الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
مثل العلم مثل الماء

مثل العلم مثل الماء فإن فيه حياة الأرض فالماء يخرج به النبات ويشتد نباتها بالتراب الملقى فيها فبه تتقوى [ ص: 333 ] الأرض ويشتد نباتها فلو أن رجلا غرس أغراسا ثم لها عنها فلم يلق فيها التراب ولم يسقها بالماء يبست الأغراس وبطل عمله

فكذا العلم فيه حياة القلوب يحيا القلب بالعلم ويقوى ويشتد باستعمال العلم بالعمل

فلو أن رجلا تعلم العلم ثم لها عنه فلم يعمل في انكشاف الغطاء عنه حتى يصير العلم له معاينة ويتصور في صدره لأن مرآته في صدره فالذي يسمع بأذني رأسه يتأدى في أذن فؤاده وبصر فؤاده ففي أذني فؤاده وقر من رياح الشهوات وأهويتها فضل سمعه فتلاشى ما سمع بأذني الرأس وعمي بصر فؤاده عن صورة ما يتصور من ذلك العلم في قلبه فتراكم دخان الشهوات وفوران حريقها المتأدي من جوفه إلى صدره فأظلم .عليه إشراق نور شمس المعرفة عن صدره فبقي على لسانه كلام ذلك العلم وذلك الكلام وذاك عبارة العلم

فأما العلم فقد احتجب وغاب في ظلمة ذلك الدخان والفوران [ ص: 334 ] فذهب عنه استعماله فلم يبق علم ولا عمل إنما بقيت عبارة اللسان وتلك حجة الله على ابن آدم

فهذا بمنزلة غارس غرس أشجارا ثم لها عن سقيها وتربيتها حتى يبس وبطل عمله وهو في الآخرة من الخاسرين

التالي السابق


الخدمات العلمية