الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حجر ]

                                                          حجر : الحجر : الصخرة ، والجمع في القلة أحجار وفي الكثرة حجار وحجارة ؛ وقال :


                                                          كأنها من حجار الغيل ، ألبسها مضارب الماء لون الطحلب الترب



                                                          وفي التنزيل : وقودها الناس والحجارة ألحقوا الهاء لتأنيث الجمع كما ذهب إليه سيبويه في البعولة والفحولة . الليث : الحجر جمعه الحجارة وليس بقياس لأن الحجر وما أشبهه يجمع على أحجار ، ولكن يجوز الاستحسان في العربية كما أنه يجوز في الفقه وترك القياس له ؛ كما قال الأعشى يمدح قوما :


                                                          لا ناقصي حسب ولا     أيد ، إذا مدت ، قصاره



                                                          قال : ومثله المهارة والبكارة لجمع المهر والبكر . وروي عن أبي الهيثم أنه قال : العرب تدخل الهاء في كل جمع على فعال أو فعول ، وإنما زادوا هذه الهاء فيها لأنه إذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت ساكنان : أحدهما الألف التي تنحر آخر حرف في فعال ، والثاني آخر فعال المسكوت عليه ، فقالوا : عظام وعظامة ، ونفار ونفارة ، وقالوا : فحالة وحبالة وذكارة وذكورة وفحولة وحمولة . قال الأزهري : وهذا هو العلة التي عللها النحويون ، فأما الاستحسان الذي شبهه بالاستحسان في الفقه فإنه باطل . الجوهري : حجر وحجارة كقولك جمل وجمالة وذكر وذكارة ؛ قال : وهو نادر . الفراء : العرب تقول الحجر الأحجر على أفعل ؛ وأنشد :


                                                          يرميني الضعيف بالأحجر



                                                          قال : ومثله وهو أكبرهم وفرس أطمر وأترج ، يشددون آخر الحرف . ويقال : رمي فلان بحجر الأرض إذا رمي بداهية من الرجال . وفي حديث الأحنف بن قيس أنه قال لعلي حين سمى معاوية أحد الحكمين عمرو بن العاص : إنك قد رميت بحجر الأرض فاجعل معه ابن عباس فإنه لا يعقد عقدة إلا حلها ؛ أي بداهية عظيمة تثبت ثبوت الحجر في الأرض . وفي حديث الجساسة والدجال : ( تبعه أهل الحجر وأهل المدر ) يريد أهل البوادي الذين يسكنون مواضع الأحجار والرمال ، وأهل المدر أهل البادية . وفي الحديث : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) أي الخيبة ؛ ويعني أن الولد لصاحب الفراش من السيد أو الزوج ، وللزاني الخيبة والحرمان ، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب وما بيدك غير الحجر ؛ وذهب قوم إلى أنه كنى بالحجر عن الرجم ؛ قال ابن الأثير : وليس كذلك لأنه ليس كل زان يرجم . والحجر الأسود ، كرمه الله : هو حجر البيت ، حرسه الله ، وربما أفردوه فقالوا الحجر إعظاما له ؛ ومن ذلك قول عمر ، رضي الله [ ص: 40 ] عنه : والله إنك حجر ، ولولا أني رأيت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يفعل كذا ما فعلت ؛ فأما قول الفرزدق :


                                                          وإذا ذكرت أباك أو أيامه     أخزاك حيث تقبل الأحجار



                                                          فإنه جعل كل ناحية منه حجرا ، ألا ترى أنك لو مسست كل ناحية منه لجاز أن تقول مسست الحجر ؟ . وقوله :


                                                          أما كفاها انتياض الأزد حرمتها     في عقر منزلها ، إذ ينعت الحجر ؟



                                                          فسره ثعلب فقال : يعني جبلا لا يوصل إليه . واستحجر الطين : صار حجرا ، كما تقول : استنوق الجمل ، لا يتكلمون بهما إلا مزيدين ولهما نظائر . وأرض حجرة وحجيرة ومتحجرة : كثيرة الحجارة ، وربما كني بالحجر عن الرمل ؛ حكاه ابن الأعرابي ، وبذلك فسر قوله :


                                                          عشية أحجار الكناس رميم



                                                          قال : أراد عشية رمل الكناس ، ورمل الكناس : من بلاد عبد الله بن كلاب . والحجر والحجر والحجر والمحجر ، كل ذلك : الحرام ، والكسر أفصح ، وقرئ بهن : وحرث حجر ؛ وقال حميد بن ثور الهلالي :


                                                          فهممت أن أغشى إليها محجرا     ولمثلها يغشى إليه المحجر



                                                          يقول : لمثلها يؤتى إليه الحرام . وروى الأزهري عن الصيداوي أنه سمع عبويه يقول : المحجر ، بفتح الجيم ، الحرمة ؛ وأنشد :


                                                          وهممت أن أغشى إليها محجرا



                                                          ويقال : تحجر على ما وسعه الله أي حرمه وضيقه . وفي الحديث : ( لقد تحجرت واسعا ) أي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون غيرك ؛ وقد حجره وحجره . وفي التنزيل : ويقولون حجرا محجورا أي حراما محرما . والحاجور : كالمحجر ؛ قال :


                                                          حتى دعونا بأرحام لنا سلفت     وقال قائلهم إني بحاجور



                                                          قال سيبويه : ويقول الرجل للرجل أتفعل كذا وكذا يا فلان ؟ فيقول : حجرا أي سترا وبراءة من هذا الأمر ، وهو راجع إلى معنى التحريم والحرمة . الليث : كان الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول : حجرا محجورا أي حراما محرما عليك في هذا الشهر ؛ فلا يبدؤه منه شر . قال : فإذا كان يوم القيامة ورأى المشركون ملائكة العذاب قالوا : حجرا محجورا وظنوا أن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا ؛ وأنشد :


                                                          حتى دعونا بأرحام لها سلفت     وقال قائلهم : إني بحاجور



                                                          يعني بمعاذ ؛ يقول : أنا متمسك بما يعيذني منك ويحجرك عني ؛ قال : وعلى قياسه العاثور وهو المتلف . قال الأزهري : أما ما قاله الليث من تفسير قوله تعالى : ويقولون حجرا محجورا إنه من قول المشركين للملائكة يوم القيامة ، فإن أهل التفسير الذين يعتمدون مثل ابن عباس وأصحابه فسروه على غير ما فسره الليث ؛ قال ابن عباس : هذا كله من قول الملائكة ، قالوا للمشركين حجرا محجورا أي حجرت عليكم البشرى فلا تبشرون بخير . وروي عن أبي حاتم في قوله : ويقولون حجرا تم الكلام . قال أبو الحسن : هذا من قول المجرمين فقال الله محجورا عليهم أن يعاذوا وأن يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون ، فحجر الله عليهم ذلك يوم القيامة ؛ قال أبو حاتم وقال أحمد اللؤلؤي : بلغني عن ابن عباس أنه قال : هذا كله من قول الملائكة . قال الأزهري : وهذا أشبه بنظم القرآن المنزل بلسان العرب ، وأحرى أن يكون قوله حجرا محجورا كلاما واحدا لا كلامين مع إضمار كلام لا دليل عليه . وقال الفراء : حجرا محجورا أي حراما محرما ، كما تقول : حجر التاجر على غلامه ، وحجر الرجل على أهله . وقرئت حجرا محجورا ؛ أي حراما محرما عليهم البشرى . قال : وأصل الحجر في اللغة ما حجرت عليه أي منعته من أن يوصل إليه . وكل ما منعت منه ، فقد حجرت عليه ؛ وكذلك حجر الحكام على الأيتام : منعهم ؛ وكذلك الحجرة التي ينزلها الناس ، وهو ما حوطوا عليه . والحجر ، ساكن : مصدر حجر عليه القاضي يحجر حجرا إذا منعه من التصرف في ماله . وفي حديث عائشة وابن الزبير : ( لقد هممت أن أحجر عليها ) هو من الحجر المنع ، ومنه حجر القاضي على الصغير والسفيه إذا منعهما من التصرف في مالهما . أبو زيد في قوله : وحرث حجر حرام ويقولون حجرا حراما ، قال : والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة لغتان . وحجر الإنسان وحجره ، بالفتح والكسر : حضنه . وفي سورة النساء : في حجوركم من نسائكم واحدها حجر ، بفتح الحاء . يقال : حجر المرأة وحجرها حضنها ، والجمع الحجور . وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها : ( هي اليتيمة تكون في حجر وليها ) ، ويجوز من حجر الثوب وهو طرفه المتقدم لأن الإنسان يرى ولده في حجره ؛ والولي : القائم بأمر اليتيم . والحجر ، بالفتح والكسر : الثوب والحضن ، والمصدر بالفتح لا غير . ابن سيده : الحجر المنع ، حجر عليه يحجر حجرا وحجرا وحجرا وحجرانا وحجرانا منع منه . ولا حجر عنه أي لا دفع ولا منع . والعرب تقول عند الأمر تنكره : حجرا له ، بالضم ، أي دفعا ، وهو استعاذة من الأمر ؛ ومنه قول الراجز :


                                                          قالت وفيها حيدة وذعر     عوذ بربي منكم وحجر !



                                                          وأنت في حجرتي أي منعتي . قال الأزهري : يقال : هم في حجر فلان أي في كنفه ومنعته ومنعه ، كله واحد ، قاله أبو زيد ؛ وأنشد لحسان بن ثابت :


                                                          أولئك قوم ، لو لهم قيل : أنفدوا     أميركم ، ألفيتموهم أولي حجر



                                                          أي أولي منعة . والحجرة من البيوت : معروفة لمنعها المال ، والحجار : حائطها ، والجمع حجرات وحجرات وحجرات ، لغات كلها . والحجرة : حظيرة الإبل ، ومنه حجرة الدار . تقول : احتجرت حجرة أي اتخذتها ، والجمع حجر مثل غرفة وغرف . وحجرات ، بضم [ ص: 41 ] الجيم . وفي الحديث : ( أنه احتجر حجيرة بخصفة أو حصير ) الحجيرة : تصغير الحجرة ، وهي الموضع المنفرد . وفي الحديث : ( من نام على ظهر بيت ليس عليه حجار فقد برئت منه الذمة ) الحجار جمع حجر ، بالكسر ، أو من الحجرة وهي حظيرة الإبل وحجرة الدار ، أي أنه يحجر الإنسان النائم ويمنعه من الوقوع والسقوط . ويروى حجاب ، بالباء ، وهو كل مانع من السقوط ، ورواها الخطابي حجى ، بالياء ، وسنذكره ؛ ومعنى براءة الذمة منه لأنه عرض نفسه للهلاك ولم يحتزر لها . وفي حديث وائل بن حجر : مزاهر وعرمان ومحجر ؛ محجر بكسر الميم : قرية معروفة ؛ قال ابن الأثير : وقيل هي بالنون ؛ قال : وهي حظائر حول النخل ، وقيل حدائق . واستحجر القوم واحتجروا : اتخذوا حجرة . والحجرة والحجر ، جميعا : للناحية ، الأخيرة عن كراع . وقعد حجرة وحجرا أي ناحية ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          سقانا فلم نهجا من الجوع نقرة     سمارا ، كإبط الذئب سود حواجره



                                                          قال ابن سيده : لم يفسر ثعلب الحواجر . قال : وعندي أنه جمع الحجرة التي هي الناحية على غير قياس ، وله نظائر . وحجرتا العسكر : جانباه من الميمنة والميسرة ؛ وقال :


                                                          إذا اجتمعوا فضضنا حجرتيهم     ونجمعهم إذا كانوا بداد



                                                          وفي الحديث : ( للنساء حجرتا الطريق ) أي ناحيتاه ؛ وقول الطرماح يصف الخمر :


                                                          فلما فت عنها الطين فاحت     وصرح أجود الحجران صافي



                                                          استعار الحجران للخمر لأنها جوهر سيال كالماء ؛ قال ابن الأثير : في الحديث حديث علي ، رضي الله عنه ، الحكم لله :


                                                          ودع عنك نهبا صيح في حجراته



                                                          قال : هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أجل منه ، وهو صدر بيت لامرئ القيس :


                                                          فدع عنك نهبا صيح في حجراته     ولكن حديثا ما حديث الرواحل



                                                          أي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإبل التي ذهبت بها ما فعلت . وفي النوادر : يقال أمسى المال محتجرة بطونه ونجرة ؛ ومال متشدد ومتحجر . ويقال : احتجر البعير احتجارا . والمحتجر من المال : كل ما كرش ولم يبلغ نصف البطنة ولم يبلغ الشبع كله ، فإذا بلغ نصف البطنة لم يقل ، فإذا رجع بعد سوء حال وعجف فقد اجروش ؛ وناس مجروشون . والحجر : ما يحيط بالظفر من اللحم . والمحجر : الحديقة ، مثال المجلس . والمحاجر : الحدائق ؛ قال لبيد :


                                                          بكرت به جرشية مقطورة     تروي المحاجر بازل علكوم



                                                          قال ابن بري : أراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إلى جرش ، وهو موضع باليمن . ومقطورة : مطلية بالقطران . وعلكوم : ضخمة ، والهاء في به تعود على غرب تقدم ذكرها . الأزهري : المحجر المرعى المنخفض ، قال : وقيل لبعضهم : أي الإبل أبقى على السنة ؟ فقال : ابنة لبون ، قيل : لمه ؟ قال : لأنها ترعى محجرا وتترك وسطا ؛ قال : وقال بعضهم : المحجر هاهنا الناحية . وحجرة القوم : ناحية دارهم ؛ ومثل العرب : فلان يرعى وسطا ويربض حجرة أي ناحية . والحجرة : الناحية ، ومنه قول الحارث بن حلزة :


                                                          عننا باطلا وظلما ، كما تع     تر عن حجرة الربيض الظباء



                                                          والجمع حجر وحجرات مثل جمرة وجمر وجمرات ؛ قال ابن بري : هذا مثل وهو أن يكون الرجل وسط القوم إذا كانوا في خير ، وإذا صاروا إلى شر تركهم وربض ناحية ؛ قال : ويقال إن هذا المثل لعيلان بن مضر . وفي حديث أبي الدرداء : ( رأيت رجلا من القوم يسير حجرة ) ، أي ناحية منفردا ، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم . ومحجر العين : ما دار بها وبدا من البرقع من جميع العين ، وقيل : هو ما يظهر من نقاب المرأة وعمامة الرجل إذا اعتم ، وقيل : هو ما دار بالعين من العظم الذي في أسفل الجفن ؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها ؛ وقول الأخطل :


                                                          ويصبح كالخفاش يدلك عينه     فقبح من وجه لئيم ومن حجر !



                                                          فسره ابن الأعرابي فقال : أراد محجر العين . الأزهري : المحجر العين . الجوهري : محجر العين ما يبدو من النقاب . الأزهري : المحجر من الوجه حيث يقع عليه النقاب ، قال : وما بدا لك من النقاب محجر ؛ وأنشد :


                                                          وكأن محجرها سراج الموقد



                                                          وحجر القمر : استدار بخط دقيق من غير أن يغلظ ، وكذلك إذا صارت حوله دارة في الغيم . وحجر عين الدابة وحولها : حلق لداء يصيبها . والتحجير : أن يسم حول عين البعير بميسم مستدير . الأزهري : والحاجر من مسايل المياه ومنابت العشب ما استدار به سند أو نهر مرتفع ، والجمع حجران مثل حائر وحوران ، وشاب وشبان ؛ قال رؤبة :


                                                          حتى إذا ما هاج حجران الدرق



                                                          قال الأزهري : ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة : حاجر . ابن سيده : الحاجر ما يمسك الماء من شفة الوادي ويحيط به . الجوهري : الحاجر والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي ، وهو فاعول من الحجر ، وهو المنع . ابن سيده : قال أبو حنيفة : الحاجر كرم مئناث وهو مطمئن له حروف مشرفة تحبس عليه الماء ، وبذلك سمي حاجرا ، والجمع حجران . والحاجر : منبت الرمث ومجتمعه ومستداره . والحاجر أيضا : الجدر الذي يمسك الماء بين الديار لاستدارته أيضا ؛ وقول الشاعر :

                                                          [ ص: 42 ] وجارة البيت لها حجري

                                                          فمعناه لها خاصة . وفي حديث سعد بن معاذ : لما تحجر جرحه للبرء انفجر ؛ أي اجتمع والتأم وقرب بعضه من بعض . والحجر ، بالكسر : العقل واللب لإمساكه ومنعه وإحاطته بالتمييز ، وهو مشتق من القبيلين . وفي التنزيل : هل في ذلك قسم لذي حجر فأما قول ذي الرمة :


                                                          فأخفيت ما بي من صديقي وإنه     لذو نسب دان إلي وذو حجر



                                                          فقد قيل : الحجر هاهنا العقل ، وقيل : القرابة . والحجر : الفرس الأنثى ، لم يدخلوا فيه الهاء لأنه اسم لا يشركها فيه المذكر ، والجمع أحجار وحجورة وحجور . وأحجار الخيل : ما يتخذ منها للنسل ، لا يفرد لها واحد . قال الأزهري : بلى ! يقال هذه حجر من أحجار خيلي ؛ يريد بالحجر الفرس الأنثى خاصة جعلوها كالمحرمة الرحم إلا على حصان كريم . قال : وقال أعرابي من بني مضرس وأشار إلى فرس له أنثى فقال : هذه الحجر من جياد خيلنا . وحجر الإنسان وحجره : ما بين يديه من ثوبه . وحجر الرجل والمرأة وحجرهما : متاعهما والفتح أعلى . ونشأ فلان في حجر فلان وحجره أي حفظه وستره . والحجر : حجر الكعبة . قال الأزهري : الحجر حطيم مكة ، كأنه حجرة مما يلي المثعب من البيت . قال الجوهري : الحجر حجر الكعبة ، وهو ما حواه الحطيم المدار بالبيت جانب الشمال ؛ وكل ما حجرته من حائط ، فهو حجر . وفي الحديث ذكر الحجر في غير موضع ، قال ابن الأثير : هو اسم الحائط المستدير إلى جانب الكعبة الغربي . والحجر : ديار ثمود ناحية الشام عند وادي القرى ، وهم قوم صالح النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وجاء ذكره في الحديث كثيرا . وفي التنزيل : ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين والحجر أيضا : موضع سوى ذلك . وحجر : قصبة اليمامة ، مفتوح الحاء ، مذكر مصروف ، ومنهم من يؤنث ولا يصرف كامرأة اسمها سهل ، وقيل : هي سوقها ؛ وفي الصحاح : والحجر قصبة اليمامة ، بالتعريف . وفي الحديث : ( إذا نشأت حجرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة ) حجرية ، بفتح الحاء وسكون الجيم . قال ابن الأثير : يجوز أن تكون منسوبة إلى الحجر قصبة اليمامة أو إلى حجرة القوم وهي ناحيتهم ، والجمع حجر كجمرة وجمر ، وإن كانت بكسر الحاء فهي منسوبة إلى أرض ثمود الحجر ؛ وقول الراعي ووصف صائدا :


                                                          توخى حيث قال القلب منه     بحجري ترى فيه اضطمارا



                                                          إنما عنى نصلا منسوبا إلى حجر . قال أبو حنيفة : وحدائد حجر مقدمة في الجودة ؛ وقال رؤبة :


                                                          حتى إذا توقدت من الزرق     حجرية ، كالجمر من سن الدلق



                                                          وأما قول زهير :


                                                          لمن الديار بقنة الحجر



                                                          فإن أبا عمرو لم يعرفه في الأمكنة ولا يجوز أن يكون قصبة اليمامة ولا سوقها لأنها حينئذ معرفة ، إلا أن تكون الألف واللام زائدتين ، كما ذهب إليه أبو علي في قوله :


                                                          ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا     ولقد نهيتك عن بنات الأوبر



                                                          وإنما هي بنات أوبر ؛ وكما روى أحمد بن يحيى من قوله :


                                                          يا ليت أم العمر كانت صاحبي



                                                          وقول الشاعر :


                                                          اعتدت للأبلج ذي التمايل     حجرية خيضت بسم ماثل



                                                          يعني : قوسا أو نبلا منسوبة إلى حجر هذه . والحجران : الذهب والفضة . ويقال للرجل إذا كثر ماله وعدده : قد انتشرت حجرته وقد ارتعج ماله وارتعج عدده . والحاجر : منزل من منازل الحاج في البادية . والحجورة : لعبة يلعب بها الصبيان يخطون خطا مستديرا ويقف فيه صبي وهنالك الصبيان معه . والمحجر ، بالفتح : ما حول القرية ؛ ومنه محاجر أقيال اليمن وهي الأحماء ، كان لكل واحد منهم حمى لا يرعاه غيره . الأزهري : محجر القيل من أقيال اليمن حوزته وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره . وفي الحديث : ( أنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويحجره بالليل ) ، وفي رواية : ( يحتجره ) أي يجعله لنفسه دون غيره . قال ابن الأثير : يقال حجرت الأرض واحتجرتها إذا ضربت عليها منارا تمنعها به عن غيرك . ومحجر ، بالتشديد : اسم موضع بعينه . والأصمعي يقوله بكسر الجيم وغيره يفتح . قال ابن بري : لم يذكر الجوهري شاهدا على هذا المكان ؛ قال : وفي الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغنوي :


                                                          فذوقوا ، كما ذقنا غداة محجر     من الغيظ في أكبادنا والتحوب



                                                          وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال : حدثني أبو عمرو الزاهد عن ثعلب عن عمر بن شبة قال : قال الجارود ، وهو القارئ : وما يخدعون إلا أنفسهم : غسلت ابنا للحجاج ثم انصرفت إلى شيخ كان الحجاج قتل ابنه فقلت له : مات ابن الحجاج فلو رأيت جزعه عليه ، فقال :


                                                          فذوقوا كما ذقنا غداة محجر



                                                          البيت . وحجار ، بالتشديد : اسم رجل من بكر بن وائل . ابن سيده : وقد سموا حجرا وحجرا وحجارا وحجرا وحجيرا . الجوهري : حجر اسم رجل ، ومنه أوس بن حجر الشاعر ؛ وحجر : اسم رجل وهو حجر الكندي الذي يقال له آكل المرار ؛ وحجر بن عدي الذي يقال له الأدبر ، ويجوز حجر مثل عسر وعسر ؛ قال حسان بن ثابت :


                                                          من يغر الدهر أو يأمنه     من قتيل ، بعد عمرو وحجر ؟



                                                          يعني حجر بن النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني . والأحجار : بطون من بني تميم ؛ قال ابن سيده : سموا بذلك لأن أسماءهم جندل وجرول وصخر ؛ وإياهم عنى الشاعر بقوله :

                                                          [ ص: 43 ] وكل أنثى حملت أحجارا

                                                          يعني أمه ، وقيل : هي المنجنيق . وحجور موضع معروف من بلاد بني سعد ؛ قال الفرزدق :

                                                          لو كنت تدري ما برمل مقيد     فقرى عمان إلى ذوات حجور



                                                          وفي الحديث : ( أنه كان يلقى جبريل ، عليهما السلام ، بأحجار المراء ) قال مجاهد : هي قباء . وفي حديث الفتن : عند أحجار الزيت : هو موضع بالمدينة . وفي الحديث في صفة الدجال : ( مطموس العين ليست بناتئة ولا حجراء ) قال ابن الأثير : قال الهروي : إن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست بصلبة متحجرة ؛ قال : وقد رويت جحراء بتقديم الجيم ، وهو مذكور في موضعه . والحنجرة والحنجور : الحلقوم بزيادة النون .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية