الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حجز ]

                                                          حجز : الحجز : الفصل بين الشيئين ، حجز بينهما يحجز حجزا وحجازة فاحتجز ؛ واسم ما فصل بينهما : الحاجز . الأزهري : الحجز أن يحجز بين مقاتلين ، والحجاز الاسم ، وكذلك الحاجز . قال الله تعالى : وجعل بين البحرين حاجزا أي حجازا بين ماء ملح وماء عذب لا يختلطان ، وذلك الحجاز قدرة الله . وحجزه يحجزه حجزا : منعه . وفي الحديث : ( ولأهل القتيل أن ينحجزوا الأدنى فالأدنى أي يكفوا عن القود ) وكل من ترك شيئا فقد انحجز عنه . والانحجاز : مطاوع حجزه إذا منعه ، والمعنى أن لورثة القتيل أن يعفوا عن دمه رجالهم ونساؤهم أيهم عفا ، وإن كانت امرأة ، سقط القود واستحقوا الدية ، وقوله : الأدنى فالأدنى أي الأقرب فالأقرب ؛ وبعض الفقهاء يقول : إنما العفو والقود إلى الأولياء من الورثة لا إلى جميع الورثة ممن ليسوا بأولياء . والمحاجزة : الممانعة . وفي المثل : إن أردت المحاجزة فقبل المناجزة ؛ المحاجزة : المسالمة ، والمناجزة : القتال . وتحاجز الفريقان . وفي المثل : كانت بين القوم رميا ثم صارت إلى حجيزى أي تراموا ثم تحاجزوا ، وهما على مثال خصيصى . والحجيزى : من الحجز بين اثنين . والحجزة ، بالتحريك : الظلمة . وفي حديث قيلة : أيلام ابن ذه أن يفصل الخطة وينتصر من وراء الحجزة ؟ الحجزة : هم الذين يحجزونه عن حقه ، وقال الأزهري : هم الذين يمنعون بعض الناس من بعض ويفصلون بينهم بالحق ، الواحد حاجز ؛ وأراد بابن ذه ولدها ؛ يقول : إذا أصابه خطة ضيم فاحتج عن نفسه وعبر بلسانه ما يدفع به الظلم عنه لم يكن ملوما . والحجاز : البلد المعروف ، سميت بذلك من الحجز الفصل بين الشيئين لأنه فصل بين الغور والشام والبادية ، وقيل : لأنه حجز بين نجد والسراة ، وقيل : لأنه حجز بين تهامة ونجد ، وقيل : سميت بذلك لأنها حجزت بين نجد والغور ، وقال الأصمعي : لأنها احتجزت بالحرار الخمس منها حرة بني سليم وحرة واقم ، قال الأزهري : سمي حجازا لأن الحرار حجزت بينه وبين عالية نجد ، قال : وقال ابن السكيت ما ارتفع عن بطن الرمة فهو نجد ، قال : والرمة واد معلوم ، قال : وهو نجد إلى ثنايا ذات عرق ، قال : وما احتزمت به الحرار حرة شوران وعامة منازل بني سليم إلى المدينة فما احتاز في ذلك الشق كله حجاز ، قال : وطرف تهامة من قبل الحجاز مدارج العرج ، وأولها من قبل نجد مدارج ذات العرق . الأصمعي : إذا عرضت لك الحرار بنجد فذلك الحجاز ؛ وأنشد :


                                                          وفروا بالحجاز ليعجزوني



                                                          أراد بالحجاز الحرار . وفي حديث حريث بن حسان : يا رسول الله ، إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازا بيننا وبين بني تميم أي حدا فاصلا يحجز بيننا وبينهم ، قال : وبه سمي الحجاز الصقع المعروف من الأرض ، ويقال للجبال أيضا : حجاز ؛ ومنه قوله :

                                                          ونحن أناس لا حجاز بأرضنا

                                                          وأحجز القوم واحتجزوا وانحجزوا : أتوا الحجاز ، وتحاجزوا وانحجزوا واحتجزوا : تزايلوا وحجزه عن الأمر يحجزه حجازة وحجيزى : صرفه . وحجازيك كحنانيك أي احجز بينهم حجزا بعد حجز ، كأنه يقول : لا تقطع ذلك وليك بعضه موصولا ببعض . وحجزة الإزار : جنبته . وحجزة السراويل : موضع التكة ، وقيل : حجزة الإنسان معقد السراويل والإزار . الليث : الحجزة حيث يثنى طرف الإزار في لوث الإزار ، وجمعه حجزات ؛ وأما قول النابغة :


                                                          رقاق النعال طيب حجزاتهم     يحيون بالريحان يوم السباسب



                                                          فإنما كنى به عن الفروج ؛ يريد أنهم أعفاء عن الفجور . وفي الحديث : ( إن الرحم أخذت بحجزة الرحمن ) قال ابن الأثير : أي اعتصمت به والتجأت إليه مستجيرة ، ويدل عليه قوله في الحديث : " هذا مقام العائذ بك من القطيعة " ، قال : وقيل : معناه أن اسم الرحم مشتق من اسم الرحمن فكأنه متعلق بالاسم آخذ بوسطه ، كما جاء في الحديث الآخر : ( الرحم شجنة من الرحمن ) . قال : وأصل الحجزة موضع شد الإزار ، قال : ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة . واحتجز بالإزار إذا شده على وسطه فاستعاره للالتجاء والاعتصام والتمسك بالشيء والتعلق به ؛ ومنه الحديث الآخر : ( والنبي ، صلى الله عليه وسلم ، آخذ بحجزة الله تعالى ) أي بسبب منه ، ومنه الحديث الآخر : ( منهم من تأخذه النار إلى حجزته ) أي إلى مشد إزاره ، ويجمع على حجز ؛ ومنه الحديث : فأنا آخذ بحجزكم ، والحجزة : مركب مؤخر الصفاق في الحقو ، والمتحجز : الذي قد شد وسطه . واحتجز بإزاره : شده على وسطه من ذلك . وفي حديث ميمونة ، رضي الله عنها : ( كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كانت محتجزة ) أي شادة مئزرها على العورة وما لا تحل مباشرته . والحاجز : الحائل بين الشيئين . وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها : ( لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجز مناطقهن فشققنها فاتخذنها خمرا ) أرادت بالحجز المآزر . قال ابن الأثير : وجاء في سنن أبي داود حجوز أو حجور بالشك ، وقال [ ص: 44 ] الخطابي : الحجور ، بالراء ، لا معنى لها هاهنا وإنما هو بالزاي جمع حجز فكأنه جمع الجمع ، وأما الحجور ، بالراء ، فهو جمع حجر الإنسان ، وقال الزمخشري : واحد الحجوز حجز ، بكسر الحاء ، وهي الحجزة ، ويجوز أن يكون واحدها حجزة . وفي الحديث : ( رأى رجلا محتجزا بحبل وهو محرم ) أي مشدود الوسط . أبو مالك : يقال لكل شيء يشد به الرجل وسطه ليشمر به ثيابه حجاز ، وقال : الاحتجاز بالثوب أن يدرجه الإنسان فيشد به وسطه ، ومنه أخذت الحجزة . وقالت أم الرحال : إن الكلام لا يحجز في العكم كما يحجز العباء . العكم : العدل . والحجز : أن يدرج الحبل عليه ثم يشد . أبو حنيفة : الحجاز حبل يشد به العكم . وتحاجز القوم أخذ بعضهم بحجز بعض . رجل شديد الحجزة : صبور على الشدة والجهد ؛ ومنه حديث علي ، رضي الله عنه ، وسئل عن بني أمية فقال : ( هم أشدنا حجزا ) وفي رواية : حجزة ، وأطلبنا للأمر لا ينال فينالونه . وحجز الرجل : أصله ومنبته . وحجزه أيضا : فصل ما بين فخذه والفخذ الأخرى من عشيرته ؛ قال :


                                                          فامدح كريم المنتمى والحجز



                                                          وفي الحديث : تزوجوا في الحجز الصالح فإن العرق دساس ؛ الحجز ، بالضم والكسر : الأصل والمنبت ، وبالكسر هو بمعنى الحجزة ، وهي هيئة المحتجز ، كناية عن العفة وطيب الإزار . والحجز : الناحية . وقال : الحجز العشيرة تحتجز بهم أي تمتنع . وروى ابن الأعرابي قوله : كريم المنتمى والحجز ، إنه عفيف طاهر كقول النابغة : طيب حجزاتهم ، وقد تقدم . والحجز : العفيف الطاهر . والحجاز : حبل يلقى للبعير من قبل رجليه ثم يناخ عليه ثم يشد به رسغا رجليه إلى حقويه وعجزه ؛ تقول منه : حجزت البعير أحجزه حجزا ، فهو محجوز ؛ قال ذو الرمة :


                                                          فهن من بين محجوز بنافذة     وقائظ وكلا روقيه مختضب



                                                          وقال الجوهري : هو أن تنيخ البعير ثم تشد حبلا في أصل خفيه جميعا من رجليه ثم ترفع الحبل من تحته حتى تشده على حقويه ، وذلك إذا أراد أن يرتفع خفه ؛ وقيل : الحجاز حبل يشد بوسط يدي البعير ثم يخالف فتعقد به رجلاه ، ثم يشد طرفاه إلى حقويه ، ثم يلقى على جنبه شبه المقموط ، ثم تداوى دبرته فلا يستطيع أن يمتنع إلا أن يجر جنبه على الأرض ؛ وأنشد :


                                                          كوس الهبل النطف المحجوز



                                                          وحاجز : اسم . ابن بزرج : الحجز والزنج واحد . حجز وزنج : وهو أن تقبض أمعاء الرجل ومصارينه من الظمأ فلا يستطيع أن يكثر الشرب ولا الطعم ، والله تعالى أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية