الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حسا ]

                                                          حسا : حسا الطائر الماء يحسو حسوا : وهو كالشرب للإنسان ، والحسو الفعل ، ولا يقال للطائر شرب ، وحسا الشيء حسوا وتحساه . قال سيبويه : التحسي عمل في مهلة . واحتساه : كتحساه . وقد يكون الاحتساء في النوم وتقصي سير الإبل ، يقال : احتسى سير الفرس والجمل والناقة ; قال :


                                                          إذا احتسى يوم هجير هائف غرور عيدياتها الخوانف     وهن يطوين على التكالف
                                                          بالسيف أحيانا وبالتقاذف



                                                          جمع بين الكسر والضم ، وهذا الذي يسميه أصحاب القوافي السناد في قول الأخفش ، واسم ما يتحسى الحسية والحساء ، ممدود ، والحسو ; قال ابن سيده : وأرى ابن الأعرابي حكى في الاسم أيضا الحسو على لفظ المصدر والحسا ، مقصور ، على مثال القفا ، قال : ولست منهما على ثقة ، والحسوة ، كله : الشيء القليل منه . والحسوة : ملء الفم . ويقال : اتخذوا لنا حسية ; فأما قوله أنشده ابن جني لبعض الرجاز :


                                                          وحسد أوشلت من حظاظها     على أحاسي الغيظ واكتظاظها



                                                          قال ابن سيده : عندي أنه جمع حساء على غير قياس ، وقد يكون جمع أحسية وأحسوة كأهجية وأهجوة ، قال : غير أني لم أسمعه ولا رأيته إلا في هذا الشعر . والحسوة : المرة الواحدة ، وقيل : الحسوة والحسوة لغتان ، وهذان المثالان يعتقبان على هذا الضرب كثيرا كالنغبة والنغبة والجرعة والجرعة ، وفرق يونس بين هذين المثالين فقال : الفعلة للفعل والفعلة للاسم ، وجمع الحسوة حسى ، وحسوت المرق حسوا . ورجل حسو : كثير التحسي . ويوم كحسو الطير ; أي قصير . والعرب تقول : نمت نومة كحسو الطير إذا نام نوما قليلا . والحسو على فعول : طعام معروف ، وكذلك الحساء ، بالفتح والمد ، تقول : شربت حساء وحسوا . ابن السكيت : حسوت شربت حسوا وحساء ، وشربت مشوا ومشاء ، وأحسيته المرق فحساه واحتساه بمعنى ، وتحساه في مهلة . وفي الحديث ذكر الحساء ، بالفتح والمد ، هو طبيخ يتخذ من دقيق وماء ودهن وقد يحلى ويكون رقيقا يحسى . وقال شمر : يقال جعلت له حسوا وحساء وحسية إذا طبخ له الشيء الرقيق يتحساه إذا اشتكى صدره ، ويجمع الحسا حساء وأحساء . قال أبو ذبيان بن الرعبل : أن أبغض الشيوخ إلي الحسو الفسو الأقلح الأملح ; الحسو : الشروب . وقد حسوت حسوة واحدة . وفي الإناء حسوة ، بالضم ، أي قدر ما يحسى مرة . ابن السكيت : حسوت حسوة واحدة ، والحسوة ملء الفم . وقال اللحياني : حسوة وحسوة واحدة والحسوة ملء الفم . وقال اللحياني : حسوة وحسوة وغرفة وغرفة بمعنى واحد . وكان يقال لأبي جدعان حاسي الذهب لأنه كان له إناء من ذهب يحسو منه . وفي الحديث : ما أسكر منه الفرق فالحسوة حرام ; الحسوة بالضم : الجرعة بقدر ما يحسى مرة واحدة ، وبالفتح المرة . ابن سيده : الحسي سهل من الأرض يستنقع فيه الماء ، وقيل : هو غلظ فوقه رمل يجتمع فيه ماء السماء ، فكلما نزحت دلوا جمت أخرى . وحكى الفارسي عن أحمد بن يحيى : حسي وحسى ، ولا نظير لهما إلا معي ومعى ، وإني من الليل وإنى . وحكى ابن الأعرابي في حسي حسا ، بفتح الحاء على مثال قفا ، والجمع من كل ذلك أحساء وحساء . واحتسى حسيا : احتفره ، وقيل : الاحتساء نبث التراب لخروج الماء . قال الأزهري : وسمعت غير واحد من بني تميم يقول احتسينا حسيا ; أي أنبطنا ماء حسي . والحسي : الماء القليل . واحتسى ما في نفسه : اختبره ; قال :


                                                          يقول نساء يحتسين مودتي     ليعلمن ما أخفي ، ويعلمن ما أبدي



                                                          [ ص: 126 ] الأزهري : ويقال للرجل هل احتسيت من فلان شيئا ؟ على معنى هل وجدت . والحسى وذو الحسى ، مقصوران : موضعان ; وأنشد ابن بري :


                                                          عفا ذو حسى من فرتنا فالفوارع



                                                          وحسي : موضع . قال ثعلب : إذا ذكر كثير غيقة فمعها حساء ، وقال ابن الأعرابي : فمعها حسنى . والحسي : الرمل المتراكم أسفله جبل صلد ، فإذا مطر الرمل نشف ماء المطر ؛ فإذا انتهى إلى الجبل الذي أسفله أمسك الماء ومنع الرمل حر الشمس أن ينشف الماء ؛ فإذا اشتد الحر نبث وجه الرمل عن ذلك الماء فنبع باردا عذبا ; قال الأزهري : وقد رأيت بالبادية أحساء كثيرة على هذه الصفة ، منها أحساء بني سعد بحذاء هجر وقراها ، قال : وهي اليوم دار القرامطة وبها منازلهم ، ومنها أحساء خرشاف ، وأحساء القطيف ، وبحذاء الحاجر في طريق مكة أحساء في واد متطامن ذي رمل ، إذا رويت في الشتاء من السيول الكثيرة الأمطار لم ينقطع ماء أحسائها في القيظ . الجوهري : الحسي ، بالكسر ، ما تنشفه و [ تنشفه ] الأرض من الرمل ، فإذا صار إلى صلابة أمسكته ، فتحفر عنه الرمل فتستخرجه ، وهو الاحتساء ، وجمع الحسي الأحساء ، وهي الكرار . وفي حديث أبي التيهان : ذهب يستعذب لنا الماء من حسي بني حارثة ; الحسي بالكسر وسكون السين وجمعه أحساء : حفيرة قريبة القعر ، قيل إنه لا يكون إلا في أرض أسفلها حجارة وفوقها رمل ، فإذا أمطرت نشفه الرمل ؛ فإذا انتهى إلى الحجارة أمسكته ; ومنه الحديث : أنهم شربوا من ماء الحسي . وحسيت الخبر ، بالكسر : مثل حسست ; قال أبو زبيد الطائي :


                                                          سوى أن العتاق من المطايا     حسين به ؛ فهن إليه شوس



                                                          وأحسيت الخبر مثله ; قال أبو نخيلة :


                                                          لما احتسى منحدر من مصعد     أن الحيا مغلولب ، لم يجحد



                                                          احتسى أي استخبر فأخبر أن الخصب فاش ، والمنحدر : الذي يأتي القرى ، والمصعد : الذي يأتي إلى مكة . وفي حديث عوف بن مالك : فهجمت على رجلين فقلت : هل حستما من شيء ؟ قال ابن الأثير : قال الخطابي كذا ورد وإنما هو هل حسيتما ؟ يقال : حسيت الخبر ، بالكسر ، أي علمته ، وأحست الخبر ، وحسست بالخبر ، وأحسست به ، كأن الأصل فيه حسست فأبدلوا من إحدى السينين ياء ، وقيل : هو من قولهم ظلت ومست في ظللت ومسست في حذف أحد المثلين ، وروي بيت أبي زبيد أحسن به . والحساء : موضع ; قال عبد الله بن رواحة الأنصاري يخاطب ناقته حين توجه إلى موتة من أرض الشأم :


                                                          إذا بلغتني وحملت رحلي     مسيرة أربع ، بعد الحساء



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية