الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين واستبقا [ ص: 3815 ] الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين

                                                          * * *

                                                          راود من راد، فهو مفاعلة من راد، وأصلها تكرار الفعل مرة بعد أخرى، وهي الأخذ برفق ولطف، وقوله: عن نفسه أي: أنها راودته في نفسه، أو لتحوله عن نفسه وإرادته ليكون لإرادتها هي ورغبتها فيه، وإن هذه المراودة القولية واللين والتلطف معه، لتحوله عن إرادة نفسه إلى إرادتها تبعتها حركة عملية، وغلقت الأبواب ولم يعد منفذ يمكن غيرهما من الاطلاع على ما تريد، وقالت هيت لك أي: أقبل، وقوله: لك أي: النداء له، ولعله تغافل عنها أو لم يستجب ابتداء لكلامها، أو لم يفهم، فقالت: النداء لك، فلما علم ما تريد صراحة من غير مداورة ولا مواربة، صرح هو الآخر بردها، وقال إنه لا يليق به فقال: معاذ الله أي: الله معاذي وملجئي، أعوذ به من أن أفعل مثل هذا; لأنه فوق فحشه، ليس وفاء لرب البيت الذي أكرمني، إنه ربي أحسن مثواي هذه الحماية تعليل لامتناعه عن هذه الفحشاء، أي: لأن زوجها هو ربه الذي أحسن إليه في مثواه، أي: في إقامته في بيته، فلا يخونه وإنه حينئذ، يكون خائنا وظالما، إنه لا يفلح الظالمون لا يفوزون بخير قط. [ ص: 3816 ]

                                                          وقد كان أدبه النبوي أن يتكلم عن نفسه، لترعوي هي في نفسها، وتمتنع عما هي مقدمة عليه، فهو قد أكرمها، وأعزها وهي زوجه، وأجدر من فتاها بالوفاء.

                                                          ولكنها أصرت، وسارت في الغي إلى أقصى مداه

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية