الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حتم ]

                                                          حتم : الحتم : القضاء ؛ قال ابن سيده : الحتم إيجاب القضاء . وفي التنزيل العزيز : كان على ربك حتما مقضيا وجمعه حتوم ؛ قال أمية بن أبي الصلت :


                                                          حناني ربنا ، وله عنونا بكفيه المنايا والحتوم



                                                          وفي الصحاح :


                                                          عبادك يخطئون ، وأنت رب     بكفيك المنايا والحتوم



                                                          وحتمت عليك الشيء : أوجبت . وفي حديث الوتر : ( الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة ) الحتم : اللازم الواجب الذي لا بد من فعله . وحتم الله الأمر يحتمه . قضاه . والحاتم : القاضي ، وكانت في العرب امرأة مفوهة يقال لها صدوف ، قالت : لا أتزوج إلا من يرد علي جوابي ، فجاء خاطب فوقف ببابها فقالت : من أنت ؟ فقال : بشر ولد صغيرا ونشأ كبيرا ، قالت : أين منزلك ؟ قال على بساط واسع وبلد شاسع ، قريبه بعيد وبعيده قريب ، فقالت : ما اسمك ؟ قال : من شاء أحدث اسما ، ولم يكن ذلك عليه حتما ، قالت : كأنه لا حاجة لك ، قال : لو لم تكن حاجة لم آتك ، ولم أقف ببابك ، وأصل بأسبابك ، قالت : أسر حاجتك أم جهر ؟ قال : سر وستعلن ! قالت : فأنت خاطب ؟ قال : هو ذاك ، قالت : قضيت ، فتزوجها . والحتم : إحكام الأمر . والحاتم : الغراب الأسود ؛ وأنشد لمرقش السدوسي ، وقيل هو لخزز بن لوذان :


                                                          لا يمنعنك ، من بغا     ء الخير تعقاد التمائم
                                                          ولقد غدوت ، وكنت لا     أغدو ، على واق وحاتم
                                                          فإذا الأشائم كالأيا     من ، والأيامن كالأشائم
                                                          وكذاك لا خير ، ولا     شر على أحد بدائم
                                                          قد خط ذلك في الزبو     ر الأوليات القدائم



                                                          قال : والحاتم المشئوم . والحاتم : الأسود من كل شيء . وفي حديث الملاعنة : ( إن جاءت به أسحم أحتم ) أي أسود . والحتمة بفتح الحاء والتاء : السواد ؛ وقيل : سمي الغراب الأسود حاتما لأنه يحتم عندهم بالفراق إذا نعب أي يحكم . والحاتم : الحاكم الموجب للحكم . ابن سيده : الحاتم غراب البين لأنه يحتم بالفراق ، وهو أحمر المنقار والرجلين ؛ وقال اللحياني : هو الذي يولع بنتف ريشه وهو يتشاءم به ؛ قال خثيم بن عدي ، وقيل الرقاص الكلبي ، يمدح مسعود بن بحر ، قال ابن بري وهو الصحيح :


                                                          وليس بهياب ، إذا شد رحله     يقول : عداني اليوم واق وحاتم



                                                          وأنشده الجوهري : ولست بهياب ؛ قال ابن بري : والصحيح وليس بهياب لأن قبله :


                                                          وجدت أباك الحر بحرا بنجدة     بناها له مجدا أشم قماقم
                                                          وليس بهياب ، إذا شد رحله     يقول : عداني اليوم واق وحاتم
                                                          ولكنه يمضي على ذاك مقدما     إذا صد عن تلك الهنات الخثارم



                                                          وقيل : الحاتم الغراب الأسود لأنه يحتم عندهم بالفراق ؛ قال النابغة :


                                                          زعم البوارح أن رحلتنا غدا     وبذاك تنعاب الغراب الأسود



                                                          وقول مليح الهذلي :


                                                          وصدق طواف تنادوا بردهم     لهاميم غلبا ، والسوام المسرح
                                                          حتوم ظباء واجهتنا مروعة     تكاد مطايانا عليهن تطمح



                                                          يكون حتوم جمع حاتم كشاهد وشهود ، ويكون مصدر حتم . وتحتم : جعل الشيء عليه حتما ؛ قال لبيد :


                                                          ويوم أتانا حي عروة وابنه     إلى فاتك ذي جرأة قد تحتما



                                                          والحتامة : ما بقي على المائدة من الطعام أو ما سقط منه إذا أكل ، وقيل : الحتامة ما فضل من الطعام على الطبق الذي يؤكل عليه . والتحتم : أكل الحتامة وهي فتات الخبز . وفي الحديث : ( من أكل وتحتم دخل الجنة ) التحتم : أكل الحتامة وهي فتات الخبز الساقط على الخوان . وتحتم الرجل إذا أكل شيئا هشا في فيه . الليث : التحتم الشيء إذا أكلته فكان في فمك هشا . والحتمة : السواد . والأحتم : الأسود . والتحتم : الهشاشة . يقال : هو ذو تحتم ، وهو غض المتحتم . والتحتم : تفتت الثؤلول إذا جف . والتحتم : تكسر الزجاج بعضه على بعض . والحتمة : القارورة المفتتة . وفي نوادر الأعراب : يقال تحتمت له بخير أي تمنيت له خيرا وتفاءلت له . ويقال : هو الأخ الحتم أي المحض الحق ؛ وقال أبو خراش يرثي رجلا :


                                                          فوالله لا أنساك ، ما عشت ، ليلة     صفيي من الإخوان والولد الحتم



                                                          وحاتم الطائي : يضرب به المثل في الجود ، وهو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج ؛ قال الفرزدق :


                                                          على حالة لو أن في القوم حاتما     على جوده ما جاد بالمال ، حاتم



                                                          وإنما خفضه على البدل من الهاء في جوده ؛ وقول الشاعر :


                                                          وحاتم الطائي وهاب المئي



                                                          [ ص: 32 ] وهو اسم ينصرف ، وإنما ترك التنوين وجعل بدل كسرة النون لالتقاء الساكنين ، حذف النون للضرورة ؛ قال ابن بري : وهذا الشعر لامرأة من بني عقيل تفخر بأخوالها من اليمن ، وذكر أبو زيد أنه للعامرية ؛ وقبله :


                                                          حيدة خالي ولقيط وعلي     وحاتم الطائي وهاب المئي
                                                          ولم يكن كخالك العبد الدعي     يأكل أزمان الهزال والسني
                                                          هياب عير ميتة غير ذكي



                                                          وتحتم : موضع ؛ قال السليك بن السلكة :


                                                          بحمد الإله وامرئ هو دلني     حويت النهاب من قضيب وتحتما



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية