الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حبب ]

                                                          حبب : الحب : نقيض البغض . والحب : الوداد والمحبة ، وكذلك الحب بالكسر . وحكي عن خالد بن نضلة : ما هذا الحب الطارق ؟ وأحبه فهو محب ، وهو محبوب ، على غير قياس هذا الأكثر ، وقد قيل محب ، على القياس . قال الأزهري : وقد جاء المحب شاذا في الشعر ؛ قال عنترة :


                                                          ولقد نزلت ، فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم

                                                          وحكى الأزهري عن الفراء قال : وحببته ، لغة . قال غيره : وكره بعضهم حببته ، وأنكر أن يكون هذا البيت لفصيح ، وهو قول عيلان بن شجاع النهشلي :


                                                          أحب أبا مروان من أجل تمره     وأعلم أن الجار بالجار أرفق
                                                          فأقسم ، لولا تمره ما حببته     ولا كان أدنى من عبيد ومشرق



                                                          وكان أبو العباس المبرد يروي هذا الشعر :


                                                          وكان عياض منه أدنى ومشرق



                                                          وعلى هذه الرواية لا يكون فيه إقواء . وحبه يحبه ، بالكسر ، فهو محبوب . قال الجوهري : وهذا شاذ لأنه لا يأتي في المضاعف يفعل بالكسر ، إلا ويشركه يفعل بالضم ، إذا كان متعديا ، ما خلا هذا الحرف . وحكى سيبويه : حببته وأحببته بمعنى . أبو زيد : أحبه الله فهو محبوب . قال : ومثله محزون ، ومجنون ، ومزكوم ، ومكزوز ، ومقرور ، وذلك أنهم يقولون : قد فعل بغير ألف في هذا كله ، ثم يبنى مفعول على فعل ، وإلا فلا وجه له ، فإذا قالوا : أفعله الله ، فهو كله بالألف ؛ وحكى اللحياني عن بني سليم : ما أحبت ذلك ، أي ما أحببت ، كما قالوا : ظنت ذلك ، أي ظننت ، ومثله ما حكاه سيبويه من قولهم ظلت . وقال :


                                                          في ساعة يحبها الطعام



                                                          أي يحب فيها . واستحبه كأحبه . والاستحباب كالاستحسان . وإنه لمن حبة نفسي أي ممن أحب . وحبتك : ما أحببت أن تعطاه ، أو يكون لك . واختر حبتك ومحبتك من الناس وغيرهم أي الذي تحبه . والمحبة أيضا : اسم للحب . والحباب ، بالكسر : المحابة والموادة والحب . قال أبو ذؤيب :


                                                          فقلت لقلبي : يا لك الخير ، إنما     يدليك ، للخير الجديد حبابها

                                                          [ ص: 7 ] وقال صخر الغي :


                                                          إني بدهماء عز ما أجد     عاودني ، من حبابها الزؤد



                                                          وتحبب إليه : تودد . وامرأة محبة لزوجها ومحب أيضا ، عن الفراء . الأزهري : يقال : حب الشيء فهو محبوب ، ثم لا يقولون : حببته ، كما قالوا : جن فهو مجنون ، ثم يقولون : أجنه الله . والحب : الحبيب ، مثل خدن وخدين ، قال ابن بري ، رحمه الله : الحبيب يجيء تارة بمعنى المحب ، كقول المخبل :


                                                          أتهجر ليلى ، بالفراق ، حبيبها     وما كان نفسا ، بالفراق ، تطيب

                                                          أي محبها ، ويجيء تارة بمعنى المحبوب كقول ابن الدمينة :


                                                          وإن الكثيب الفرد ، من جانب الحمى     إلي ، وإن لم آته ، لحبيب



                                                          أي لمحبوب . والحب : المحبوب ، وكان زيد بن حارثة ، رضي الله عنه ، يدعى : حب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، والأنثى بالهاء ؛ وفي الحديث : ومن يجترئ على ذلك إلا أسامة ، حب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أي محبوبه ، وكان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يحبه كثيرا . وفي حديث فاطمة ، رضوان الله عليها ، قال لها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن عائشة : إنها حبة أبيك . الحب بالكسر : المحبوب ، والأنثى : حبة ، وجمع الحب أحباب ، وحبان ، وحبوب ، وحببة ، وحب ؛ هذه الأخيرة إما أن تكون من الجمع العزيز ، وإما أن تكون اسما للجمع . والحبيب والحباب بالضم : الحب ، والأنثى بالهاء . الأزهري : يقال للحبيب : حباب ، مخفف . وقال الليث : الحبة والحب بمنزلة الحبيبة والحبيب . وحكى ابن الأعرابي : أنا حبيبكم أي محبكم وأنشد :


                                                          ورب حبيب ناصح غير محبوب



                                                          والحباب ، بالضم : الحب . قال أبو عطاء السندي ، مولى بني أسد :


                                                          فوالله ما أدري ، وإني لصادق     أداء عراني من حبابك أم سحر



                                                          قال ابن بري : المشهور عند الرواة : من حبابك بكسر الحاء ، وفيه وجهان : أحدهما أن يكون مصدر حاببته محابة وحبابا ، والثاني أن يكون جمع حب مثل عش وعشاش ، ورواه بعضهم : من جنابك ، بالجيم والنون أي ناحيتك . وفي حديث أحد :هو جبل يحبنا ونحبه . قال ابن الأثير : هذا محمول على المجاز ، أراد أنه جبل يحبنا أهله ، ونحب أهله ، وهم الأنصار ؛ ويجوز أن يكون من باب المجاز الصريح ، أي إننا نحب الجبل بعينه لأنه في أرض من نحب . وفي حديث أنس ، رضي الله عنه : انظروا حب الأنصار التمر ، يروى بضم الحاء ، وهو الاسم من المحبة ، وقد جاء في بعض الروايات ، بإسقاط انظروا ، وقال : حب الأنصار التمر ، فيجوز أن يكون بالضم كالأول ، وحذف الفعل وهو مراد للعلم به ، أو على جعل التمر نفس الحب مبالغة في حبهم إياه ، ويجوز أن تكون الحاء مكسورة ، بمعنى المحبوب ، أي محبوبهم التمر ، وحينئذ يكون التمر على الأول ، وهو المشهور في الرواية منصوبا بالحب ، وعلى الثاني والثالث مرفوعا على خبر المبتدأ . وقالوا : حب بفلان ، أي ما أحبه إلي ؛ قال أبو عبيد : معناه حبب بفلان ، بضم الباء ، ثم سكن وأدغم في الثانية . وحببت إليه : صرت حبيبا ، ولا نظير له إلا شررت ، من الشر ، وما حكاه سيبويه عن يونس قولهم : لببت من اللب . وتقول : ما كنت حبيبا ، ولقد حببت ، بالكسر ، أي صرت حبيبا . وحبذا الأمر أي هو حبيب . قال سيبويه : جعلوا حب مع ذا ، بمنزلة الشيء الواحد ، وهو عنده اسم ، وما بعده مرفوع به ، ولزم ذا حب ، وجرى كالمثل ؛ والدليل على ذلك أنهم يقولون في المؤنث : حبذا ، ولا يقولون : حبذه . ومنه قولهم : حبذا زيد ، فحب فعل ماض لا يتصرف ، وأصله حبب ، على ما قاله الفراء ، وذا فاعله ، وهو اسم مبهم من أسماء الإشارة ، جعلا شيئا واحدا ، فصارا بمنزلة اسم يرفع ما بعده ، وموضعه رفع بالابتداء ، وزيد خبره ، ولا يجوز أن يكون بدلا من ذا ؛ لأنك تقول حبذا امرأة ، ولو كان بدلا لقلت : حبذه المرأة . قال جرير :


                                                          يا حبذا جبل الريان من جبل     وحبذا ساكن الريان من كانا
                                                          وحبذا نفحات من يمانية     تأتيك ، من قبل الريان ، أحيانا



                                                          الأزهري : وأما قولهم : حبذا كذا وكذا ، بتشديد الباء ، فهو حرف معنى ، ألف من حب وذا . يقال : حبذا الإمارة ، والأصل حبب ذا ، فأدغمت إحدى الباءين في الأخرى وشددت ، وذا إشارة إلى ما يقرب منك . وأنشد بعضهم :


                                                          حبذا رجعها إليها يديها     في يدي درعها تحل الإزارا



                                                          كأنه قال : حبب ذا ، ثم ترجم عن ذا ، فقال هو رجعها يديها إلى حل تكتها أي ما أحبه ، ويدا درعها كماها . وقال أبو الحسن بن كيسان : حبذا كلمتان جعلتا شيئا واحدا ، ولم تغيرا في تثنية ، ولا جمع ، ولا تأنيث ، ورفع بها الاسم ، تقول : حبذا زيد ، وحبذا الزيدان ، وحبذا الزيدون ، وحبذا هند ، وحبذا أنت ، وأنتما ، وأنتم . وحبذا يبتدأ بها ، وإن قلت : زيد حبذا ، فهي جائزة ، وهي قبيحة ؛ لأن حبذا كلمة مدح يبتدأ بها لأنها جواب ، وإنما لم تثن ، ولم تجمع ، ولم تؤنث ؛ لأنك إنما أجريتها على ذكر شيء سمعته ، فكأنك قلت : حبذا الذكر ، ذكر زيد ، فصار زيد موضع ذكره ، وصار ذا مشارا إلى الذكرية ، والذكر مذكر . وحبذا في الحقيقة : فعل واسم ، حب بمنزلة نعم ، وذا فاعل ، بمنزلة الرجل . الأزهري قال : وأما حبذا ، فإنه حب ذا ، فإذا وصلت رفعت به فقلت : حبذا زيد . وحبب إليه الأمر : جعله يحبه . وهم يتحابون : أي يحب بعضهم بعضا . وحب إلي هذا الشيء يحب حبا . قال ساعدة :


                                                          هجرت غضوب ، وحب من يتجنب     وعدت عواد دون وليك تشعب



                                                          وأنشد الأزهري :

                                                          [ ص: 8 ]

                                                          دعانا ، فسمانا الشعار ، مقدما     وحب إلينا أن نكون المقدما



                                                          وقول ساعدة : وحب من يتجنب أي حب بها إلي متجنبة . وفي الصحاح في هذا البيت : وحب من يتجنب ، وقال : أراد حبب ، فأدغم ، ونقل الضمة إلى الحاء ؛ لأنه مدح ، ونسب هذا القول إلى ابن السكيت . وحبابك أن يكون ذلك ، أو حبابك أن تفعل ذلك أي غاية محبتك ؛ وقال اللحياني : معناه مبلغ جهدك ، ولم يذكر الحب ؛ ومثله : حماداك . أي جهدك وغايتك . الأصمعي : حب بفلان أي ما أحبه إلي ! وقال الفراء : معناه حبب بفلان ، بضم الباء ، ثم أسكنت وأدغمت في الثانية . وأنشد الفراء :


                                                          وزاده كلفا في الحب أن منعت     وحب شيئا إلى الإنسان ما منعا



                                                          قال : وموضع ما ، رفع ، أراد حبب فأدغم . وأنشد شمر :


                                                          ولحب بالطيف الملم خيالا



                                                          أي ما أحبه إلي ، أي أحبب به ، والتحبب إظهار الحب ، وحبان وحبان : اسمان موضوعان من الحب . والمحبة والمحبوبة جميعا : من أسماء مدينة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حكاهما كراع ، لحب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه إياها . ومحبب : اسم علم ، جاء على الأصل ، لمكان العلمية ، كما جاء مكوزة ومزيد ؛ وإنما حملهم على أن يزنوا محببا بمفعل ، دون فعلل ؛ لأنهم وجدوا ما تركب من ح ب ب ، ولم يجدوا م ح ب ، ولولا هذا ، لكان حملهم محببا على فعلل أولى ؛ لأن ظهور التضعيف في فعلل ، هو القياس والعرف ، كقردد ومهدد . وقوله أنشده ثعلب :


                                                          يشج به الموماة مستحكم القوى     له ، من أخلاء الصفاء ، حبيب



                                                          فسره فقال : حبيب أي رفيق . والإحباب : البروك . وأحب البعير : برك . وقيل : الإحباب في الإبل ، كالحران في الخيل ، وهو أن يبرك فلا يثور . قال أبو محمد الفقعسي :


                                                          حلت عليه بالقفيل ضربا     ضرب بعير السوء إذ أحبا



                                                          القفيل : السوط . وبعير محب . وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي أي لصقت بالأرض ، لحب الخيل ، حتى فاتتني الصلاة . وهذا غير معروف في الإنسان ، وإنما هو معروف في الإبل . وأحب البعير أيضا إحبابا : أصابه كسر أو مرض ، فلم يبرح مكانه حتى يبرأ أو يموت . قال ثعلب : ويقال للبعير الحسير : محب . وأنشد يصف امرأة ، قاست عجيزتها بحبل ، وأرسلت به إلى أقرانها :


                                                          جبت نساء العالمين بالسبب     فهن بعد ، كلهن كالمحب



                                                          أبو الهيثم : الإحباب أن يشرف البعير على الموت من شدة المرض فيبرك ، ولا يقدر أن ينبعث . قال الراجز :


                                                          ما كان ذنبي في محب بارك     أتاه أمر الله ، وهو هالك



                                                          والإحباب : البرء من كل مرض . ابن الأعرابي : حب : إذا أتعب ، وحب : إذا وقف ، وحب : إذا تودد ، واستحبت كرش المال : إذا أمسكت الماء وطال ظمؤها ؛ وإنما يكون ذلك ، إذا التقت الطرف والجبهة ، وطلع معهما سهيل . والحب : الزرع ، صغيرا كان أو كبيرا ، واحدته حبة ؛ والحب معروف مستعمل في أشياء جمة : حبة من بر ، وحبة من شعير ، حتى يقولوا : حبة من عنب ؛ والحبة من الشعير والبر ونحوهما ، والجمع حبات وحب وحبوب وحبان ، الأخيرة نادرة ؛ لأن فعلة لا تجمع على فعلان ، إلا بعد طرح الزائد . وأحب الزرع وألب : إذا دخل فيه الأكل ، وتنشأ فيه الحب واللب . والحبة السوداء ، والحبة الخضراء ، والحبة من الشيء : القطعة منه . ويقال للبرد : حب الغمام ، وحب المزن ، وحب قر . وفي صفته ، صلى الله عليه وسلم : ويفتر عن مثل حب الغمام ، يعني البرد ، شبه به ثغره في بياضه وصفائه وبرده . قال ابن السكيت : وهذا جابر بن حبة اسم للخبز ، وهو معرفة . وحبة : اسم امرأة ؛ قال :


                                                          أعيني ! ساء الله من كان سره     بكاؤكما ، أو من يحب أذاكما
                                                          ولو أن منظورا وحبة أسلما     لنزع القذى ، لم يبرئا لي قذاكما



                                                          قال ابن جني : حبة امرأة علقها رجل من الجن ، يقال له منظور ، فكانت حبة تتطبب بما يعلمها منظور . والحبة : بزور البقول والرياحين ، واحدها حب . الأزهري عن الكسائي : الحبة : حب الرياحين ، وواحده حبة ؛ وقيل : إذا كانت الحبوب مختلفة من كل شيء شيء ، فهي حبة ؛ وقيل : الحبة ، بالكسر : بزور الصحراء ، مما ليس بقوت ؛ وقيل : الحبة : نبت ينبت في الحشيش صغار . وفي حديث أهل النار : فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ؛ قالوا : الحبة إذا كانت حبوب مختلفة من كل شيء ، والحميل : موضع يحمل فيه السيل ، والجمع حبب ؛ وقيل : ما كان له حب من النبات ، فاسم ذلك الحب الحبة . وقال أبو حنيفة : الحبة ، بالكسر : جميع بزور النبات ، واحدتها حبة ، بالفتح ، عن الكسائي . قال : فأما الحب فليس إلا الحنطة والشعير ، واحدتها حبة ، بالفتح ، وإنما افترقا في الجمع . الجوهري : الحبة : واحدة حب الحنطة ، ونحوها من الحبوب ؛ والحبة : بزر كل نبات ينبت وحده من غير أن يبذر ، وكل ما بذر ، فبزره حبة ، بالفتح . وقال ابن دريد : الحبة ، بالكسر ، ما كان من بزر العشب . قال أبو زياد : إذا تكسر اليبيس وتراكم ، فذلك الحبة ، رواه عنه أبو حنيفة . قال : وأنشد قول أبي النجم ، ووصف إبله :


                                                          تبقلت ، من أول التبقل     في حبة جرف وحمض هيكل



                                                          قال الأزهري : ويقال لحب الرياحين : حبة ، وللواحدة منها حبة ؛ والحبة : حب البقل الذي ينتثر ، والحبة : حبة الطعام ، حبة من بر وشعير وعدس وأرز ، وكل ما يأكله الناس . قال الأزهري : وسمعت العرب تقول : رعينا الحبة ، وذلك في آخر الصيف ، إذا هاجت الأرض ، ويبس البقل والعشب ، وتناثرت بزورها وورقها ، فإذا رعتها [ ص: 9 ] النعم سمنت عليها . قال : ورأيتهم يسمون الحبة ، بعد الانتثار ، القميم والقف ؛ وتمام سمن النعم بعد التبقل ، ورعي العشب ، يكون بسف الحبة والقميم . قال : ولا يقع اسم الحبة ، إلا على بزور العشب والبقول البرية ، وما تناثر من ورقها ، فاختلط بها ، مثل القلقلان ، والبسباس ، والذرق ، والنفل ، والملاح ، وأصناف أحرار البقول كلها وذكورها . وحبة القلب : ثمرته وسويداؤه ، وهي هنة سوداء فيه ؛ وقيل : هي زنمة في جوفه . قال الأعشى :


                                                          فأصبت حبة قلبها وطحالها



                                                          الأزهري : حبة القلب : هي العلقة السوداء ، التي تكون داخل القلب ، وهي حماطة القلب أيضا . يقال : أصابت فلانة حبة قلب فلان إذا شغف قلبه حبها . وقال أبو عمرو : الحبة وسط القلب . وحبب الأسنان : تنضدها . قال طرفة :


                                                          وإذا تضحك تبدي حببا     كرضاب المسك بالماء الخصر



                                                          قال ابن بري ، وقال غير الجوهري : الحبب طرائق من ريقها ؛ لأن قلة الريق تكون عند تغير الفم . ورضاب المسك : قطعه . والحبب : ما جرى على الأسنان من الماء ، كقطع القوارير ، وكذلك هو من الخمر ، حكاه أبو حنيفة ؛ وأنشد قول ابن أحمر :


                                                          لها حبب يرى الراءون منها     كما أدميت ، في القرو ، الغزالا



                                                          أراد : يرى الراءون منها في القرو كما أدميت الغزالا . الأزهري : حبب الفم : ما يتحبب من بياض الريق على الأسنان . وحبب الماء ، وحببه وحبابه ، بالفتح : طرائقه ؛ وقيل : حبابه نفاخاته وفقاقيعه ، التي تطفو ، كأنها القوارير ، وهي اليعاليل ؛ وقيل : حباب الماء معظمه . قال طرفة :


                                                          يشق حباب الماء حيزومها بها     كما قسم الترب المفايل باليد



                                                          فدل على أنه المعظم . وقال ابن دريد : الحبب : حبب الماء ، وهو تكسره ، وهو الحباب . وأنشد الليث :


                                                          كأن صلا جهيزة ، حين قامت     حباب الماء يتبع الحبابا



                                                          ويروى : حين تمشي . لم يشبه صلاها ومآكمها بالفقاقيع ، وإنما شبه مآكمها بالحباب ، الذي عليه ، كأنه درج في حدبة ؛ والصلا : العجيزة ، وقيل : حباب الماء موجه ، الذي يتبع بعضه بعضا . قال ابن الأعرابي ، وأنشد شمر :


                                                          سمو حباب الماء حالا على حال



                                                          قال ، وقال الأصمعي : حباب الماء الطرائق التي في الماء ، كأنها الوشي ؛ وقال جرير :


                                                          كنسج الريح تطرد الحبابا



                                                          وحبب الأسنان : تنضدها . وأنشد :


                                                          وإذا تضحك تبدي حببا     كأقاحي الرمل عذبا ، ذا أشر



                                                          أبو عمرو : الحباب : الطل على الشجر يصبح عليه . وفي حديث صفة أهل الجنة : يصير طعامهم إلى رشح ، مثل حباب المسك . قال ابن الأثير : الحباب ، بالفتح : الطل الذي يصبح على النبات ، شبه به رشحهم مجازا ، وأضافه إلى المسك ليثبت له طيب الرائحة . قال : ويجوز أن يكون شبهه بحباب الماء ، وهي نفاخاته التي تطفو عليه ؛ ويقال لمعظم الماء حباب أيضا ، ومنه حديث علي ، رضي الله عنه ، قال لأبي بكر ، رضي الله عنه : طرت بعبابها ، وفزت بحبابها ، أي معظمها . وحباب الرمل وحببه : طرائقه ، وكذلك هما في النبيذ . والحب : الجرة الضخمة . والحب : الخابية ؛ وقال ابن دريد : هو الذي يجعل فيه الماء ، فلم ينوعه ؛ قال : وهو فارسي معرب . قال ، وقال أبو حاتم : أصله حنب ، فعرب ، والجمع أحباب وحببة وحباب . والحبة ، بالضم : الحب ؛ يقال : نعم وحبة وكرامة ؛ وقيل في تفسير الحب والكرامة : إن الحب الخشبات الأربع التي توضع عليها الجرة ذات العروتين ، وإن الكرامة الغطاء الذي يوضع فوق تلك الجرة ، من خشب كان أو من خزف . والحباب : الحية ؛ وقيل : هي حية ليست من العوارم . قال أبو عبيد : وإنما قيل الحباب اسم شيطان ؛ لأن الحية يقال لها شيطان . قال :


                                                          تلاعب مثنى حضرمي ، كأنه     تعمج شيطان بذي خروع ، قفر



                                                          وبه سمي الرجل . وفي حديث : الحباب شيطان ؛ قال ابن الأثير : هو بالضم اسم له ، ويقع على الحية أيضا ، كما يقال لها شيطان ، فهما مشتركان فيهما . وقيل : الحباب حية بعينها ، ولذلك غير اسم حباب ، كراهية للشيطان . والحب : القرط من حبة واحدة ؛ قال ابن دريد : أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي أنه سأل جندل بن عبيد الراعي عن معنى قول أبيه الراعي :


                                                          تبيت الحية النضناض منه     مكان الحب ، يستمع السرارا



                                                          ما الحب ؟ فقال : القرط ؛ فقال : خذوا عن الشيخ ، فإنه عالم . قال الأزهري : وفسر غيره الحب في هذا البيت ، الحبيب ؛ قال : وأراه قول ابن الأعرابي . والحباب ، كالحب . والتحبب : أول الري . وتحبب الحمار وغيره : امتلأ من الماء . قال ابن سيده : وأرى حبب مقولة في هذا المعنى ، ولا أحقها . وشربت الإبل حتى حببت : أي تملأت ريا . أبو عمرو : حببته فتحبب ، إذا ملأته للسقاء وغيره . وحبيب : قبيلة . قال أبو خراش :


                                                          عدونا عدوة لا شك فيها     وخلناهم ذؤيبة ، أو حبيبا



                                                          وذؤيبة أيضا : قبيلة . وحبيب القشيري من شعرائهم . وذرى حبا : اسم رجل . قال :


                                                          إن لها مركنا إرزبا     كأنه جبهة ذرى حبا



                                                          وحبان ، بالفتح : اسم رجل ، موضوع من الحب . وحبى ، على وزن فعلى : اسم امرأة . قال هدبة بن خشرم :

                                                          [ ص: 10 ]

                                                          فما وجدت وجدي بها أم واحد     ولا وجد حبى بابن أم كلاب



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية