الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حبل ]

                                                          حبل : الحبل : الرباط ، بفتح الحاء ، والجمع أحبل وأحبال وحبال وحبول ؛ وأنشد الجوهري لأبي طالب :


                                                          أمن أجل حبل لا أباك ، ضربته بمنسأة ؟ قد جر حبلك أحبلا



                                                          قال ابن بري : صوابه قد جر حبلك أحبل ؛ قال : وبعده :


                                                          هلم إلى حكم ابن صخرة ، إنه     سيحكم فيما بيننا ، ثم يعدل



                                                          والحبل : الرسن ، وجمعه حبول وحبال . وحبل الشيء حبلا : شده بالحبل ؛ قال :


                                                          في الرأس منها حبه محبول

                                                          ومن أمثالهم يا حابل اذكر حلا أي يا من يشد الحبل اذكر وقت حله . قال ابن سيده : ورواه اللحياني يا حامل ، بالميم ، وهو تصحيف ؛ قال ابن جني : وذاكرت بنوادر اللحياني شيخنا أبا علي فرأيته غير راض بها ، قال : وكان يكاد يصلي بنوادر أبي زيد إعظاما لها ، قال : وقال لي وقت قراءتي إياها عليه ليس فيها حرف إلا ولأبي زيد تحته غرض ما ، قال ابن جني : وهو كذلك لأنها محشوة بالنكت والأسرار ؛ الليث : المحبل الحبل في قول رؤبة :


                                                          كل جلال يملأ المحبلا



                                                          وفي حديث قيس بن عاصم : يغدو الناس بحبالهم فلا يوزع رجل عن جمل يخطمه ؛ يريد الحبال التي تشد فيها الإبل أي يأخذ كل إنسان جملا يخطمه بحبله ويتملكه ؛ قال الخطابي : رواه ابن الأعرابي يغدو الناس بجمالهم ، والصحيح بحبالهم . والحابول : الكر الذي يصعد به على النخل . والحبل : العهد والذمة والأمان وهو مثل الجوار ؛ وأنشد الأزهري :


                                                          ما زلت معتصما بحبل منكم     من حل ساحتكم بأسباب نجا



                                                          بعهد وذمة . والحبل التواصل . ابن السكيت : الحبل الوصال . وقال الله ، عز وجل : واعتصموا بحبل الله جميعا قال أبو عبيد : الاعتصام بحبل الله هو ترك الفرقة واتباع القرآن ، وإياه أراد عبد الله بن مسعود بقوله : عليكم بحبل الله فإنه كتاب الله . وفي حديث الدعاء : يا ذا [ ص: 21 ] الحبل الشديد ؛ قال ابن الأثير : هكذا يرويه المحدثون بالباء ، قال : والمراد به القرآن أو الدين أو السبب ؛ ومنه قوله تعالى : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ووصفه بالشدة لأنها من صفات الحبال ، والشدة في الدين الثبات والاستقامة ؛ قال الأزهري : والصواب الحيل ، بالياء ، وهو القوة ، يقال حيل وحول بمعنى . وفي حديث الأقرع والأبرص والأعمى : " أنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري أي انقطعت بي الأسباب " ، من الحبل السبب . قال أبو عبيد : وأصل الحبل في كلام العرب ينصرف على وجوه منها العهد وهو الأمان . وفي حديث الجنازة : " اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك ؛ كان من عادة العرب أن يخيف بعضها بعضا في الجاهلية ، فكان الرجل إذا أراد سفرا أخذ عهدا من سيد كل قبيلة فيأمن به ما دام في تلك القبيلة حتى ينتهي إلى الأخرى فيأخذ مثل ذلك أيضا ، يريد به الأمان ، فهذا حبل الجوار أي ما دام مجاورا أرضه أو هو من الإجارة الأمان والنصرة ؛ قال : فمعنى قول ابن مسعود عليكم بحبل الله أي عليكم بكتاب الله وترك الفرقة ، فإنه أمان لكم وعهد من عذاب الله وعقابه ؛ وقال الأعشى يذكر مسيرا له :


                                                          وإذا تجوزها حبال قبيلة     أخذت من الأخرى إليك حبالها



                                                          وفي الحديث : " بيننا وبين القوم حبال " أي عهود ومواثيق . وفي حديث ذي المشعار : " أتوك على قلص نواج متصلة بحبائل الإسلام " أي عهوده وأسبابه على أنها جمع الجمع . قال : والحبل في غير هذا المواصلة ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          إني بحبلك واصل حبلي     وبريش نبلك رائش نبلي



                                                          والحبل : حبل العاتق . قال ابن سيده : حبل العاتق عصب ، وقيل : عصبة بين العنق والمنكب ؛ قال ذو الرمة :


                                                          والقرط في حرة الذفرى معلقه     تباعد الحبل منها ، فهو يضطرب



                                                          وقيل : حبل العاتق الطريقة التي بين العنق ورأس الكتف . الأزهري : حبل العاتق وصلة ما بين العاتق والمنكب . وفي حديث أبي قتادة : فضربته على حبل عاتقه ، قال : هو موضع الرداء من العنق ، وقيل : هو عرق أو عصب هناك . وحبل الوريد : عرق يدر في الحلق ، والوريد عرق ينبض من الحيوان لا دم فيه . الفراء في قوله ، عز وجل : ونحن أقرب إليه من حبل الوريد قال : الحبل هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظ الاسمين ، قال : والوريد عرق بين الحلقوم والعلباوين ؛ الجوهري : حبل الوريد عرق في العنق وحبل الذراع في اليد . وفي المثل : هو على حبل ذراعك أي في القرب منك . ابن سيده : حبل الذراع عرق ينقاد من الرسغ حتى ينغمس في المنكب ؛ قال :


                                                          خطامها حبل الذراع أجمع



                                                          وحبل الفقار : عرق ينقاد من أول الظهر إلى آخره ؛ عن ثعلب ؛ وأنشد البيت أيضا :


                                                          خطامها حبل الفقار أجمع



                                                          مكان قوله حبل الذراع ، والجمع كالجمع . وهذا على حبل ذراعك أي ممكن لك لا يحال بينكما ، وهو على المثل ، وقيل : حبال الذراعين العصب الظاهر عليهما ، وكذلك هي من الفرس . الأصمعي : من أمثالهم في تسهيل الحاجة وتقريبها : هو على حبل ذراعك أي لا يخالفك ، قال : وحبل الذراع عرق في اليد ، وحبال الفرس عروق قوائمه ؛ ومنه قول امرئ القيس :


                                                          كأن نجوما علقت في مصامه     بأمراس كتان إلى صم جندل



                                                          والأمراس : الحبال ، الواحدة مرسة ، شبه عروق قوائمه بحبال الكتان ، وشبه صلابة حوافره بصم الجندل ، وشبه تحجيل قوائمه ببياض نجوم السماء . وحبال الساقين : عصبهما . وحبائل الذكر : عروقه . والحبالة : التي يصاد بها ، وجمعها حبائل ، قال : ويكنى بها عن الموت ؛ قال لبيد :


                                                          حبائله مبثوثة بسبيله     ويفنى إذا ما أخطأته الحبائل



                                                          وفي الحديث : ( النساء حبائل الشيطان ) أي مصايده ، واحدتها حبالة ، بالكسر ، وهي ما يصاد بها من أي شيء كان . وفي حديث ابن ذي يزن : ( وينصبون له الحبائل ) . والحابل : الذي ينصب الحبالة للصيد . والمحبول : الوحشي الذي نشب في الحبالة . والحبالة : المصيدة مما كانت . وحبل الصيد حبلا واحتبله : أخذه وصاده بالحبالة أو نصبها له . وحبلته الحبالة : علقته ، وجمعها حبائل ؛ واستعاره الراعي للعين وأنها علقت القذى كما علقت الحبالة الصيد فقال :


                                                          وبات بثدييها الرضيع كأنه     قذى ، حبلته عينها ، لا ينيمها



                                                          وقيل : المحبول الذي نصبت له الحبالة وإن لم يقع فيها . والمحتبل : الذي أخذ فيها ؛ ومنه قول الأعشى :

                                                          ومحبول ومحتبل

                                                          الأزهري : الحبل مصدر حبلت الصيد واحتبلته إذا نصبت له حبالة فنشب فيها وأخذته . والحبالة : جمع الحبل . يقال : حبل وحبال وحبالة مثل جمل وجمال وجمالة وذكر وذكار وذكارة . وفي حديث عبد الله السعدي : سألت ابن المسيب عن أكل الضبع فقال : أويأكلها أحد ؟ فقلت : إن ناسا من قومي يتحبلونها فيأكلونها ، أي يصطادونها بالحبالة . ومحتبل الفرس : أرساغه ؛ ومنه قول لبيد :


                                                          ولقد أغدو ، وما يعدمني     صاحب غير طويل المحتبل



                                                          أي غير طويل الأرساغ ، وإذا قصرت أرساغه كان أشد . والمحتبل من الدابة : رسغها لأنه موضع الحبل الذي يشد فيه . والأحبول : الحبالة . وحبائل الموت : أسبابه ؛ وقد احتبلهم الموت . وشعر محبل : مضفور . وفي حديث قتادة في صفة الدجال ، لعنه الله : إنه محبل الشعر أي كأن كل قرن من قرون رأسه حبل لأنه جعله تقاصيب [ ص: 22 ] لجعودة شعره وطوله ، ويروى بالكاف محبك الشعر . والحبال : الشعر الكثير . والحبلان : الليل والنهار ؛ قال معروف بن ظالم :


                                                          ألم تر أن الدهر يوم وليلة     وأن الفتى يمسي بحبليه عانيا ؟



                                                          وفي التنزيل العزيز في قصة اليهود وذلهم إلى آخر الدنيا وانقضائها : ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس قال الأزهري : تكلم علماء اللغة في تفسير هذه الآية واختلفت مذاهبهم فيها لإشكالها ، فقال الفراء : معناه ضربت عليهم الذلة إلا أن يعتصموا بحبل من الله فأضمر ذلك ؛ قال : ومثله قوله :


                                                          رأتني بحبليها فصدت مخافة     وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق



                                                          أراد رأتني أقبلت بحبليها فأضمر أقبلت كما أضمر الاعتصام في الآية ؛ وروى الأزهري عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال : الذي قاله الفراء بعيد أن تحذف أن وتبقى صلتها ، ولكن المعنى إن شاء الله ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا بكل مكان إلا بموضع حبل من الله ، وهو استثناء متصل كما تقول ضربت عليهم الذلة في الأمكنة إلا في هذا المكان ؛ قال : وقول الشاعر رأتني بحبليها فاكتفى بالرؤية من التمسك ، قال : وقال الأخفش إلا بحبل من الله إنه استثناء خارج من أول الكلام في معنى لكن ، قال الأزهري : والقول ما قال أبو العباس . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( أوصيكم بكتاب الله وعترتي أحدهما أعظم من الآخر وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ) أي نور ممدود ؛ قال أبو منصور : وفي هذا الحديث اتصال كتاب الله ، عز وجل ، وإن كان يتلى في الأرض وينسخ ويكتب ، ومعنى الحبل الممدود نور هداه ، والعرب تشبه النور الممتد بالحبل والخيط ؛ قال الله تعالى : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر يعني نور الصبح من ظلمة الليل ، فالخيط الأبيض هو نور الصبح إذا تبين للأبصار وانفلق ، والخيط الأسود دونه في الإنارة لغلبة سواد الليل عليه ، ولذلك نعت بالأسود ونعت الآخر بالأبيض ، والخيط والحبل قريبان من السواء ، وفي حديث آخر : " وهو حبل الله المتين " أي نور هداه ، وقيل : عهده وأمانه الذي يؤمن من العذاب . والحبل : العهد والميثاق . الجوهري : ويقال للرمل يستطيل حبل ، والحبل الرمل المستطيل شبه بالحبل . والحبل من الرمل : المجتمع الكثير العالي . والحبل : رمل يستطيل ويمتد . وفي حديث عروة بن مضرس : " أتيتك من جبلي طيئ ما تركت من حبل إلا وقفت عليه ؛ الحبل : المستطيل من الرمل ، وقيل الضخم منه ، وجمعه حبال ، وقيل : الحبال في الرمل كالجبال في غير الرمل ؛ ومنه حديث بدر : صعدنا على حبل أي قطعة من الرمل ضخمة ممتدة . وفي الحديث : وجعل حبل المشاة بين يديه أي طريقهم الذي يسلكونه في الرمل ، وقيل : أراد صفهم ومجتمعهم في مشيهم تشبيها بحبل الرمل . وفي صفة الجنة : فإذا فيها حبائل اللؤلؤ ؛ قال ابن الأثير : هكذا جاء في كتاب البخاري ، والمعروف جنابذ اللؤلؤ ، وقد تقدم ، قال : فإن صحت الرواية فيكون أراد به مواضع مرتفعة كحبال الرمل كأنه جمع حبالة ، وحبالة جمع حبل أو هو جمع على غير قياس . ابن الأعرابي : يقال للموت حبيل براح ؛ ابن سيده : فلان حبيل براح أي شجاع ، ومنه قيل للأسد حبيل براح ، يقال ذلك للواقف مكانه كالأسد لا يفر . والحبل والحبل : الداهية ، وجمعها حبول ؛ قال كثير :


                                                          فلا تعجلي ، يا عز ، أن تتفهمي     بنصح أتى الواشون أم بحبول



                                                          وقال الأخطل :


                                                          وكنت سليم القلب حتى أصابني     من اللامعات المبرقات حبول



                                                          قال ابن سيده : فأما ما رواه الشيباني خبول ، بالخاء المعجمة ، فزعم الفارسي أنه تصحيف . ويقال للداهية من الرجال : إنه لحبل من أحبالها ، وكذلك يقال في القائم على المال . ابن الأعرابي : الحبل الرجل العالم الفطن الداهي ؛ قال وأنشدني المفضل :


                                                          فيا عجبا للخود تبدي قناعها     ترأرئ بالعينين للرجل الحبل



                                                          يقال : رأرأت بعينيها وغيقت وهجلت إذا أدارتهما تغمز الرجل . وثار حابلهم على نابلهم إذا أوقدوا الشر بينهم . ومن أمثال العرب في الشدة تصيب الناس : قد ثار حابلهم ونابلهم ؛ والحابل : الذي ينصب الحبالة ، والنابل : الرامي عن قوسه بالنبل ، وقد يضرب هذا مثلا للقوم تتقلب أحوالهم ويثور بعضهم على بعض بعد السكون والرخاء . أبو زيد : من أمثالهم : إنه لواسع الحبل وإنه لضيق الحبل ، كقولك هو ضيق الخلق وواسع الخلق ؛ أبو العباس في مثله : إنه لواسع العطن وضيق العطن . والتبس الحابل بالنابل ؛ الحابل سدى الثوب ، والنابل اللحمة ؛ يقال ذلك في الاختلاط . وحول حابله على نابله أي أعلاه على أسفله ، واجعل حابله نابله ، وحابله على نابله كذلك . والحبلة والحبلة : الكرم ، وقيل الأصل من أصول الكرم ، والحبلة : طاق من قضبان الكرم . والحبل : شجر العنب ، واحدته حبلة . وحبلة عمرو : ضرب من العنب بالطائف ، بيضاء محددة الأطراف متداحضة العناقيد . وفي الحديث : ( لا تقولوا للعنب الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة ) بفتح الحاء والباء وربما سكنت هي القضيب من شجر الأعناب أو الأصل . وفي الحديث : ( لما خرج نوح من السفينة غرس الحبلة ) . وفي حديث ابن سيرين : ( لما خرج نوح من السفينة فقد حبلتين كانتا معه ) فقال له الملك : ذهب بهما الشيطان ، يريد ما كان فيهما من الخمر والسكر . الأصمعي : الجفنة الأصل من أصول الكرم ، وجمعها الجفن ، وهي الحبلة ، بفتح الباء ، ويجوز الحبلة بالجزم . وروي عن أنس بن مالك : أنه كانت له حبلة تحمل كرا وكان يسميها أم العيال ، وهي الأصل من الكرم انتشرت قضبانها عن غراسها وامتدت وكثرت قضبانها حتى بلغ حملها كرا . والحبل : الامتلاء . وحبل من الشراب : امتلأ . ورجل حبلان وامرأة حبلى : ممتلئان من الشراب . والحبال : انتفاخ البطن من الشراب والنبيذ والماء [ ص: 23 ] وغيره ؛ قال أبو حنيفة : إنما هو رجل حبلان وامرأة حبلى ، ومنه حبل المرأة وهو امتلاء رحمها . والحبلان أيضا : الممتلئ غضبا . وحبل الرجل إذا امتلأ من شرب اللبن ، فهو حبلان ، والمرأة حبلى . وفلان حبلان على فلان أي غضبان . وبه حبل أي غضب ، قال : وأصله من حبل المرأة . قال ابن سيده : والحبل الحمل وهو من ذلك لأنه امتلاء الرحم . وقد حبلت المرأة تحبل حبلا ، والحبل يكون مصدرا واسما ، والجمع أحبال ؛ قال ساعدة فجعله اسما :


                                                          ذا جرأة تسقط الأحبال رهبته     مهما يكن من مسام مكره يسم



                                                          ولو جعله مصدرا وأراد ذوات الأحبال لكان حسنا . وامرأة حابلة من نسوة حبلة نادر ، وحبلى من نسوة حبليات وحبالى ، وكان في الأصل حبال كدعاو تكسير دعوى ؛ الجوهري في جمعه : نسوة حبالى وحباليات ، قال : لأنها ليس لها أفعل ، ففارق جمع الصغرى والأصل حبالي ، بكسر اللام ، قال : لأن كل جمع ثالثه ألف انكسر الحرف الذي بعدها نحو مساجد وجعافر ، ثم أبدلوا من الياء المنقلبة من ألف التأنيث ألفا فقالوا حبالى ، بفتح اللام ، ليفرقوا بين الألفين كما قلنا في الصحاري ، وليكون الحبالى كحبلى في ترك صرفها ؛ لأنهم لو لم يبدلوا لسقطت الياء لدخول التنوين كما تسقط في جوار ، وقد رد ابن بري على الجوهري قوله في جمع حبلى حباليات ، قال : وصوابه حبليات . قال ابن سيده : وقد قيل امرأة حبلانة ، ومنه قول بعض نساء الأعراب : أجد عيني هجانة وشفتي ذبانة وأراني حبلانة ، واختلف في هذه الصفة ؛ أعامة للإناث أم خاصة لبعضها ؟ فقيل : لا يقال لشيء من غير الحيوان حبلى إلا في حديث واحد : نهي عن بيع حبل الحبلة ، وهو أن يباع ما يكون في بطن الناقة ، وقيل : معنى حبل الحبلة حمل الكرمة قبل أن تبلغ ، وجعل حملها قبل أن تبلغ حبلا ، وهذا كما نهي عن بيع ثمر النخل قبل أن يزهي ، وقيل : حبل الحبلة ولد الولد الذي في البطن ، وكانت العرب في الجاهلية تتبايع على حبل الحبلة في أولاد أولادها في بطون الغنم الحوامل ، وفي التهذيب : كانوا يتبايعون أولاد ما في بطون الحوامل فنهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك . وقال أبو عبيد : حبل الحبلة نتاج النتاج وولد الجنين الذي في بطن الناقة وهو قول الشافعي ، وقيل : كل ذات ظفر حبلى ؛ قال :

                                                          أو ذيخة حبلى مجح مقرب

                                                          الأزهري : يزيد بن مرة نهي عن حبل الحبلة ، جعل في الحبلة هاء ، قال : وهي الأنثى التي هي حبل في بطن أمها فينتظر أن تنتج من بطن أمها ، ثم ينتظر بها حتى تشب ، ثم يرسل عليها الفحل فتلقح فله ما في بطنها ؛ ويقال : حبل الحبلة للإبل وغيرها ، قال أبو منصور : جعل الأول حبلة بالهاء لأنها أنثى فإذا نتجت الحبلة فولدها حبل ، قال : وحبل الحبلة المنتظرة أن تلقح الحبلة المستشعرة هذي التي في الرحم لأن المضمرة من بعد ما تنتج إمرة . وقال ابن خالويه : الحبل ولد المجر وهو ولد الولد . ابن الأثير في قوله : " نهي عن حبل الحبلة " ، قال : الحبل بالتحريك مصدر سمي به المحمول كما سمي به الحمل ، وإنما دخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه ، والحبل الأول يراد به ما في بطون النوق من الحمل ، والثاني حبل الذي في بطون النوق ، وإنما نهي عنه لمعنيين : أحدهما أنه غرر وبيع شيء لم يخلق بعد وهو أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن أمه على تقدير أن يكون أنثى فهو بيع نتاج النتاج ، وقيل : أراد بحبل الحبلة أن يبيعه إلى أجل ينتج فيه الحمل الذي في بطن الناقة ، فهو أجل مجهول ؛ ولا يصح ومنه حديث عمر لما فتحت مصر : أرادوا قسمها فكتبوا إليه فقال لا حتى يغزو منها حبل الحبلة ؛ يريد حتى يغزو منها أولاد الأولاد ويكون عاما في الناس والدواب أي يكثر المسلمون فيها بالتوالد ، فإذا قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأولاد ، أو يكون أراد المنع من القسمة حيث علقه على أمر مجهول . وسنورة حبلى وشاة حبلى . والمحبل : أوان الحبل . والمحبل : موضع الحبل من الرحم ؛ وروي بيت المتنخل الهذلي :


                                                          إن يمس نشوان بمصروفة     منها بري ، وعلى مرجل
                                                          لا تقه الموت وقياته     خط له ذلك في المحبل



                                                          والأعرف : في المهبل ؛ ونشوان أي سكران ، بمصروفة أي بخمر صرف ، على مرجل أي على لحم في قدر ، وإن كان هذا دائما فليس يقيه الموت ، خط له ذلك في المحبل أي كتب له الموت حين حبلت به أمه ؛ قال أبو منصور : أراد معنى حديث ابن مسعود عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما نطفة ثم علقة كذلك ثم مضغة كذلك ، ثم يبعث الله الملك فيقول له : اكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد فيختم له على ذلك ، فما من أحد إلا وقد كتب له الموت عند انقضاء الأجل المؤجل له ) . ويقال : كان ذلك في محبل فلان أي في وقت حبل أمه به . وحبل الزرع : قذف بعضه على بعض . والحبلة : بقلة لها ثمرة كأنها فقر العقرب تسمى شجرة العقرب ، يأخذها النساء يتداوين بها تنبت بنجد في السهولة . والحبلة : ثمر السلم والسيال والسمر وهي هنة معقفة فيها حب صغار أسود كأنه العدس ، وقيل : الحبلة ثمر عامة العضاه ، وقيل : هو وعاء حب السلم والسمر ، وأما جميع العضاه بعد فإن لها مكان الحبلة السنفة ، وقد أحبل العضاه . والحبلة : ضرب من الحلي يصاغ على شكل هذه الثمرة يوضع في القلائد ؛ وفي التهذيب : كان يجعل في القلائد في الجاهلية ؛ قال عبد الله بن سليم من بني ثعلبة بن الدول :


                                                          ولقد لهوت ، وكل شيء هالك     بنقاة جيب الدرع غير عبوس
                                                          ويزينها في النحر حلي واضح     وقلائد من حبلة وسلوس



                                                          والسلس : خيط ينظم فيه الخرز ، وجمعه سلوس . والحبلة : شجرة يأكلها الضباب . وضب حابل : يرعى الحبلة . والحبلة : بقلة طيبة من ذكور البقل . والحبالة : الانطلاق ؛ وحكى اللحياني : أتيته على حبالة انطلاق ، وأتيته على حبالة ذلك أي على حين ذلك وإبانه . [ ص: 24 ] وهي على حبالة الطلاق أي مشرفة عليه . وكل ما كان على فعالة ، مشددة اللام ، فالتخفيف فيها جائز كحمارة القيظ وحمارته وصبارة البرد وصبارته إلا حبالة ذلك فإنه ليس في لامها إلا التشديد ؛ رواه اللحياني . والمحبل : الكتاب الأول . وبنو الحبلى : بطن ، النسب إليه حبلي ، على القياس ، وحبلي على غيره . والحبل : موضع . الليث : فلان الحبلي منسوب إلى حي من اليمن . قال أبو حاتم : ينسب من بني الحبلى ، وهم رهط عبد الله ابن أبي المنافق ، حبلي ، قال : وقال أبو زيد ينسب إلى الحبلى حبلوي وحبلي وحبلاوي . وبنو الحبلى : من الأنصار ؛ قال ابن بري : والنسبة إليه حبلي ، بفتح الباء . والحبل : موضع بالبصرة ؛ وقول أبي ذؤيب :


                                                          وراح بها من ذي المجاز ، عشية     يبادر أولى السابقين إلى الحبل



                                                          قال السكري : يعني حبل عرفة . والحابل : أرض ؛ عن ثعلب ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          أبني ، إن العنز تمنع ربها     من أن يبيت وأهله بالحابل



                                                          والحبليل : دويبة يموت فإذا أصابه المطر عاش ، وهو من الأمثلة التي لم يحكها سيبويه . ابن الأعرابي : الأحبل والإحبل والحنبل اللوبياء ، والحبل الثقل . ابن سيده : الحبلة ، بالضم ، ثمر العضاه . وفي حديث سعد بن أبي وقاص : ( لقد رأيتنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وما لنا طعام إلا الحبلة وورق السمر ) أبو عبيد : الحبلة والسمر ضربان من الشجر ؛ شمر : السمر شبه اللوبياء وهو العلف من الطلح والسنف من المرخ ، وقال غيره : الحبلة ، بضم الحاء وسكون الباء ، ثمر للسمر يشبه اللوبياء ، وقيل : هو ثمر العضاه ؛ ومنه حديث عثمان ، رضي الله عنه : ( ألست ترعى معوتها وحبلتها ؟ ) الجوهري : ضب حابل يرعى الحبلة . وقال ابن السكيت : ضب حابل ساح يرعى الحبلة والسحاء . وأحبله أي ألقحه . وحبال : اسم رجل من أصحاب طليحة بن خويلد الأسدي أصابه المسلمون في الردة فقال فيه :


                                                          فإن تك أذواد أصبن ونسوة     فلن تذهبوا فرغا بقتل حبال



                                                          وفي الحديث : ( أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أقطع مجاعة بن مرارة الحبل ) بضم الحاء وفتح الباء ، موضع باليمامة ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية