الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النوع الثالث والعشرون:

معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته

وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل

أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه، وتفصيله أن يكون مسلما، بالغا، عاقلا، سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة، متيقظا غير مغفل، حافظا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه. وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني. والله أعلم.

[ ص: 548 ] [ ص: 549 ] [ ص: 550 ]

التالي السابق


[ ص: 548 ] [ ص: 549 ] [ ص: 550 ] 79 - قوله: (أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه، وتفصيله أن يكون مسلما، بالغا، عاقلا، سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة) إلى آخر كلامه.

وقد اعترض عليه بأن المروءة لم يشترطها إلا الشافعي وأصحابه، وليس على ما ذكره المعترض، بل الذين لم يشترطوا على الإسلام مزيدا لم [ ص: 551 ] يشترطوا ثبوت العدالة ظاهرا، بل اكتفوا بعدم ثبوت ما ينافي العدالة، فمن ظهر منه ما ينافي العدالة لم يقبلوا شهادته ولا روايته.

وأما من اشترط العدالة - وهم أكثر العلماء - فاشترطوا في العدالة المروءة، ولم يختلف قول مالك وأصحابه في اشتراط المروءة في العدالة مطلقا.

وإنما تفترق العدالة في الشهادة والعدالة في الرواية في اشتراط الحرية، فإنها ليست شرطا في عدالة الرواية بلا خلاف بين أهل العلم، كما حكاه الخطيب في الكفاية، وهي شرط في عدالة الشهادة عند أكثر أهل العلم، وقد ذكر القاضي أبو بكر الباقلاني أن هذا مما تفترق فيه الشهادة والرواية.

وتفترقان أيضا - على قول - في البلوغ؛ فإن شهادة الصبي المميز غير مقبولة عند أصحاب الشافعي والجمهور، [ ص: 552 ] وأما خبره فاختلف تصحيح المتأخرين في مواضع:

فحكى النووي في شرح المهذب عن الجمهور قبول أخبار الصبي المميز فيما طريقه المشاهدة، بخلاف ما طريقه النقل، كالإفتاء ورواية الأخبار ونحوه، وقد سبقه إلى ذلك المتولي فتبعه عليه.

وحكى الرافعي في (استقبال القبلة) عن الأكثرين عدم القبول، وجعل الخلاف أيضا في المميز، ولكنه قيد الخلاف في التيمم بالمراهق، وصحح أيضا عدم القبول، وتبعه عليه النووي. والله تعالى أعلم.




الخدمات العلمية