الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حزم ]

                                                          حزم : الحزم : ضبط الإنسان أمره والأخذ فيه بالثقة . حزم ، بالضم ، يحزم حزما وحزامة وحزومة ، وليست الحزومة بثبت . ورجل حازم وحزيم من قوم حزمة وحزماء وحزم وأحزام وحزام : وهو العاقل المميز ذو الحنكة . وقال ابن كثوة : من أمثالهم : إن الوحا من طعام الحزمة ; يضرب عند التحشد على الانكماش وحمد المنكمش . والحزمة : الحزم . ويقال : تحزم في أمرك أي اقبله بالحزم والوثاقة . وفي الحديث : الحزم سوء الظن ; الحزم ضبط الرجل أمره والحذر من فواته . وفي حديث الوتر : أنه قال لأبي بكر أخذت بالحزم . وفي الحديث : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الحازم من إحداكن ) أي أذهب لعقل الرجل المحترز في الأمور ، المستظهر فيها . وفي الحديث : أنه سئل ما الحزم ؟ فقال : الحزم أن تستشير أهل الرأي وتطيعهم . الأزهري : أخذ الحزم في الأمور ، وهو الأخذ بالثقة من الحزم ، وهو الشد بالحزام والحبل استيثاقا من المحزوم ; قال ابن بري : وفي المثل : قد أحزم لو أعزم أي قد أعرف الحزم ولا أمضي عليه . والحزم : حزمك الحطب حزمة . وحزم الشيء يحزمه حزما : شده . والحزمة : ما حزم . والمحزم والمحزمة والحزام والحزامة : اسم ما حزم به ، والجمع حزم . واحتزم الرجل وتحزم بمعنى ، وذلك إذا شد وسطه بحبل . وفي الحديث : نهى أن يصلي الرجل بغير حزام ; أي من غير أن يشد ثوبه عليه ، وإنما أمر بذلك لأنهم قلما يتسرولون ، ومن لم يكن عليه سراويل ، أو كان عليه إزار ، أو كان جيبه واسعا ولم يتلبب ، أو لم يشد وسطه فربما انكشفت عورته وبطلت صلاته . وفي الحديث : نهى أن يصلي الرجل حتى يحتزم أي يتلبب ويشد وسطه . وفي الحديث الآخر : أنه أمر بالتحزم في الصلاة . وفي حديث الصوم : فتحزم المفطرون ; أي تلببوا وشدوا أوساطهم وعملوا للصائمين . والحزام للسرج والرحل والدابة والصبي في مهده . وفرس نبيل المحزم . وحزام الدابة معروف ، ومنه قولهم : جاوز الحزام الطبيين . وحزم الفرس : شد حزامه ; قال لبيد :


                                                          حتى تحيرت الدبار كأنها زلف ، وألقي قتبها المحزوم



                                                          تحيرت : امتلأت ماء . والدبار : جمع دبرة أو دبارة ، وهي مشارة الزرع . والزلف : جمع زلفة وهي مصنعة الماء الممتلئة ، وقيل : الزلفة المحارة ; أي كأنها محار مملوءة . وأحزمه : جعل له حزاما ، وقد تحزم واحتزم . ومحزم الدابة : ما جرى عليه حزامها . والحزيم : موضع الحزام من الصدر والظهر كله ما استدار ، يقال : قد شمر وشد حزيمه ; وأنشد :


                                                          شيخ ، إذا حمل مكروهة     شد الحيازيم لها والحزيما



                                                          وفي حديث علي ، عليه السلام :


                                                          اشدد حيازيمك للموت     فإن الموت لاقيكا



                                                          هي جمع الحيزوم ، وهو الصدر ، وقيل : وسطه ، وهذا الكلام كناية عن التشمر للأمر والاستعداد له . والحزيم : الصدر ، والجمع حزم وأحزمة ; عن كراع . قال ابن سيده : والحزيم والحيزوم وسط الصدر ما يضم عليه الحزام حيث تلتقي رءوس الجوانح فوق الرهابة بحيال الكاهل ; قال الجوهري : والحزيم مثله . يقال : شددت لهذا الأمر حزيمي ، واستحسن الأزهري التفريق بين الحزيم والحيزوم وقال : لم أر لغير الليث هذا الفرق . قال ابن سيده : والحيزوم أيضا الصدر ، وقيل : الوسط ، وقيل : الحيازيم ضلوع الفؤاد ، وقيل : الحيزوم ما استدار بالظهر والبطن ، وقيل : الحيزومان ما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر ; أنشد ثعلب :


                                                          يدافع حيزوميه سخن صريحها     وحلقا تراه للثمالة مقنعا



                                                          واشدد حيزومك وحيازيمك لهذا الأمر ; أي وطن عليه . وبعير أحزم : عظيم الحيزوم ، وفي التهذيب : عظيم موضع الحزام . والأحزم : هو المحزم أيضا يقال : بعير مجفر الأحزم ; قال ابن فسوة التميمي :


                                                          ترى ظلفات الرحل شما تبينها     بأحزم ، كالتابوت أحزم مجفر



                                                          ومنه قول ابنة الخس لأبيها : اشتره أحزم أرقب . الجوهري : والحزم ضد الهضم ، يقال : فرس أحزم وهو خلاف الأهضم . والحزمة : من الحطب وغيره . والحزم : الغليظ من الأرض ، وقيل : المرتفع وهو أغلظ وأرفع من الحزن ، والجمع حزوم ; قال لبيد :


                                                          فكأن ظعن الحي ، لما أشرفت     في الآل وارتفعت بهن حزوم
                                                          نخل كوارع في خليج محلم     حملت ، فمنها موقر مكموم



                                                          [ ص: 109 ] وزعم يعقوب أن ميم حزم بدل من نون حزن . والأحزم والحيزوم : كالحزم ; قال :


                                                          تالله لولا قرزل ، إذ نجا     لكان مأوى خدك الأحزما



                                                          ورواه بعضهم الأخرما أي لقطع رأسك فسقط على أخرم كتفيه . والحزم من الأرض : ما احتزم من السيل من نجوات الأرض والظهور ، والجمع الحزوم . والحزم : ما غلظ من الأرض وكثرت حجارته وأشرف حتى صار له إقبال لا تعلوه الإبل والناس إلا بالجهد ، يعلونه من قبل قبله ، أو هو طين وحجارة وحجارته أغلظ وأخشن وأكلب من حجارة الأكمة ، غير أن ظهره عريض طويل ينقاد الفرسخين والثلاثة ، ودون ذلك لا تعلوها الإبل إلا في طريق له قبل ، وقد يكون الحزم في القف لأنه جبل وقف غير أنه ليس بمستطيل مثل الجبل ، ولا يلفى الحزم إلا في خشونة وقف ; قال المرار بن سعيد في حزم الأنعمين :


                                                          بحزم الأنعمين لهن حاد     معر ساقه غرد نسول



                                                          قال : وهي حزوم عدة ، فمنها حزما شعبعب وحزم خزازى ، وهو الذي ذكره ابن الرقاع في شعره :


                                                          فقلت لها : أنى اهتديت ودوننا     دلوك ، وأشراف الجبال القواهر
                                                          وجيحان جيحان الجيوش وآلس     وحزم خزازى والشعوب القواسر



                                                          ويروى العواسر ; ومنها حزم جديد ذكره المرار فقال :


                                                          يقول صحابي ، إذ نظرت صبابة     بحزم جديد : ما لطرفك يطمح ؟



                                                          ومنها حزم الأنعمين الذي ذكره المرار أيضا ; وسمى الأخطل الحزم من الأرض حيزوما ; فقال :


                                                          فظل بحيزوم يفل نسوره     ويوجعها صوانه وأعابله



                                                          ابن بري : الحيزوم الأرض الغليظة ; عن اليزيدي . والحزم : كالغصص في الصدر ، وقد حزم يحزم حزما . وحزمة : اسم فرس معروفة من خيل العرب ، قال : وحزمة في قول حنظلة بن فاتك الأسدي :


                                                          أعددت حزمة وهي مقربة     تقفى بقوت عيالنا وتصان



                                                          اسم فرس ; قال ابن بري : ذكر الكلبي أن اسمها حزمة ، قال : وكذا وجدته ، بفتح الحاء ، بخط من له علم ; وأنشد لحنظلة بن فاتك الأسدي أيضا :


                                                          جزتني أمس حزمة سعي صدق     وما أقفيتها دون العيال



                                                          وحيزوم : اسم فرس جبريل ، عليه السلام . وفي حديث بدر : أنه سمع صوته يوم بدر يقول : أقدم حيزوم ; أراد أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء ، والياء فيه زائدة ; قال الجوهري : حيزوم اسم فرس من خيل الملائكة . وحزام وحازم : اسمان . وحزيمة : اسم فارس من فرسان العرب . والحزيمتان والزبينتان من باهلة بن عمرو بن ثعلبة ، وهما حزيمة وزبينة ; قال أبو معدان الباهلي :


                                                          جاء الحزائم والزبائن دلدلا     لا سابقين ولا مع القطان
                                                          فعجبت من عوف وماذا كلفت     وتجيء عوف آخر الركبان



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية