الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حبن ]

                                                          حبن : الحبن : داء يأخذ في البطن فيعظم منه ويرم ، وقد حبن ، بالكسر ، يحبن حبنا ، وحبن حبنا وبه حبن . ورجل أحبن والأحبن : الذي به السقي . والحبن : أن يكون السقي في شحم البطن فيعظم البطن لذلك ، وامرأة حبناء . ويقال لمن سقى بطنه : قد حبن . وفي الحديث : ( أن رجلا أحبن أصاب امرأة فجلد بأثكول النخل ) الأحبن : المستسقي من الحبن ، بالتحريك ، وهو عظم البطن ؛ ومنه الحديث : ( تجشأ رجل في مجلس فقال له رجل : دعوت على هذا الطعام أحدا ؟ قال : لا ، قال : فجعله الله حبنا وقدادا ) القداد وجع البطن . وفي حديث عروة : أن وفد أهل النار يرجعون زبا حبنا ؛ الحبن : جمع الأحبن ؛ وفي شعر جندل الطهوي :


                                                          وعر عدوى من شغاف وحبن



                                                          قال : الحبن الماء الأصفر . والحبناء من النساء : الضخمة البطن تشبيها بتلك . وحبن عليه : امتلأ جوفه غضبا . الأزهري : وفي نوادر الأعراب قال : رأيت فلانا محبئنا ومقطئرا ومصمعدا أي ممتلئا غضبا . والحبن : ما يعتري في الجسد فيقيح ويرم ، وجمعه حبون . والحبن : الدمل ، وسمي الحبن دملا على جهة التفاؤل ، وكذلك سمي السحر طبا . وفي حديث ابن عباس : ( أنه رخص في دم الحبون ) وهي الدماميل ، واحدها حبن وحبنة ، بالكسر ، أي أن دمها معفو عنه إذا كان في الثوب حالة الصلاة . قال ابن بزرج : يقال في أدعية من القوم يتداعون بها صب الله عليك أم حبين ماخضا ، يعنون الدماميل . والحبن والحبنة : كالدمل . وقدم حبناء : كثيرة لحم البخصة حتى كأنها ورمة . والحبن : القرد ؛ عن كراع . وحمامة حبناء : لا تبيض . وابن حبناء : شاعر معروف ؛ سمي بذلك . وأم حبين : دويبة على خلقة الحرباء عريضة الصدر عظيمة البطن ، وقيل : هي أنثى الحرباء وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( أنه رأى بلالا وقد خرج بطنه فقال : أم حبين تشبيها له بها ) وهذا من مزحه ، صلى الله عليه وسلم ، أراد ضخم بطنه ؛ قال أبو ليلى : أم حبين دويبة على قدر الخنفساء يلعب بها الصبيان ؛ ويقولون لها :


                                                          أم حبين ، انشري برديك     إن الأمير والج عليك
                                                          وموجع بسوطه جنبيك



                                                          فتنشر جناحيها ؛ قال رجل من الجن فيما رواه ثعلب :


                                                          وأم حبين قد رحلت لحاجة     برحل علافي ، وأحقبت مزودا



                                                          وهما أما حبين ، وهن أمهات حبين ، بإفراد المضاف إليه ؛ وقول جرير :


                                                          يقول المجتلون عروس تيم     سوى أم الحبين ورأس فيل



                                                          إنما أراد أم حبين ، وهي معرفة ، فزاد اللام فيها ضرورة لإقامة الوزن ، [ ص: 25 ] وأراد سواء فقصر ضرورة أيضا . ويقال لها أيضا حبينة ؛ وأنشد ابن بري :


                                                          طلعت على الحربي يكوي حبينة     بسبعة أعواد من الشبهان



                                                          الجوهري : أم حبين دويبة وهي معرفة مثل ابن عرس وأسامة وابن آوى وسام أبرص وابن قترة إلا أنه تعريف جنس ، وربما أدخل عليه الألف واللام ، ثم لا تكون بحذف الألف واللام منها نكرة ، وهو شاذ ، وأورد بيت جرير أيضا :


                                                          شوى أم الحبين ورأس فيل



                                                          وقال ابن بري في تفسيره : يقول : شواها شوى أم الحبين ورأسها رأس فيل ، قال : وأم حبين وأم الحبين مما تعاقب عليه تعريف العلمية وتعريف اللام ، ومثله غدوة والغدوة ، وفينة والفينة ، وهي دابة على قدر كف الإنسان ؛ وقال ابن السكيت : هي أعرض من العظاء وفي رأسها عرض ؛ وقال ابن زياد : هي دابة غبراء لها قوائم أربع وهي بقدر الضفدعة التي ليست بضخمة ، فإذا طردها الصبيان قالوا لها :


                                                          أم الحبين ، انشري برديك     إن الأمير ناظر إليك



                                                          فيطردونها حتى يدركها الإعياء ، فحينئذ تقف على رجليها منتصبة وتنشر لها جناحين أغبرين على مثل لونها ، وإذا زادوا في طردها نشرت أجنحة كن تحت ذينك الجناحين لم ير أحسن لونا منهن ، ما بين أصفر وأحمر وأخضر وأبيض وهن طرائق بعضهن فوق بعض كثيرة جدا ، وهي في الرقة على قدر أجنحة الفراش ، فإذا رآها الصبيان قد فعلت ذلك تركوها ، ولا يوجد لها ولد ولا فرخ ؛ قال ابن حمزة : الصحيح عندي أن هذه الصفة صفة أم عويف ؛ قال ابن السكيت : أم عويف دابة صغيرة ضخمة الرأس مخضرة ، لها ذنب ولها أربعة أجنحة منها جناحان أخضران ، إذا رأت الإنسان قامت على ذنبها ونشرت جناحيها ، قال الآخر :


                                                          يا أم عوف انشري برديك     إن الأمير واقف عليك
                                                          وضارب بالسوط منكبيك



                                                          ويروى : أم عويف ؛ قال : وهذه الأسماء التي تكتب بها هذه المعارف وأضيفت إليها غير معرفة لها ؛ قال الطرماح :


                                                          كأم حبين لم تر الناس غيرها     وغابت حبين حين غابت بنو سعد



                                                          ومثله لأبي العلاء المعري :


                                                          يتكنى أبا الوفاء رجال     ما وجدنا الوفاء إلا طريحا
                                                          وأبو جعدة ذؤالة ، من جع     دة ؟ لا زال حاملا تتريحا
                                                          وابن عرس ، عرفت وابن بريح     ثم عرسا جهلته وبريحا



                                                          وأما ابن مخاض وابن لبون فنكرتان يتعرفان بالألف واللام تعريف جنس . وفي حديث عقبة : ( أتموا صلاتكم ولا تصلوا صلاة أم حبين ) قال ابن الأثير : هي دويبة كالحرباء عظيمة البطن ، إذا مشت تطأطئ رأسها كثيرا وترفعه لعظم بطنها ، فهي تقع على رأسها وتقوم ، فشبه بها صلاتهم في السجود مثل الحديث الآخر : ( في نقرة الغراب ) . والحبن : الدفلى . وقال أبو حنيفة : الحبن شجرة الدفلى ، أخبر بذلك بعض أعراب عمان . والحبين وحبونن وحبونن : أسماء . وحبونن : اسم واد ؛ عن السيرافي ، وقيل : هو اسم موضع بالبحرين ، وروى ثعلب : حبونى ، بألف غير منونة ؛ وأنشد :


                                                          خليلي ، لا تستعجلا وتبينا     بوادي حبونى ، هل لهن زوال ؟
                                                          ولا تيأسا من رحمة الله ، وادعوا     بوادي حبونى أن تهب شمال



                                                          قال : والأصل حبونن ، وهو المعروف ، وإنما أبدل النون ألفا لضرورة الشعر فأعله ؛ قال وعلة الجرمي :


                                                          ولقد صبحتكم ببطن حبونن     وعلي إن شاء الإله ثناء



                                                          وقال أبو الأخزر الحماني :


                                                          بالثني من بئشة أو حبونن



                                                          وأنشد ابن خالويه :


                                                          سقى أثلة بالفرق فرق حبونن     من الصيف ، زمزام العشي صدوق



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية