الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب الوضوء من مس الذكر

                                                                                                          82 حدثنا إسحق بن منصور قال حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة قال أخبرني أبي عن بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مس ذكره فلا يصل حتى يتوضأ قال وفي الباب عن أم حبيبة وأبي أيوب وأبي هريرة وأروى ابنة أنيس وعائشة وجابر وزيد بن خالد وعبد الله بن عمرو قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال هكذا رواه غير واحد مثل هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة وروى أبو أسامة وغير واحد هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه حدثنا بذلك إسحق بن منصور حدثنا أبو أسامة بهذا وروى هذا الحديث أبو الزناد عن عروة عن بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا بذلك علي بن حجر قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وبه يقول الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق قال محمد وأصح شيء في هذا الباب حديث بسرة وقال أبو زرعة حديث أم حبيبة في هذا الباب صحيح وهو حديث العلاء بن الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة وقال محمد لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان وروى مكحول عن رجل عن عنبسة غير هذا الحديث وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن بسرة بنت صفوان ) بضم الموحدة وسكون السين صحابية لها سابقة وهجرة عاشت إلى ولاية معاوية .

                                                                                                          قوله : ( ومن مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ ) فيه دليل على أن مس الذكر ينقض الوضوء ، والمراد مسه من غير حائل لما أخرج ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة " إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب ولا ستر فقد وجب عليه الوضوء " وصححه الحاكم وابن عبد البر ، وقال ابن السكن هو أجود ما روي في هذا الباب .

                                                                                                          [ ص: 228 ] قوله : ( وفي الباب عن أم حبيبة وأبي أيوب وأبي هريرة وأروى ابنة أنيس وعائشة وجابر وزيد بن خالد وعبد الله بن عمرو ) وأيضا في الباب عن سعد بن أبي وقاص وأم سلمة وابن عباس وابن عمر وطلق بن علي والنعمان بن بشير وأنس وأبي بن كعب ومعاوية بن حيدة وقبيصة .

                                                                                                          فأما حديث أم حبيبة فأخرجه ابن ماجه والأثرم وصححه أحمد وأبو زرعة كذا في المنتقى .

                                                                                                          وقال الخلال في العلل : صحح أحمد حديث أم حبيبة ، وقال ابن السكن لا أعلم به علة كذا في التلخيص .

                                                                                                          وأما حديث أبي أيوب فأخرجه ابن ماجه .

                                                                                                          وأما حديث أبي هريرة فتقدم تخريجه .

                                                                                                          وأما حديث أروى ابنة أنيس بضم الهمزة وفتح النون مصغرا فأخرجه البيهقي ، قال الحافظ في التلخيص : وسأل الترمذي البخاري عنه فقال : ما تصنع بهذا؟ لا تشتغل به .

                                                                                                          وأما حديث عائشة فأخرجه الدارقطني وضعفه ، قال الحافظ : وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو .

                                                                                                          وأما حديث جابر فأخرجه ابن ماجه والأثرم وقال ابن عبد البر : إسناده صالح ، وقال الضياء : لا أعلم بإسناده بأسا ، وقال الشافعي : سمعت جماعة من الحفاظ غير ابن نافع يرسلونه .

                                                                                                          وأما حديث زيد بن خالد فأخرجه أحمد والبزار .

                                                                                                          وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه أحمد والبيهقي من طريق بقية حدثني محمد بن الوليد الزبيدي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ قال الترمذي في العلل عن البخاري : هو عندي صحيح .

                                                                                                          وأما حديث سعد بن أبي وقاص فأخرجه الحاكم .

                                                                                                          وأما حديث أم سلمة فذكره الحاكم .

                                                                                                          وأما حديث ابن عباس فأخرجه البيهقي وفي إسناده الضحاك بن حمزة وهو منكر الحديث .

                                                                                                          وأما حديث ابن عمرو فأخرجه الدارقطني والبيهقي .

                                                                                                          وأما حديث علي بن طلق فأخرجه الطبراني وصححه .

                                                                                                          وأما حديث النعمان بن بشير فذكره ابن منده وكذا حديث أنس وأبي بن كعب ومعاوية بن حيدة وقبيصة . كذا في التلخيص ص 46 .

                                                                                                          [ ص: 229 ] قوله : ( هذا ) أي حديث بسرة ( حديث حسن صحيح ) وأخرجه الخمسة كذا في المنتقى ، وقال في النيل : وأخرجه أيضا مالك والشافعي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود ، وقال أبو داود : قلت لأحمد حديث بسرة ليس بصحيح ، قال بل هو صحيح ، وقال الدارقطني صحيح ثابت وصححه أيضا يحيى بن معين فيما حكاه ابن عبد البر وأبو حامد بن الشرقي والبيهقي والحازمي قاله الحافظ .

                                                                                                          قلت : وكل ما طعنوا به في صحة حديث بسرة هذا فهو مدفوع والحق أنه صحيح .

                                                                                                          قوله : ( وهكذا روى غير واحد مثل هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة إلخ ) حاصله أن غير واحد من أصحاب هشام رووا هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة بلا ذكر واسطة بين عروة وبسرة ، وهكذا روى أبو الزناد عن عروة عن بسرة ورواه غير واحد من أصحاب هشام عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة بذكر واسطة مروان بن عروة وبسرة ، وليست رواية من روى بلا ذكر واسطة بين عروة وبسرة بمنقطعة ، قال الحافظ في التلخيص : وقد جزم ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان : قال عروة فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته ، واستدل على ذلك برواية جماعة من الأئمة له عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة . قال عروة : ثم لقيت بسرة فصدقته . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وبه يقول الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق ) وقال الحافظ في كتاب الاعتبار ص 40 : وممن روي عنه الإيجاب يعني [ ص: 230 ] إيجاب الوضوء من مس الذكر من الصحابة عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو أيوب الأنصاري وزيد بن خالد وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وجابر وعائشة وأم حبيبة وبسرة بنت صفوان وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين وابن عباس في إحدى الروايتين رضوان الله عليهم أجمعين ومن التابعين عروة بن الزبير وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح وأبان بن عثمان وجابر بن زيد والزهري ومصعب بن سعد ويحيى بن أبي كثير عن رجال من الأنصار وسعيد بن المسيب في أصح الروايتين وهشام بن عروة والأوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأحمد وإسحاق ، والمشهور من قول مالك أنه كان يوجب منه الوضوء . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( قال أبو زرعة حديث أم حبيبة في هذا الباب أصح ) تقدم تخريج حديث أم حبيبة ( وقال محمد ) يعني البخاري ( لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان ) وكذا قال يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي أنه لم يسمع منه ، وخالفهم دحيم وهو أعرف بحديث الشاميين فأثبت سماع مكحول من عنبسة قاله الحافظ .




                                                                                                          الخدمات العلمية