الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما حكم المكاتبة ويندرج فيها بيان ما يملكه المولى من التصرف في المكاتب وما لا يملكه فنقول وبالله التوفيق : المكاتبة أنواع ثلاثة : صحيحة ، وفاسدة ، وباطلة .

                                                                                                                                أما الصحيحة فلها أحكام بعضها يتعلق بما قبل أداء بدل الكتابة ، وبعضها يتعلق بأداء بدل الكتابة .

                                                                                                                                أما الأول فزوال يد المولى عن المكاتب وصيرورة المكاتب أحق بمنافعه ومكاسبه ، وصيرورة المولى كالأجنبي عنها ، وثبوت حق المطالبة للمولى ببدل الكتابة وثبوت حق الحرية للمكاتب ; لأن ما هو المقصود من هذا العقد لا من الجانبين لا يحصل بدونها وهل تزول رقبة المكاتب عن ملك المولى بالكتابة اختلف المشايخ فيه قال عامتهم : لا تزول ، وقال بعضهم : تزول عن ملك المولى ولا يملكها العبد بمنزلة البيع بشرط الخيار للمشتري .

                                                                                                                                على أصل أبي حنيفة إن المبيع يزول عن ملك البائع ولا يدخل في ملك المشتري وهذا غير سديد ; لأن الملك صفة إضافية فيستحيل وجوده بدون المضاف إليه كسائر الأوصاف الإضافية من الأبوة والبنوة والأخوة والشركة ونحوها ، فلا يتصور وجود مملوك لا مالك له .

                                                                                                                                وهكذا نقول في باب البيع ; لأن البيع في الحقيقة ملك البائع أو ملك المشتري إلا أنا لا نعلم ذلك في الحال ; لأنا لا نعلم أن العقد يجاز أو يفسخ فيتوقف في علمنا بجهلنا بعاقبة الأمر وعند الإجازة أو الفسخ يتبين أنه كان ثابتا للمشتري أو للبائع من وقت البيع حتى يظهر في حق الرواية هذا معنى قول أبي حنيفة في تلك المسألة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية