الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام

الهروي - أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي

[ ص: 241 ] باب : الحكم بين أهل الذمة وما فيه من النسخ في الكتاب والسنة

441 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال : أخبرنا منصور ، عن الحكم ، عن مجاهد في قوله عز وجل : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله قال : " نسخت ما قبلها : فاحكم بينهم أو أعرض عنهم

442 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن السدي ، عن عكرمة : فاحكم بينهم أو أعرض عنهم قال : " نسختها وأن احكم بينهم بما أنـزل الله .

قال أبو عبيد : " وهذا قول أهل العراق ، ويرون النظر في أحكامهم إذا اختصموا إلى قضاة المسلمين لهذه الآية التي ذكرناها ولرجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي واليهودية ، وأما أهل الحجاز فلا يرون إقامة الحدود عليهم ، يذهبون إلى أنهم قد صولحوا على شركهم وهو أعظم من الحدود التي يأتون ، وتأولوا في رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين أن ذلك كان قبل أن تؤخذ منهم الجزية قالوا : إلا أن على الإما أن يمنعهم من الفساد والتظالم

قال أبو عبيد : والذي عندنا في هذا أن الآية التي أمر فيها بالحكم بينهم هي الناسخة والقاطعة للخيار ، وذلك إذا كان أهل الذمة هم المحتكمون إلى حاكمنا بالاختيار منهم لنا بلا استكراه ، ولم نجد الآثار تخبر عن اختصام اليهود

[ ص: 242 ] إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان قبل الجزية ، ولو كان قبلها وصح ذلك ما كان فيه دليل على أن الحكم لا يجوز بينهم بعدها ، بل هو الآن أوكد من أجل أنهم كانوا قبل ذلك أهل موادعة بمنزلة أمم الشرك الذين تكون بيننا وبينهم الهدنة ، وهم مع هذا لا تجري أحكامنا عليهم ، فلما صاروا إلى أداء الجزية ورضينا منهم بأن يكونوا شركاءنا في الدار ومناصفينا في الحقوق ، ورضوا منا بالإقامة معنا عليها وهم يعلمون أن في ديننا إقامة الحدود وإنفاذ أحكام كتابنا وسنتنا فلزمهم من ذلك ما لزمنا ، ولم يسع الإمام أن يردهم إلى أحكامهم ؛ لأن فيه معونة على جورهم وأخذهم الرشاء في الحكم ، فإن الله عز وجل وصفهم بذلك ، فقال عز وجل : أفحكم الجاهلية يبغون وقال عز وجل : سماعون للكذب أكالون للسحت وهي : الرشوة في التفسير

التالي السابق


الخدمات العلمية