الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حرق ]

                                                          حرق : الحرق ، بالتحريك : النار . يقال : في حرق الله ; قال :


                                                          شدا سريعا مثل إضرام الحرق



                                                          وقد تحرقت ، والتحريق : تأثيرها في الشيء . الأزهري : والحرق من حرق النار . وفي الحديث : الحرق والغرق والشرق شهادة . ابن الأعرابي : حرق النار لهبه ، قال : وهو قوله ضالة المؤمن حرق النار أي لهبها ; قال الأزهري : أراد أن ضالة المؤمن إذا أخذها إنسان ليتملكها فإنه تؤديه إلى حرق النار ، والضالة من الحيوان : الإبل والبقر وما أشبهها مما يبعد ذهابه في الأرض ويمتنع من السباع ، ليس لأحد أن يعرض لها ; لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أوعد من عرض لها ليأخذها بالنار . وأحرقه بالنار وحرقه : شدد للكثرة . وفي الحديث : الحرق شهيد ، بكسر الراء ، وفي رواية : الحريق ; أي الذي يقع في حرق النار فيلتهب . وفي حديث المظاهر : احترقت أي هلكت ; ومنه حديث المجامع : في نهار رمضان احترقت ; شبها ما وقعا فيه من الجماع في المظاهرة والصوم بالهلاك . وفي الحديث : إنه أوحي إلي أن أحرق قريشا أي أهلكهم ، وحديث قتال أهل الردة : فلم يزل يحرق أعضاءهم حتى أدخلهم من الباب الذي خرجوا منه ، قال : وأخذ من حارقة الورك ، وأحرقته النار وحرقته فاحترق وتحرق ، والحرقة : حرارتها . أبو مالك : هذه نار حراق وحراق : تحرق كل شيء . وألقى الله الكافر في حارقته أي في ناره ، وتحرق الشيء بالنار واحترق ، والاسم الحرقة والحريق . وكان عمرو بن هند يلقب بالمحرق ؛ لأنه حرق مائة من بني تميم : تسعة وتسعين من بني دارم ، وواحدا من البراجم ، وشأنه مشهور . ومحرق أيضا : لقب الحارث بن عمرو ملك الشام من آل جفنة ، وإنما سمي بذلك لأنه أول من حرق العرب في ديارهم ؛ فهم يدعون آل محرق ; وأما قول أسود بن يعفر :


                                                          ماذا أؤمل بعد آل محرق     تركوا منازلهم ، وبعد إياد



                                                          فإنما عنى به امرأ القيس بن عمرو بن عدي اللخمي لأنه أيضا يدعى محرقا . قال ابن سيده : محرق لقب ملك ، وهما محرقان : محرق الأكبر وهو امرؤ القيس اللخمي ، ومحرق الثاني وهو عمرو بن هند مضرط الحجارة ، سمي بذلك لتحريقه بني تميم يوم أوارة ، وقيل : لتحريقه نخل ملهم . والحرقة : ما يجده الإنسان من لذعة حب أو حزن أو طعم شيء فيه حرارة . الأزهري : عن الليث : الحرقة ما تجد في العين من الرمد ، وفي القلب من الوجع ، أو في طعم شيء محرق . والحروقاء والحروق والحراق والحروق : ما يقدح به النار ; قال ابن سيده : قال أبو حنيفة : هي الخرق المحرقة التي يقع فيها السقط ; وفي التهذيب : هو الذي تورى فيه النار . ابن الأعرابي : الحروق والحروق والحراق ما نتقت به النار من خرقة أو نبج ، قال : والنبج أصول البردي إذا جف . الجوهري : الحراق والحراقة ما تقع فيه النار عند القدح ، والعامة تقوله بالتشديد . قال ابن بري : حكى أبو عبيد في الغريب المصنف في باب فعولاء عن الفراء : أنه يقال الحروقاء للتي تقدح منه النار والحروق والحراق والحروق قال : والذي ذكره الجوهري الحراق والحراقة فعدتها ست لغات .

                                                          ابن سيده : والحراقات سفن فيها مرامي نيران ، وقيل : هي المرامي أنفسها . الجوهري : الحراقة ، بالفتح والتشديد ، ضرب من السفن فيها مرامي نيران يرمى بها العدو في البحر ; وقول الراجز يصف إبلا :


                                                          حرقها حمض بلاد فل


                                                          وغتم نجم غير مستقل


                                                          فما تكاد نيبها تولي



                                                          يعني عطشها ، والغتم : شدة الحر ، ويروى : وغيم نجم ، والغيم : العطش . والحراقات : مواضع القلايين والفحامين . وأحرق لنا في هذه القصبة نارا أي أقبسنا ; عن ابن الأعرابي . ونار حراق : لا تبقي شيئا . ورجل حراق وحراق : لا يبقي شيئا إلا أفسده ، مثل بذلك ورمي حراق : شديد ، مثل بذلك أيضا . والحرق : أن يصيب الثوب احتراق من النار . والحرق : احتراق يصيبه من دق القصار . ابن [ ص: 92 ] الأعرابي : الحرق النقب في الثوب من دق القصار . ، جعله مثل الحرق الذي هو لهب النار ; قال الجوهري : وقد يسكن . وعمامة حرقانية : وهو ضرب من الوشي فيه لون كأنه محترق . والحرق والحريق : اضطرام النار وتحرقها . والحريق أيضا : اللهب ; قال غيلان الربعي :


                                                          يثرن من أكدرها بالدقعاء     منتصبا مثل حريق القصباء



                                                          وفي الحديث : شرب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الماء المحرق من الخاصرة ; الماء المحرق : هو المغلي بالحرق وهو النار ، يريد أنه شربه من وجع الخاصرة . والحروقة : الماء يحرق قليلا ثم يذر عليه دقيق قليل فيتنافت ; أي ينتفخ ويتقافز عند الغليان . والحريقة : النفيتة ، وقيل : الحريقة الماء يغلى ثم يذر عليه الدقيق فيلعق وهو أغلظ من الحساء ، وإنما يستعملونها في شدة الدهر وغلاء السعر وعجف المال وكلب الزمان . الأزهري : ابن السكيت : الحريقة والنفيتة أن يذر الدقيق على ماء أو لبن حليب حتى ينفت ويتحسى من نفتها ، وهو أغلظ من السخينة ، فيوسع بها صاحب العيال على عياله إذا غلبه الدهر . ويقال : وجدت بني فلان ما لهم عيش إلا الحرائق . والحريق : ما أحرق النبات من حر أو برد أو ريح أو غير ذلك من الآفات ، وقد احترق النبات . وفي التنزيل : فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت . وهو يتحرق جوعا : كقولك يتضرم . ونصل حرق حديد : كأنه ذو إحراق ، أراه على النسب ; قال أبو خراش :


                                                          فأدركه فأشرع في نساه     سنانا ، نصله حرق حديد



                                                          وماء حراق وحراق : ملح شديد الملوحة ، وكذلك الجمع . ابن الأعرابي : ماء حراق وقعاع بمعنى واحد ، وليس بعد الحراق شيء ، وهو الذي يحرق أوبار الإبل . وأحرقنا فلان : برح بنا وآذانا ; قال :


                                                          أحرقني الناس بتكليفهم     ما لقي الناس من الناس



                                                          والحرقان : المذح وهو اصطكاك الفخذين . الأزهري : الليث الحرق حرق النابين أحدهما بالآخر ; وأنشد :


                                                          أبى الضيم ، والنعمان يحرق نابه     عليه ، فأفصى ، والسيوف معاقله



                                                          وحريق الناب : صريفه . والحرق : مصدر ؛ حرق ناب البعير . وفي الحديث : يحرقون أنيابهم غيظا وحنقا ; أي يحكون بعضها ببعض . ابن سيده : حرق ناب البعير يحرق ويحرق حرقا وحريقا صرف بنابه ، وحرق الإنسان وغيره نابه يحرقه ويحرقه حرقا وحريقا وحروقا فعل ذلك من غيظ وغضب ، وقيل : الحروق محدث . وحرق نابه يحرقه أي سحقه حتى سمع له صريف ; وفلان يحرق عليك الأرم غيظا ; قال الشاعر :


                                                          نبئت أحماء سليمى إنما     باتوا غضابا ، يحرقون الأرما



                                                          وسحاب حرق أي شديد البرق . وفرس حراق العدو إذا كان يحترق في عدوه . والحارقة : العصبة التي تجمع بين رأس الفخذ والورك ; وقيل : هي عصبة متصلة بين وابلتي الفخذ والعضد التي تدور في صدفة الورك والكتف ، فإذا انفصلت لم تلتئم أبدا ، يقال عندها حرق الرجل فهو محروق ، وقيل : الحارقة في الخربة عصبة تعلق الفخذ بالورك وبها يمشي الإنسان ، وقيل : الحارقتان عصبتان في رءوس أعالي الفخذين في أطرافها ، ثم تدخلان في نقرتي الوركين ملتزقتين نابتتين في النقرتين فيهما موصل ما بين الفخذين والورك ، وإذا زالت الحارقة عرج الذي يصيبه ذلك ، وقيل : الحارقة عصبة أو عرق في الرجل ، وحرق حرقا وحرق حرقا : انقطعت حارقته . الأزهري : ابن الأعرابي : الحارقة العصبة التي تكون في الورك ، فإذا انقطعت مشى صاحبها على أطراف أصابعه لا يستطيع غير ذلك . قال : وإذا مشى على أطراف أصابعه اختيارا فهو مكتام ; وقد اكتام الراعي على أطراف أصابعه . . . أن يريد أن ينال أطراف الشجر بعصاه ليهش بها على غنمه ; وأنشد للراجز يصف راعيا :


                                                          تراه تحت الفنن الوريق     يشول بالمحجن كالمحروق



                                                          قال ابن سيده : قال ابن الأعرابي : أخبر أنه يقوم على أطراف أصابعه حتى يتناول الغصن فيميله إلى إبله ، يقول : فهو يرفع رجله ليتناول الغصن البعيد منه فيجذبه . وقال الجوهري في تفسيره : يقول إنه يقوم على فرد رجل يتطاول للأفنان ويجتذبها بالمحجن فينفضها للإبل كأنه محروق . والحرق في الناس والإبل : انقطاع الحارقة . ورجل حرق : أكثر من محروق ; وبعير محروق : أكثر من حرق ، واللغتان في كل واحد من هذين النوعين فصيحتان . والحارقة أيضا : عصبة أو عرق في الرجل ; عن ابن الأعرابي ; قال الجوهري : والمحروق الذي انقطعت حارقته ، ويقال : الذي زال وركه ; قال آخر :


                                                          هم الغربان في حرمات جار     وفي الأدنين حراق الوروك



                                                          يقول : إذا نزل بهم جار ذو حرمة أكلوا ماله كالغراب الذي لا يعاف الدبر ولا القذر ، وهم في الظلم والجنف على أدانيهم كالمحروق الذي يمشي متجانفا ويزهد في معونتهم والذب عنهم . والحرقوة : أعلى الحلق أو اللهاة . وحرق الشعر حرقا ، فهو حرق : قصر فلم يطل أو انقطع ; قال أبو كبير الهذلي :


                                                          ذهبت بشاشته فأصبح خاملا     حرق المفارق كالبراء الأعفر



                                                          البراء : البراية وهي النحاتة ، والأعفر : الأبيض الذي تعلوه حمرة . وحرق ريش الطائر ، فهو حرق : انحص ; قال عنترة يصف غرابا :


                                                          حرق الجناح ، كأن لحيي رأسه     جلمان ، بالأخبار هش مولع



                                                          والحرق في الناصية : كالسفى ، والفعل كالفعل . وحرقت اللحية فهي حرقة : قصر شعر ذقنها عن شعر العارضين . أبو عبيد : إذا انقطع الشعر ونسل قيل حرق يحرق ، وهو حرق ، وفي الصحاح : فهو [ ص: 93 ] حرق الشعر والجناح قال الطرماح يصف غرابا :


                                                          شنج النسا حرق الجناح كأنه     في الدار إثر الظاعنين ، مقيد



                                                          وحرق الحديد بالمبرد يحرقه ويحرقه حرقا وحرقه : برده وحك بعضه ببعض . وفي التنزيل : لنحرقنه وقرئ لنحرقنه ولنحرقنه ، وهما سواء في المعنى ; قال الفراء : من قرأ لنحرقنه لنبردنه بالحديد بردا من حرقته أحرقه حرقا ; وأنشد المفضل لعامر بن شقيق الضبي :


                                                          بذي فرقين ، يوم بنو حبيب     نيوبهم علينا يحرقونا



                                                          قال : وقرأ علي ، كرم الله وجهه : لنحرقنه أي لنبردنه . وفي الحديث : أنه نهى عن حرق النواة ; هو بردها بالمبرد . يقال : حرقه بالمحرق أي برده به ; ومنه القراءة لنحرقنه ، ويجوز أن يكون أراد إحراقها بالنار ، وإنما نهى عنه إكراما للنخلة أو لأن النوى قوت الدواجن في الحديث . ابن سيده : وحرقه مكثرة عن حرقه كما ذهب إليه الزجاج من أن لنحرقنه بمعنى لنبردنه مرة بعد مرة ، لأن الجوهر المبرود لا يحتمل ذلك ، وبهذا رد عليه الفارسي قوله . والحرق والحراق والحراق والحروق ، كله : الكش الذي يلقح به النخل ، أعني بالكش الشمراخ الذي يؤخذ من الفحل فيدس في الطلعة . والحارقة من النساء : التي تكثر سب جارتها . والحارقة والحاروق من النساء : الضيقة الفرج . ابن الأعرابي : وامرأة حارقة ضيقة الملاقي ، وقيل : هي التي تغلبها الشهوة حتى تحرق أنيابها بعضها على بعض أي تحكها ، يقول : عليكم بها ; ومنه الحديث : وجدتها حارقة طارقة فائقة . وفي حديث الفتح : دخل مكة وعليه عمامة سوداء حرقانية ; جاء في التفسير أنها السوداء ولا يدرى ما أصله ; قال الزمخشري : هي التي على لون ما أحرقته النار كأنها منسوبة بزيادة الألف والنون إلى الحرق ، بفتح الحاء والراء ، قال : ويقال الحرق بالنار والحرق معا . والحرق من الدق : الذي يعرض للثوب عند دقه ، محرك لا غير ; ومنه حديث عمر بن عبد العزيز : أراد أن يستبدل بعماله لما رأى من إبطائهم فقال : أما عدي بن أرطاة فإنما غرني بعمامته الحرقانية السوداء . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : خير النساء الحارقة ; وقال ثعلب : الحارقة هي التي تقام على أربع ، قال : وقال علي - رضي الله عنه : ما صبر على الحارقة إلا أسماء بنت عميس ; هذا قول ثعلب . قال ابن سيده : وعندي أن الحارقة في حديث علي ، كرم الله وجهه ، هذا إنما هو اسم لهذا الضرب من الجماع . والمحارقة : المباضعة على الجنب ; قال الجوهري : المحارقة المجامعة . وروي عن علي أنه قال : كذبتكم الحارقة ما قام لي بها إلا أسماء بنت عميس ، وقال بعضهم : الحارقة الإبراك ; قال الأزهري في هذا المكان : وأما قول جرير :


                                                          أمدحت ، ويحك ! منقرا أن ألزقوا     بالحارقين ، فأرسلوها تظلع



                                                          ولم يقل في تفسيره شيئا . وروي عن علي ، عليه السلام ، أنه قال : عليكم بالحارقة من النساء فما ثبت لي منهن إلا أسماء ; قال الأزهري : كأنه قال عليكم بهذا الضرب من الجماع معهن . قال : والحارقة من السبع اسم له . قال ابن سيده : والحارقة السبع . ابن الأعرابي : الحرق الأكل المستقصى . والحرق : الغضابى من الناس . وحرق الرجل إذا ساء خلقه . والحرقتان : تيم وسعد ابنا قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب وهما رهط الأعشى ; قال :


                                                          عجبت لآل الحرقتين ، كأنما     رأوني نفيا من إياد وترخم



                                                          وحراق وحريق وحريقاء : أسماء . وحريق : ابن النعمان بن المنذر ، وحرقة : بنته ; قال :


                                                          نقسم بالله : نسلم الحلقه     ولا حريقا ، وأخته الحرقه



                                                          قوله نسلم أي لا نسلم . والحرقة أيضا : حي من العرب ، وكذلك الحروقة . والمحرقة : بلد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية