الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حصن ]

                                                          حصن : حصن المكان يحصن حصانة ، فهو حصين : منع ، وأحصنه صاحبه وحصنه . والحصن : كل موضع حصين لا يوصل إلى ما في جوفه ، والجمع حصون . وحصن حصين : من الحصانة . وحصنت القرية إذا بنيت حولها وتحصن العدو . وفي حديث الأشعث : تحصن في محصن المحصن : القصر والحصن . وتحصن إذا دخل الحصن واحتمى به . ودرع حصين وحصينة : محكمة ; قال ابن أحمر :


                                                          هم كانوا اليد اليمنى وكانوا قوام الظهر والدرع الحصينا



                                                          ويروى : اليد العليا ويروى : الوثقى . قال الأعشى :


                                                          وكل دلاص كالأضاة حصينة     ترى فضلها عن ربها يتذبذب



                                                          وقال شمر : الحصينة من الدروع الأمينة المتدانية الحلق التي لا يحيك فيها السلاح ; قال عنترة العبسي :


                                                          فلقى ألتي بدنا حصينا     وعطعط ما أعد من السهام



                                                          وقال الله تعالى ، في قصة داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام : وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم قال الفراء : قرئ ليحصنكم ولتحصنكم ولنحصنكم ، فمن قرأ ليحصنكم فالتذكير للبوس ، ومن قرأ لتحصنكم ذهب إلى الصنعة ، وإن شئت جعلته للدرع ؛ لأنها هي اللبوس وهي مؤنثة ، ومعنى ليحصنكم ليمنعكم ويحرزكم ، ومن قرأ لنحصنكم ، بالنون ، فمعنى لنحصنكم نحن الفعل لله عز وجل . وامرأة حصان ، بفتح الحاء : عفيفة بينة الحصانة والحصن ومتزوجة أيضا من نسوة حصن وحصانات ، وحاصن من نسوة حواصن وحاصنات ، وقد حصنت تحصن حصنا وحصنا وحصنا إذا عفت عن الريبة ، فهي حصان ; أنشد ابن بري :


                                                          الحصن أدنى ، لو تآييته     من حثيك الترب على الراكب



                                                          وحصنت المرأة نفسها وتحصنت وأحصنها وحصنها وأحصنت نفسها . وفي التنزيل العزيز : والتي أحصنت فرجها . وقال شمر : امرأة حصان وحاصن وهي العفيفة ; وأنشد :


                                                          وحاصن من حاصنات ملس     من الأذى ومن قراف الوقس



                                                          وفي الصحاح : فهي حاصن وحصان وحصناء أيضا بينة الحصانة . والمحصنة : التي أحصنها زوجها ، وهن المحصنات ، فالمعنى أنهن أحصن بأزواجهن . والمحصنات : العفائف من النساء . وروى الأزهري عن ابن الأعرابي أنه قال : كلام العرب كله على أفعل فهو مفعل إلا ثلاثة أحرف : أحصن فهو محصن ، وألفج فهو ملفج ، وأسهب في كلامه فهو مسهب ، زاد ابن سيده : وأسهم فهو مسهم . وفي الحديث ذكر الإحصان والمحصنات في غير موضع ، وأصل الإحصان المنع ، والمرأة تكون محصنة بالإسلام والعفاف والحرية والتزويج . يقال : أحصنت المرأة ، فهي محصنة ومحصنة ، وكذلك الرجل . والمحصن ، بالفتح : يكون بمعنى الفاعل والمفعول ; وفي شعر حسان يثني على عائشة ، رضي الله عنها :


                                                          حصان رزان ما تزن بريبة     وتصبح غرثى من لحوم الغوافل



                                                          وكل امرأة عفيفة محصنة ومحصنة ، وكل امرأة متزوجة محصنة ، بالفتح لا غير ; وقال :


                                                          أحصنوا أمهم من عبدهم     تلك أفعال القزام الوكعه



                                                          أي زوجوا . والوكعة : جمع أوكع . يقال : عبد أوكع وكان قياسه وكع ، فشبه بفاعل فجمع جمعه ، كما قالوا أعزل وعزل كأنه جمع عازل ; وقال أبو عبيد : أجمع القراء على نصب الصاد في الحرف الأول من النساء ، فلم يختلفوا في فتح هذه لأن تأويلها ذوات الأزواج يسبين فيحلهن السباء لمن وطئها من المالكين لها ، وتنقطع العصمة بينهن وبين أزواجهن بأن يحضن حيضة ويطهرن منها ، فأما سوى الحرف الأول فالقراء مختلفون : فمنهم من يكسر الصاد ، ومنهم من [ ص: 145 ] يفتحها ، فمن نصب ذهب إلى ذوات الأزواج اللاتي قد أحصنهن أزواجهن ، ومن كسر ذهب إلى أنهن أسلمن فأحصن أنفسهن فهن محصنات . قال الفراء : والمحصنات من النساء ، بنصب الصاد ، أكثر في كلام العرب . وأحصنت المرأة : عفت ، وأحصنها زوجها ، فهي محصنة ومحصنة . ورجل محصن : متزوج ، وقد أحصنه التزوج . وحكى ابن الأعرابي : أحصن الرجل تزوج ، فهو محصن ، بفتح الصاد فيهما نادر . قال الأزهري : وأما قوله تعالى : فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب فإن ابن مسعود قرأ : فإذا أحصن وقال : إحصان الأمة إسلامها ، وكان ابن عباس يقرؤها : فإذا أحصن على ما لم يسم فاعله ، ويفسره : فإذا أحصن بزوج ، وكان لا يرى على الأمة حدا ما لم تزوج ، وكان ابن مسعود يرى عليها نصف حد الحرة إذا أسلمت وإن لم تزوج ، وبقوله يقول فقهاء الأمصار ، وهو الصواب . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعبد الله بن عامر ، ويعقوب : فإذا أحصن بضم الألف ، وقرأ حفص عن عاصم مثله ، وأما أبو بكر عن عاصم فقد فتح الألف ، وقرأ حمزة و الكسائي فإذا أحصن بفتح الألف ، وقال شمر : أصل الحصانة المنع ، ولذلك قيل : مدينة حصينة ودرع حصينة ; وأنشد يونس :


                                                          زوج حصان حصنها لم يعقم



                                                          وقال : حصنها تحصينها نفسها . وقال الزجاج في قوله تعالى : محصنين غير مسافحين قال : متزوجين غير زناة ، قال : والإحصان إحصان الفرج وهو إعفافه ; ومنه قوله تعالى : أحصنت فرجها أي أعفته . قال الأزهري : والأمة إذا زوجت جاز أن يقال قد أحصنت لأن تزويجها قد أحصنها ، وكذلك إذا أعتقت فهي محصنة ؛ لأن عتقها قد أعفها ، وكذلك إذا أسلمت فإن إسلامها إحصان لها . قال سيبويه : وقالوا بناء حصين وامرأة حصان ، فرقوا بين البناء والمرأة حين أرادوا أن يخبروا أن البناء محرز لمن لجأ إليه ، وأن المرأة محرزة لفرجها . والحصان : الفحل من الخيل ، والجمع حصن . قال ابن جني : قولهم فرس حصان بين التحصن هو مشتق من الحصانة ؛ لأنه محرز لفارسه ، كما قالوا في الأنثى حجر ، وهو من حجر عليه أي منعه . وتحصن الفرس : صار حصانا . وقال الأزهري : تحصن إذا تكلف ذلك ، وخيل العرب حصونها . قال الأزهري : وهم إلى اليوم يسمونها حصونا ذكورها وإناثها ، وسئل بعض الحكام عن رجل جعل مالا له في الحصون فقال : اشتروا خيلا واحملوا عليها في سبيل الله ; ذهب إلى قول الجعفي :


                                                          ولقد علمت على توقي الردى     أن الحصون الخيل لا مدر القرى



                                                          وقيل : سمي الفرس حصانا لأنه ضن بمائه فلم ينز إلا على كريمة ، ثم كثر ذلك حتى سموا كل ذكر من الخيل حصانا ، والعرب تسمي السلاح كله حصنا ; وجعل ساعدة الهذلي النصال أحصنة فقال :


                                                          وأحصنة ثجر الظبات كأنها     إذا لم يغيبها الجفير جحيم



                                                          الثجر : العراض ، ويروى : وأحصنه ثجر الظبات أي أحرزه ; وقول زهير :


                                                          وما أدري ، وسوف إخال أدري     أقوم آل حصن أم نساء



                                                          يريد حصن بن حذيفة الفزاري . والحواصن من النساء : الحبالى ; قال :


                                                          تبيل الحواصن أبوالها



                                                          والمحصن القفل . والمحصن أيضا : المكتلة التي هي الزبيل ، ولا يقال محصنة ، والحصن : الهلال . و حصين : موضع ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          أقول ، إذا ما أقلع الغيث عنهم     أما عيشنا يوم الحصين بعائد ؟



                                                          والثعلب يكنى أبا الحصن . قال الجوهري : وأبو الحصين كنية الثعلب ; أنشد ابن بري :


                                                          لله در أبي الحصين !     لقد بدت منه مكايد حولي قلب



                                                          قال : ويقال له أبو الهجرس و أبو الحنبص . و الحصنان : موضع ، النسب إليه حصني كراهية اجتماع إعرابين ، وهو قول سيبويه ، وقال بعضهم : كراهية اجتماع النونين ، قال الجوهري : وحصنان بلد . قال اليزيدي : سألني و الكسائي المهدي عن النسبة إلى البحرين وإلى حصنين لم قالوا حصني وبحراني فقال الكسائي : كرهوا أن يقولوا حصناني لاجتماع النونين ، وقلت أنا : كرهوا أن يقولوا بحري فيشبه النسبة إلى البحر . وبنو حصن : حي . والحصن : ثعلبة بن عكابة و تيم اللات و ذهل . و محصن : اسم . و دارة محصن : موضع ; عن كراع . وحصين : أبو الراعي عبيد بن حصين النميري الشاعر . وقد سمت العرب حصنا وحصينا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية