الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 327 ] ثم دخلت سنة ستين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في عاشر محرم منها عملت الرافضة بدعتهم المحرمة على عادتهم المتقدم ذكرها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ذي القعدة منها أخذت القرامطة دمشق وقتلوا نائبها جعفر بن فلاح من جهة المعز الفاطمي ، وكان رئيس القرامطة وأميرهم الحسين بن أحمد بن بهرام ، وقد أمده عز الدولة من بغداد بسلاح وعدد كثيرة ، ثم ساروا إلى الرملة فأخذوها ، وتحصن من كان فيها من المغاربة بيافا ، فتركوا عليها من يحصرها ، ثم ساروا نحو الديار المصرية في جمع كثير من الأعراب والإخشيدية والكافورية ، فوصلوا عين شمس فاقتتلوا هم وجنود جوهر قتالا شديدا ، والظفر للقرامطة ، وحصروا المغاربة حصرا عظيما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم حملت المغاربة في بعض الأيام على ميمنة القرامطة فهزمتها ، ورجعت القرامطة إلى الشام فجدوا في حصار يافا فأرسل جوهر إلى أصحابه خمسة عشر مركبا ، ميرة لأصحابه ، فأخذتها مراكب القرامطة ، سوى مركبين أخذتها الفرنج . وجرت خطوب كثيرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 328 ] ومن شعر الحسين بن أحمد بن بهرام أمير القرامطة :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      زعمت رجال الغرب أني هبتها فدمي إذن ما بينهم مطلول     يا مصر إن لم أسق أرضك من دم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يروي ثراك فلا سقاني النيل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها تزوج أبو تغلب بن حمدان ابنة بختيار عز الدولة ، وعمرها ثلاث سنين ، على صداق مائة ألف دينار ، ووقع العقد في صفر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها استوزر مؤيد الدولة بن ركن الدولة الصاحب أبا القاسم بن عباد ، فأصلح أموره كلها وساس دولته جيدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أذن بدمشق وسائر الشام بحي على خير العمل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الحافظ ابن عساكر في ترجمة جعفر بن فلاح نائب دمشق : أول من تأمر بها عن الفاطميين وهو الذي أمر بذلك نيابة عن المعز الفاطمي صاحب القاهرة أخبرنا أبو محمد بن الألهاني ، قال : قال أبو بكر أحمد بن محمد بن شرام : وفي يوم الخميس لخمس خلون من صفر سنة ستين وثلاثمائة أعلن المؤذنون في الجامع بدمشق وسائر مآذن البلد ، ومآذن المساجد بحي على خير العمل ، بعد حي على الفلاح ، أمرهم بذلك جعفر بن فلاح ، ولم يقدروا على مخالفته ، ولا وجدوا من المسارعة إلى طاعته بدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم الجمعة ، الثامن من جمادى الآخرة منها أمر المؤذنون أن يثنوا الأذان [ ص: 329 ] والتكبير في الإقامة مثنى مثنى ، وأن يقولوا في الإقامة : حي على خير العمل . فاستعظم الناس ذلك ، وصبروا على حكم الله تبارك وتعالى ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية