الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 344 ] 23 - باب

                                عرق الجنب ، وأن المسلم لا ينجس

                                279 283 - حدثنا علي بن عبد الله : نا يحيى : نا حميد : نا بكر ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب ، فانخنست منه . فذهب فاغتسل ، ثم جاء ، فقال : ( أين كنت يا أبا هريرة ؟ ) قال : كنت جنبا ، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة . فقال : ( سبحان الله ! إن المؤمن لا ينجس ) .

                                التالي السابق


                                قوله : ( انخنست ) ، أي : تواريت ، واختفيت منه ، وتأخرت عنه . ومنه الوسواس الخناس وهو الشيطان ، إذا غفل العبد عن ذكر الله وسوس له ، فإذا ذكر الله خنس وتأخر .

                                ومنه سميت النجوم خنسا ، قال تعالى : فلا أقسم بالخنس وانخناسها : رجوعها وتواريها تحت ضوء الشمس ، وقيل : اختفاؤها بالنهار .

                                وفيه دليل على أن الجنب له أن يذهب في حوائجه ، ويجالس أهل العلم والفضل ، وأنه ليس بنجس . وإذا لم يكن نجسا ففضلاته الطاهرة باقية على طهارتها ، كالدمع والعرق والريق . وهذا كله مجمع عليه بين العلماء ، ولا نعلم بينهم فيه اختلافا .

                                قال الإمام أحمد : عائشة وابن عباس يقولان : لا بأس بعرق الحائض والجنب .

                                [ ص: 345 ] وقال ابن المنذر : أجمع عوام أهل العلم على أن عرق الجنب طاهر .

                                وثبت عن عمر وابن عباس وعائشة أنهم قالوا ذلك ، ثم سمى جماعة ممن قال به بعدهم ، وقال : ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم .

                                قلت : وقد سبق خلاف في كراهة سؤر الحائض والجنب ، وفي كراهة الماء الذي أدخلا فيه أيديهما . ولعل من كره ذلك لم يكرهه لنجاسة أبدانهما عنده ، والله أعلم .

                                وقد روى وكيع عن مسعر ، عن حماد ، في الجنب يغتسل ، ثم يستدفئ بامرأته قبل أن تغتسل - قال : لا يستدفئ بها حتى يجف .



                                الخدمات العلمية