الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ذكر ذي الكفل]

اختلفوا هل كان نبيا أم لا على قولين: أحدهما: أنه لم يكن نبيا إنما كان عبدا صالحا . قاله أبو موسى الأشعري ، ومجاهد في آخرين . ثم اختلف هؤلاء في علة تسميته بذي الكفل على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن رجلا كان يصلي كل يوم مائة صلاة فتوفي فكفل هذا بصلاته ، فسمي ذا الكفل . قاله أبو موسى .

والثاني: أنه تكفل للنبي بقومه أن يكفيه أمرهم وتعهد أن يقضي بينهم بالعدل ففعل ، فسمي ذا الكفل . قاله مجاهد .

والثالث: أن ملكا قتل في يوم ثلاثمائة نبي وفر منه مائة نبي ، فكفلهم ذو الكفل يطعمهم ويسقيهم حتى أفلتوا . فسمي ذا الكفل ، قاله ابن السائب .

والقول الثاني: أنه كان نبيا . قاله الحسن وعطاء وأهل الكتاب .

وقد روى الضحاك عن ابن عباس أن ذا الكفل هو يوشع بن نون .

وفي رواية عن ابن عباس ، قال: كان ذو الكفل من أولاد أيوب ، فأرسله الله تعالى داعيا إلى توحيده بالشام .

وقال غيره: هو اليسع بن أخطوب ، وكان قبل داود .

قال وهب: كان بعد اليسع .

قال عطاء: وإنما سمي بذي الكفل؛ لأن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء: إني أريد أن أقبض روحك ، فاعرض ملكك على بني إسرائيل ، فمن تكفل لك بأنه يصلي الليل لا يفتر ، ويصوم النهار لا يفطر ، ويقضي بين الناس فلا يغضب فارفع ملكك إليه ففعل ذلك ، فقام شاب ، فقال: أنا أتكفل لك بهذا ، فكفل به فوفى .

وحكى بعض علماء السير: أنه كان في زمن ذي الكفل جبار من العماليق فدعاه ذو الكفل إلى الإيمان وضمن له الجنة ، فقال: من كفل لي بذلك ، قال: أنا ، وكتب له كتابا تكفل له بالجنة إن هو آمن . فترك الملك ملكه ولحق بالنساك . فلما مات دفن الكتاب معه ، فبعث الله الكتاب إلى ذي الكفل وأخبره أنه وفى الملك بما ضمن له ، فآمن به مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، وتكفل لهم بمثل ما تكفل لملكهم ، فسماه الله تعالى ذا [ ص: 389 ] الكفل .

وأقام ذو الكفل عمره بالشام حتى مات وهو ابن خمس وسبعين سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية