الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 249 ] جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في نومه وانتباهه

                                                                                                                                                                                                                              الباب الأول في سيرته صلى الله عليه وسلم قبل نومه

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في مسامرته أهله عند النوم صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نساءه حديثا فقالت امرأة منهن : كأن هذا الحديث حديث خرافة فقال : «أتدرون ما حديث خرافة ؟ كان رجل من بني عذرة أسرته الجن في الجاهلية فمكث فيهم دهرا ، ثم ردوه إلى الإنس ، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب فقال الناس هذا خرافة» .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في سمره صلى الله عليه وسلم عند أبي بكر رضي الله تعالى عنه في الأمر من أمور المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                              روى مسدد برجال ثقات عن عمر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمر عند أبي بكر في الأمر من أمور المسلمين وأنا معه .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : فيما جاء أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يجلس في بيت مظلم إلا أن يسرج له فيه .

                                                                                                                                                                                                                              روى البزار عن شيخه إسحاق بن إبراهيم بن حبيب ، وأبو الحسن بن الضحاك من طريق محمد بن عمار القرظي قالا : أخبرنا يحيى بن اليمان قال : حدثنا سفيان عن جابر عن أبي إسحاق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس في بيت مظلم إلا أن يسرج له فيه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقعد في بيت مظلم حتى يضاء له بالسراج .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : فيما كان يفعل إذا أراد أن يرقد بالليل وهو جنب .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام ، وهو جنب ، غسل فرجه ، وتوضأ للصلاة زاد البيهقي : وتيمم ، ويحتمل أن يكون التيمم هنا عند عسر وجود الماء ، وقيل غير ذلك . [ ص: 250 ]

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في وضوئه قبل النوم .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو الشيخ وابن الجوزي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أراد أن ينام يتوضأ وضوءه للصلاة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من الليل فدخل الخلاء فقضى حاجته ، ثم غسل وجهه وكفيه ثم نام .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : في اكتحاله عند نومه .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو الحسن بن الضحاك عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم كحل أسود ، فكان إذا أوى إلى فراشه اكتحل في ذي العين ثلاثا ، وفي ذي العين ثلاثا .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد وابن ماجه ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام ، وكان يكتحل في كل عين ثلاثة أميال .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو بكر بن أبي شيبة عنه قال : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل منها عند النوم في كل عين ثلاثا ، وفي هذا أحاديث تأتي في أبواب زينته .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : في خروجه من البيت في الصيف ، ودخوله إياه في الشتاء .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو الشيخ وابن حبان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الصيف خرج من البيت ليلة الجمعة ، وإذا كان الشتاء دخل البيت ليلة الجمعة .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن : في استلقائه على ظهره ووضعه إحدى رجليه على الأخرى .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام مالك والإمام أحمد والخمسة عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مضطجعا في المسجد رافعا إحدى رجليه على الأخرى .

                                                                                                                                                                                                                              التاسع : في ركضه برجله من اضطجع على بطنه .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري في الأدب عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل في المسجد منبطحا لوجهه فضربه برجله ، وقال : «قم نومة جهنمية» .

                                                                                                                                                                                                                              العاشر : في صفة نومه . [ ص: 251 ]

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري في الأدب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ ، وكنا نعرفه إذا نام بنفخه .

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استثقل ورأيته ينفخ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عنها قالت : ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ، ولا سمر بعده .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحميدي عنها قالت : ما كنت ألقى النبي صلى الله عليه وسلم من آخر الليل عندي إلا نائما .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية