الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وإن سبب ذلك الانحدار في التفكير بالنسبة للأنثى هو الكفر باليوم الآخر، ولذا قال تعالى:

                                                          للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم .

                                                          إن الإيمان بالآخرة إيمانا صادقا مذعنا يلقي في النفس الاطمئنان على المستقبل، فلا يكون في لهج وهلع من الناحية المالية؛ لأنه يعرف أن هناك يوما آخر، يعطى فيه من حرم من ملاذ الدنيا وشهواتها، ولا يكون حريصا شحيحا، ولا يكون خائفا من فقر ينزل به ما دام عاملا، وإن أصابه فقر فإلى ميسرة، وأما من لا يؤمن بالآخرة فإنه في فزع وخوف وتقتير، ويظن الظنون في قابله غير معتمد على الله تعالى، فهو في الولد، يخشى الفقر فيئد البنت ويفرح بالولد؛ لأنه يكفيه عيشه، والبنت يخشى عليها القهر والذل، وفوات الكفء وغير ذلك.

                                                          ولذا قال تعالى في حال البشرى بالبنت، وخشية الفقر والعار والقهر لها مشيرا إلى أن سبب ذلك هو عدم الإيمان بالآخرة، فقال تعالى: للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء أي حال السوء دائما يخشون الفقر والقهر والجوع، كمثل الذين يحددون نسلهم الآن خشية الجوع، والله تعالى يقول: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم فمن لا يؤمن بالآخرة تكون حاله حال سوء وخوف، وهم دائم، وفي مقابل ذلك من يؤمن بالآخرة، فإنه مطمئن إلى ربه، طالبا رضاءه يفوض أموره لله، وهو العزيز الحكيم، ولذا قال تعالى: ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ولله الحال العليا التي لا سوء [ ص: 4202 ] فيها، ولا خوف من الفقر، والمقابلة بين الذين لا يؤمنون بالآخرة وبين الله، وهي مقابلة بين من كان منهم من الإنسانية في المنزلة الدنيا، والله العلي القدير العزيز الحكيم، وأنى يكون ذلك؟ والجواب عن ذلك: إن المقابلة بين من هم في أدنى الإنسانية، ومن هم في أرقاها من بني الإنسان أيضا؛ لأن الله تعالى يدعوهم إلى أن يكونوا مع الله تعالى. ليؤمنوا بعظمته، ويتوكلوا عليه، فيكونوا في أحسن حال، وأعلى مثل وصورة؛ لأنهم يكونون مع الله، متوكلون عليه ومتبعون لأوامره، ومجتنبون لنواهيه.

                                                          وختم سبحانه الآية بقوله تعالى: وهو العزيز الحكيم أي: وهو الغالب الحكيم الذي قدر كل شيء تقديرا وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية