الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 354 ]

                                                                                                                                                                                                                                        سورة الكوثر

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى إنا أعطيناك الكوثر فيه تسعة تأويلات : أحدها : أن الكوثر النبوة ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : القرآن ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : الإسلام ، حكاه المغيرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنه نهر في الجنة ، رواه ابن عمر وأنس مرفوعا .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : أنه حوض النبي صلى الله عليه وسلم الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة قاله عطاء .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 355 ]

                                                                                                                                                                                                                                        السادس : أنه الخير الكثير ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        السابع : أنه كثرة أمته ، قاله أبو بكر بن عياش .

                                                                                                                                                                                                                                        الثامن : أنه الإيثار ، قاله ابن كيسان .

                                                                                                                                                                                                                                        التاسع : أنه رفعة الذكر ، وهو فوعل من الكثرة . فصل لربك وانحر فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : الصلاة المكتوبة ، وهي صلاة الصبح بمزدلفة ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : صلاة العيد ، قاله عطاء .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : معناه اشكر ربك ، قاله عكرمة . وانحر فيه خمسة تأويلات : أحدها : وانحر هديك أو أضحيتك ، قاله ابن جبير وعكرمة ومجاهد وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : وانحر أي وسل ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : معناه أن يضع اليمين على الشمال عند نحره في الصلاة ، قاله علي وابن عباس رضي الله عنهما .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أن يرفع يديه في التكبير ، رواه علي .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : أنه أراد واستقبل القبلة في الصلاة بنحرك ، قاله أبو الأحوص ومنه قول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 356 ]


                                                                                                                                                                                                                                        أبا حكم هل أنت عم مجالد وسيد أهل الأبطح المتناحر



                                                                                                                                                                                                                                        اي المتقابل . إن شانئك هو الأبتر في شانئك وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : مبغضك ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : عدوك ، قاله ابن عباس . وفي الأبتر خمسة تأويلات : أحدها : أنه الحقير الذليل ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : معناه الفرد الوحيد ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه الذي لا خير فيه حتى صار مثل الأبتر ، وهذا قول مأثور الرابع : أن قريشا كانوا يقولون لمن مات ذكور ولده ، قد بتر فلان فلما مات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه القاسم بمكة ، وإبراهيم بالمدينة ، قالوا بتر محمد فليس له من يقوم بأمره من بعده ، فنزلت الآية ، قاله السدي وابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : أن الله تعالى لما أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا قريشا إلى الإيمان ، قالوا ابتتر منا محمد ، أي خالفنا وانقطع عنا ، فأخبر الله تعالى رسوله أنهم هم المبترون ، قاله عكرمة وشهر بن حوشب . واختلف في المراد من قريش بقوله إن شانئك هو الأبتر على ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه أبو لهب ، قاله عطاء .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أبو جهل ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه العاص بن وائل ، قاله عكرمة ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية