الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          جهزهم بجهازهم الذي جاءوا طامعين أن يزيدهم كيل بعير، وحقق ما يبتغون، ومكر بهم مكرا طيبا، ليس خبيثا، ولا اعتداء كما فعلوا هم معه، فجعل الصواع الذي يكال به في رحل أخيه، ولذا قال تعالى: فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون

                                                          وقوله: بجهازهم أي: الجهاز الذي ابتغوه وأرادوه غير منقوص، وقد جعل السقاية في رحل أخيه، أو وضعه في الرحل الذي يحمل البعير المخصص له، ثم بحث عن السقاية، فتبين أنها غير موجودة، وأنها في رحال القوم، فانطلق حراس القافلة منادين، وهذا معنى أذن مؤذن أي: أعلم معلم أيتها العير أي: أيتها القافلة، وهو اسم الإبل التي عليها الأحمال، وهنا مجاز مرسل إذ أطلقت، وأريد راكبوها.

                                                          وفي وصفهم بالسرقة مع أنه لم تكن منهم سرقة، وما كان لنبي الله يوسف أن يكذب، ولو لخير، وقد أجيب عن ذلك بأنه لم يكن هو الذي وصفهم بالسارقين، إنما الحارس المنوط به حراسة حاجة الملك هو الذي قال ذلك، وإن كان [ ص: 3844 ] يوسف هو الذي وصفهم، فالوصف حقيقي، لأنهم سرقوا يوسف من أبيه، فكيف لا يسمون سارقين وقد سرقوا من الأب أعز ولد عنده.

                                                          والسقاية هي المشربة التي يشربون منها، وسميت هنا سقاية، وسميت من بعد بالصواع، لأنها استخدمت سقاية، واستخدمت للكيل، ولا مانع للمقتصد من أن يستخدم أمرا واحدا في حاجتين مختلفتين، وخصوصا إذا كانت غالية في ذاتها، فقد قيل إنها كانت من الفضة أو نحو ذلك، والصواع لغة في الصاع.

                                                          أجابهم العير ماذا تفقدون أي شيء ضاع منكم وتبحثون عنه;

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية