الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حرش ]

                                                          حرش : الحرش والتحريش : إغراؤك الإنسان والأسد ليقع بقرنه . وحرش بينهم : أفسد وأغرى بعضهم ببعض . قال الجوهري : التحريش الإغراء بين القوم وكذلك بين الكلاب . وفي الحديث : أنه نهى عن التحريش بين البهائم ، هو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجمال والكباش والديوك وغيرها . ومنه الحديث : إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم أي في حملهم على الفتن والحروب . وأما الذي ورد في حديث علي ، رضوان الله عليه ، في الحج : فذهبت إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، محرشا على فاطمة ، فإن التحريش هاهنا ذكر ما يوجب عتابه لها . وحرش الضب يحرشه حرشا واحترشه وتحرشه وتحرش به : أتى قفا جحره فقعقع بعصاه عليه وأتلج طرفها في جحره ، فإذا سمع الصوت حسبه دابة تريد أن تدخل عليه ، فجاء يزحل على رجليه وعجزه مقاتلا ويضرب بذنبه ، فناهزه الرجل أي بادره فأخذ بذنبه فضب عليه أي شد القبض ؛ فلم يقدر أن يفيصه أي يفلت منه ; وقيل : حرش الضب صيده ، وهو أن يحك الجحر الذي هو فيه يتحرش به ؛ فإذا أحسه الضب حسبه ثعبانا ، فأخرج إليه ذنبه فيصاد حينئذ . قال الفارسي : قال أبو زيد : يقال لهو أخبث من ضب حرشته ، وذلك أن الضب ربما استروح فخدع فلم يقدر عليه ، وهذا عند الاحتراش ، الأزهري : قال أبو عبيد ومن أمثالهم في مخاطبة العالم بالشيء من يريد تعليمه : أتعلمني بضب أنا حرشته ؟ ونحو منه قولهم : كمعلمة أمها البضاع . قال ابن سيده : ومن أمثالهم : هذا أجل من الحرش ; وأصل ذلك أن العرب كانت تقول : قال الضب لابنه يا بني احذر الحرش ، فسمع يوما وقع محفار على فم الجحر ، فقال : بابه أهذا الحرش ؟ فقال : يا بني هذا أجل من الحرش ; وأنشد الفارسي قول كثير :


                                                          ومحترش ضب العداوة منهم بحلو الخلى ، حرش الضباب الخوادع



                                                          يقال : إنه لحلو الخلى أي حلو الكلام ; ووضع الحرش موضع الاحتراش لأنه إذا احترشه فقد حرشه ; وقيل : الحرش أن تهيج الضب في جحره ، فإذا خرج قريبا منك هدمت عليه بقية الجحر ، تقول منه : أحرشت الضب . قال الجوهري : حرش الضب يحرشه حرشا صاده ؛ فهو حارش للضباب وهو أن يحرك يده على جحره ليظنه حية فيخرج ذنبه ليضربها فيأخذه . ومنه الحديث : أن رجلا أتاه بضباب احترشها ; قال ابن الأثير : والاحتراش في الأصل الجمع والكسب والخداع . وفي حديث أبي حثمة في صفة التمر : وتحترش به الضباب أي تصطاد . يقال : إن الضب يعجب بالتمر فيحبه . وفي حديث المسور : ما رأيت رجلا ينفر من الحرش مثله ، يعني معاوية يريد بالحرش الخديعة . وحارش الضب الأفعى إذا أرادت أن تدخل [ ص: 86 ] عليه فقاتلها . والحرش : الأثر وخص بعضهم به الأثر في الظهر ، وجمعه حراش ; ومنه ربعي بن حراش ولا تقل خراش ، وقيل : الحراش أثر الضرب في البعير يبرأ فلا ينبت له شعر ولا وبر . وحرش البعير بالعصا : حك في غاربه ليمشي ; قال الأزهري : سمعت غير واحد من الأعراب يقول للبعير الذي أجلب دبره في ظهره : هذا بعير أحرش وبه حرش ; قال الشاعر :


                                                          فطار بكفي ذو حراش مشمر     أحذ ذلاذيل العسيب قصير



                                                          أراد بذي حراش جملا به آثار الدبر . ويقال : حرشت جرب البعير أحرشه حرشا ، وخرشته خرشا إذا حككته حتى تقشر الجلد الأعلى فيدمى ثم يطلى حينئذ بالهناء ، وقال أبو عمرو : الحرشاء من الجرب التي لم تطل ; قال الأزهري : سميت حرشاء لخشونة جلدها ; قال الشاعر :


                                                          وحتى كأني يتقى بي معبد     به نقبة حرشاء لم تلق طاليا



                                                          ونقبة حرشاء : وهي الباثرة التي لم تطل . والحارش : بثور تخرج في ألسنة الناس والإبل ، صفة غالبة . وحرشه ، بالحاء والخاء جميعا ، حرشا أي خدشه ; قال العجاج :


                                                          كأن أصوات كلاب تهترش     هاجت بولوال ولجت في حرش



                                                          فحركه ضرورة . والحرش : ضرب من البضع وهي مستلقية . وحرش المرأة حرشا : جامعها مستلقية على قفاها . واحترش القوم : حشدوا . واحترش الشيء : جمعه وكسبه ; أنشد ثعلب :


                                                          لو كنت ذا لب تعيش به     لفعلت فعل المرء ذي اللب
                                                          لجعلت صالح ما احترشت ، وما     جمعت من نهب إلى نهب



                                                          والأحرش من الدنانير : ما فيه خشونة لجدته ; قال :


                                                          دنانير حرش كلها ضرب واحد



                                                          وفي الحديث : أن رجلا أخذ من رجل آخر دنانير حرشا ; جمع أحرش وهو كل شيء خشن ، أراد أنها كانت جديدة فعليها خشونة النقش . ودراهم حرش : جياد خشن حديثة العهد بالسكة . والضب أحرش ، وضب أحرش : خشن الجلد كأنه محزز . وقيل : كل شيء خشن أحرش وحرش ; الأخيرة عن أبي حنيفة ، وأراها على النسب لأني لم أسمع له فعلا . وأفعى حرشاء : خشنة الجلدة ، وهي الحريش والحربيش ; الأزهري أنشد هذا البيت :


                                                          تضحك مني أن رأتني أحترش     ولو حرشت لكشفت عن حرش



                                                          قال : أراد عن حرك ، يقلبون كاف المخاطبة للتأنيث شينا . وحية حرشاء بينة الحرش إذا كانت خشنة الجلد ; قال الشاعر :


                                                          بحرشاء مطحان كأن فحيحها     إذا فزعت ، ماء أريق على جمر



                                                          والحريش : نوع من الحيات أرقط . والحرشاء : ضرب من السطاح أخضر ينبت متسطحا على وجه الأرض وفيه خشنة ; قال أبو النجم :


                                                          والخضر السطاح من حرشائه



                                                          وقيل : الحرشاء من نبات السهل وهي تنبت في الديار لازقة بالأرض وليست بشيء ، ولو لحس الإنسان منها ورقة لزقت بلسانه ، وليس لها صيور ; وقيل : الحرشاء نبتة متسطحة لا أفنان لها يلزم ورقها الأرض ولا يمتد حبالا غير أنه يرتفع لها من وسطها قصبة طويلة في رأسها حبتها . قال الأزهري : من نبات السهل الحرشاء والصفراء والغبراء ، وهي أعشاب معروفة تستطيبها الراعية . والحرشاء : خردل البر . والحرشاء : ضرب من النبات ; قال أبو النجم :


                                                          وانحت من حرشاء فلج خردله     وأقبل النمل قطارا تنقله



                                                          والحريش : دابة لها مخالب كمخالب الأسد وقرن واحد في وسط هامتها ، زاد الجوهري : يسميها الناس الكركدن ; وأنشد :


                                                          بها الحريش وضغز مائل ضبر     يلوي إلى رشح منها وتقليص



                                                          قال الأزهري : لا أدري ما هذا البيت ولا أعرف قائله ; وقال غيره :


                                                          وذو قرن يقال له حريش



                                                          وروى الأزهري عن أشياخه قال : الهرميس الكركدن شيء أعظم من الفيل له قرن ، يكون في البحر أو على شاطئه ، قال الأزهري : وكأن الحريش والهرميس شيء واحد ، وقيل : الحريش دويبة أكبر من الدودة على قدر الإصبع لها قوائم كثيرة وهي التي تسمى دخالة الأذن . وحريش : قبيلة من بني عامر ، وقد سمت حريشا ومحرشا وحراشا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية