابن ماجه... قوله: " لا نقفوا منا "، من قولهم: قفوت الرجل إذا قذفته صريحا، وقفوت الرجل أقفوه قفوا إذا رميته باسم قبيح. وقيل: قصي هو قريش. وقال عبد الملك بن مروان: سمعت أن قصيا كان يقال له: قريش، ولم يسم أحد قريشا قبله، والقولان الأولان حكاهما غير واحد من أئمة علم النسب كأبي عمر بن عبد الله، والزبير بن بكار، ومصعب، وأبي عبيدة، والصحيح الذي عليه الجمهور هو النضر، وقيل: الصحيح هو فهر.

                                                                                                                                                                                  النوع الثاني: في وجه التسمية بقريش، وفيه خمسة عشر قولا: الأول: أنه من التقرش، وهو التكسب والتجارة، وكانت قريش يتقرشون في البياعات، وهذا قاله ابن هشام. الثاني: ما قاله ابن إسحاق: إنما سميت قريش قريشا لتجمعها من تفرقها، يقال للتجمع التقرش. الثالث: ما قاله ابن الكلبي: كان النضر يسمى قريشا؛ لأنه كان يقرش عن خلة الناس وحاجاتهم فيسدها، وكان بنوه يقرشون أهل الموسم، أي: يفتشون عن حاجاتهم فيرفدونهم بما يبلغهم إلى بلادهم. الرابع: أن لفظ قريش تصغير قرش، وهو دابة في البحر لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته، قاله ابن عباس رواه البيهقي. الخامس: أنه جاء النضر بن كنانة في ثوب له مجتمعا، قالوا: قد تقرش في ثوبه. السادس: أنه جاء إلى قومه فقالوا: كأنه جمل قريش، أي: شديد. السابع: قاله الزهري: إنه نبذته أمه بقريش كما ذكرناه. الثامن: قاله الزبير سمي نضر قريشا برجل يقال له: قريش بن بدر بن مخلد بن النضر، كان دليل بني كنانة في تجاراتهم. التاسع: ما قيل: إن قصيا قرشها، أي: جمعها، فسمي قريشا، ومجمعا أيضا. العاشر: سميت قريش بذلك لتجمعهم في الحرم. الحادي عشر: من تقرش الرجل إذا تنزه عن مدانس الأمور. الثاني عشر: من تقارشت الرماح إذا تداخلت في الحرب. الثالث عشر: من أقرش به إذا سعى به، ووقع فيه. الرابع عشر: من أقرشت الشجة إذا صدعت العظم ولم تهشمه. الخامس عشر: من تقرش فلان الشيء إذ أخذه أولا فأولا.

                                                                                                                                                                                  النوع الثالث: فيما جاء فيهم، فروي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من يريد هوان قريش أهانه الله ". وعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى هاشما من قريش، واصطفاني من بني هاشم ". رواه مسلم، وكانت لقريش في الجاهلية مكارم منها السقاية، والعمارة، والرفادة، والعقاب، والحجابة، والندوة، واللواء، والمشورة، والأشناق، والقبة، والأعنة، والسفارة، والأيسار، والحكومة، والأموال المحجرة، وكانوا يسمون آل الله، وجيران الله، والنسبة إلى قريش قريشي. وعن الخليل: قرشي أيضا، فإن أردت بقريش الحي صرفته، وإن أردت به القبيلة لم تصرفه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية