الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حطم ]

                                                          حطم : الحطم : الكسر في أي وجه كان ، وقيل : هو كسر الشيء اليابس خاصة كالعظم ونحوه . حطمه يحطمه حطما أي كسره ، وحطمه فانحطم وتحطم . والحطمة والحطام : ما تحطم من ذلك . الأزهري : الحطام ما تكسر من اليبيس ، والتحطيم التكسير : وصعدة حطم كما قالوا : كسر كأنهم جعلوا كل قطعة منها حطمة ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          ماذا هنالك من أسوان مكتئب وساهف ثمل في صعدة حطم



                                                          وحطام البيض : قشره ; قال الطرماح :


                                                          كأن حطام قيض الصيف     فيه فراش صميم أقحاف الشئون



                                                          والحطيم : ما بقي من نبات عام أول ليبسه وتحطمه ; عن اللحياني . الأزهري عن الأصمعي : إذا تكسر يبيس البقل فهو حطام . والحطمة والحطمة والحاطوم : السنة الشديدة لأنها تحطم كل شيء ، وقيل : لا تسمى حاطوما إلا في الجدب المتوالي . وأصابتهم حطمة أي سنة وجدب ; قال ذو الخرق الطهوي :


                                                          من حطمة أقبلت حتت لنا ورقا     نمارس العود ، حتى ينبت الورق



                                                          وفي حديث جعفر : كنا نخرج سنة الحطمة ; هي الشديدة الجدب . الجوهري : وحطمة السيل مثل طحمته ، وهي دفعته . والحطم : المتكسر في نفسه . ويقال للفرس إذا تهدم لطول عمره : حطم . الأزهري : فرس حطم إذا هزل وأسن فضعف . الجوهري : ويقال حطمت الدابة ، بالكسر ، أي أسنت ، وحطمته السن ، بالفتح ، حطما . ويقال : فلان حطمته السن إذا أسن وضعف . وفي حديث عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت : بعدما حطمتموه ، تعني النبي ، صلى الله عليه وسلم . يقال : حطم فلانا أهله إذا كبر فيهم كأنهم بما حملوه من أثقالهم صيروه شيخا محطوما . وحطام الدنيا : كل ما فيها من مال يفنى ولا يبقى . ويقال للهاضوم : حاطوم . وحطمة الأسد في المال : عيثه وفرسه لأنه يحطمه . وأسد حطوم : يحطم كل شيء يدقه ، وكذلك ريح حطوم . ولا تحطم علينا المرتع أي لا ترع عندنا فتفسد علينا المرعى . ورجل حطمة : كثير الأكل . وإبل حطمة وغنم حطمة : كثيرة تحطم الأرض بخفافها وأظلافها وتحطم شجرها وبقلها فتأكله ، ويقال للعكرة من الإبل حطمة ؛ لأنها تحطم كل شيء ; وقال الأزهري : لحطمها الكلأ ، وكذلك الغنم إذا كثرت ، ونار حطمة : شديدة وفي التنزيل : كلا لينبذن في الحطمة الحطمة : اسم من أسماء النار ، نعوذ بالله منها ؛ لأنها تحطم ما تلقى ، وقيل : الحطمة باب من أبواب جهنم ، وكل ذلك من الحطم الذي هو الكسر والدق . وفي الحديث : أن هرم بن حيان غضب على رجل فجعل يتحطم عليه غيظا أي يتلظى ويتوقد ; مأخوذا من الحطمة وهي النار التي تحطم كل شيء وتجعله حطاما ; أي متحطما متكسرا . ورجل حطم وحطم : لا يشبع ؛ لأنه يحطم كل شيء ; قال :


                                                          قد لفها الليل بسواق حطم



                                                          ورجل حطم وحطمة إذا كان قليل الرحمة للماشية يهشم بعضها ببعض . وفي المثل : شر الرعاء الحطمة ; ابن الأثير : هو العنيف برعاية الإبل في السوق والإيراد والإصدار ، ويلقي بعضها على بعض ويعسفها ، ضربه مثلا لوالي السوء ، ويقال أيضا حطم ، بلا هاء . ومنه حديث علي رضي الله عنه : كانت قريش إذا رأته في حرب قالت : احذروا الحطم ، احذروا القطم ! ومنه قول الحجاج في خطبته :


                                                          قد لفها الليل بسواق حطم



                                                          أي عسوف عنيف . والحطمة : من أبنية المبالغة وهو الذي يكثر منه الحطم ، ومنه سميت النار الحطمة ؛ لأنها تحطم كل شيء ; ومنه الحديث : رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا . الأزهري : الحطمة هو الراعي الذي لا يمكن رعيته من المراتع الخصيبة ويقبضها ولا يدعها تنتشر في المرعى ، وحطم إذا كان عنيفا كأنه يحطمها أي يكسرها إذا ساقها أو أسامها يعنف بها ; وقال ابن بري في قوله :


                                                          قد لفها الليل بسواق حطم



                                                          هو للحطم القيسي ، ويروى لأبي زغبة الخزرجي يوم أحد ; وفيها :


                                                          أنا أبو زغبة أعدو بالهزم     لن تمنع المخزاة إلا بالألم
                                                          يحمي الذمار خزرجي من جشم     قد لفها الليل بسواق حطم



                                                          الهزم : من الاهتزام وهو شدة الصوت ، ويجوز أن يريد الهزيمة . وقوله بسواق حطم أي رجل شديد السوق لها يحطمها لشدة سوقه ، وهذا مثل ، ولم يرد إبلا يسوقها وإنما يريد أنه داهية متصرف ; قال : [ ص: 157 ] ويروى البيت لرشيد بن رميض العنزي من أبيات :


                                                          باتوا نياما ، وابن هند لم ينم !     بات يقاسيها غلام كالزلم
                                                          خدلج الساقين خفاق القدم     ليس براعي إبل ولا غنم
                                                          ولا بجزار على ظهر وضم



                                                          ابن سيده : وانحطم الناس عليه تزاحموا ; ومنه حديث سودة : إنها استأذنت أن تدفع من منى قبل حطمة الناس ; أي قبل أن يزدحموا ويحطم بعضهم بعضا . وفي حديث توبة كعب بن مالك : إذن يحطمكم الناس ; أي يدوسونكم ويزدحمون عليكم ، ومنه سمي حطيم مكة ، وهو ما بين الركن والباب ، وقيل : هو الحجر المخرج منها ، سمي به لأن البيت رفع وترك هو محطوما ، وقيل : لأن العرب كانت تطرح فيه ما طافت به من الثياب ، فبقي حتى حطم بطول الزمان ، فيكون فعيلا بمعنى فاعل . وفي حديث الفتح : قال للعباس : احبس أبا سفيان عند حطم الجبل ; قال ابن الأثير : هكذا جاءت في كتاب أبي موسى ، وقال : حطم الجبل الموضع الذي حطم منه أي ثلم فبقي منقطعا ، قال : ويحتمل أن يريد عند مضيق الجبل حيث يزحم بعضهم بعضا ، قال : ورواه أبو نصر الحميدي في كتابه بالخاء المعجمة ، وفسرها في غريبه ، فقال : الخطم والخطمة أنف الجبل النادر منه ، قال : والذي جاء في كتاب البخاري عند حطم الخيل ، هكذا مضبوطا ، قال : فإن صحت الرواية ولم يكن تحريفا من الكتبة فيكون معناه ، والله أعلم ، أنه يحبسه في الموضع المتضايق الذي تتحطم فيه الخيل أي يدوس بعضها بعضا فيزحم بعضها بعضا فيراها جميعها وتكثر في عينه بمرورها في ذلك الموضع الضيق ، وكذلك أراد بحبسه عند خطم الجبل ، على ما شرحه الحميدي ، فإن الأنف النادر من الجبل يضيق الموضع الذي يخرج منه . وقال ابن عباس : الحطيم الجدار بمعنى جدار الكعبة . ابن سيده : الحطيم حجر مكة مما يلي الميزاب ، سمي بذلك لانحطام الناس عليه ، وقيل : لأنهم كانوا يحلفون عنده في الجاهلية فيحطم الكاذب ، وهو ضعيف . الأزهري : الحطيم الذي فيه المرزاب ، وإنما سمي حطيما ؛ لأن البيت رفع وترك ذلك محطوما . وحطمت حطما : هزلت . وماء حاطوم : ممرئ . والحطمية : دروع تنسب إلى رجل كان يعملها ، وكان لعلي رضي الله عنه ، درع يقال لها الحطمية . وفي حديث زواج فاطمة رضي الله عنها : أنه قال لعلي أين درعك الحطمية ؟ هي التي تحطم السيوف أي تكسرها ، وقيل : هي العريضة الثقيلة ، وقيل : هي منسوبة إلى بطن من عبد القيس يقال لهم حطمة بن محارب كانوا يعملون الدروع ، قال : وهذا أشبه الأقوال . ابن سيده : وبنو حطمة بطن .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية