الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حلس ]

                                                          حلس : الحلس والحلس مثل شبه وشبه ومثل ومثل : كل شيء ولي ظهر البعير والدابة تحت الرحل والقتب والسرج ، وهي بمنزلة المرشحة تكون تحت اللبد ، وقيل : هو كساء رقيق يكون تحت البرذعة ، والجمع أحلاس وحلوس . وحلس الناقة والدابة يحلسها ويحلسها حلسا : غشاهما بحلس . وقال شمر : أحلست بعيري إذا جعلت عليه الحلس . وحلس البيت : ما يبسط تحت حر المتاع من مسح ونحوه ، والجمع أحلاس . ابن الأعرابي : يقال لبساط البيت الحلس ولحصره الفحول . وفلان حلس بيته إذا لم يبرحه ، على المثل . الأزهري عن الغتريفي : يقال فلان حلس من أحلاس البيت للذي لا يبرح البيت ، قال : وهو عندهم ذم أي أنه لا يصلح إلا للزوم البيت ، قال : ويقال فلان من أحلاس البلاد الذي لا يزايلها من حبه إياها ، وهذا مدح أي أنه ذو عزة وشدة وأنه لا يبرحها لا يبالي دينا ولا سنة حتى تخصب البلاد . ويقال : هو متحلس بها أي مقيم . وقال غيره : هو حلس بها . وفي الحديث في الفتنة : " كن حلسا من أحلاس بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية " ، أي لا تبرح أمره بلزوم بيته وترك القتال في الفتنة . وفي حديث أبي موسى : قالوا يا رسول الله فما تأمرنا ؟ قال : كونوا أحلاس بيوتكم ، أي الزموها . وفي حديث الفتن : عد منها فتنة الأحلاس ، هو الكساء الذي على ظهر البعير تحت القتب ، شبهها بها للزومها ودوامها . وفي حديث عثمان : في تجهيز جيش العسرة على مائة بعير بأحلاسها وأقتابها أي بأكسيتها . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه ، في أعلام النبوة : ألم تر الجن وإبلاسها ، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها ؟ وفي حديث أبي هريرة في مانعي الزكاة : محلس أخفافها شوكا من حديد ; أي أن أخفافها قد طورقت بشوك من حديد وألزمته وعوليت به كما ألزمت ظهور الإبل أحلاسها ، ورجل حلس وحلس ومستحلس : ملازم لا يبرح القتال ، وقيل : لا يبرح مكانه ، شبه بحلس البعير أو البيت وفلان من أحلاس الخيل أي هو في الفروسية ولزوم ظهر الخيل كالحلس اللازم لظهر الفرس . وفي حديث أبي بكر : قام إليه بنو فزارة فقالوا : يا خليفة رسول الله ، نحن أحلاس الخيل ; يريدون لزومهم ظهورها ، فقال : نعم أنتم أحلاسها ونحن فرسانها أي أنتم راضتها وساستها وتلزمون ظهورها ، ونحن أهل الفروسية ; وقولهم نحن أحلاس الخيل أي نقتنيها ونلزم ظهورها . ورجل حلوس : حريص ملازم . [ ص: 195 ] ويقال : رجل حلس للحريص ، وكذلك حلسم ، بزيادة الميم ، مثل سلغد ; وأنشد أبو عمرو :


                                                          ليس بقصل حلس حلسم عند البيوت راشن مقم



                                                          وأحلست الأرض واستحلست : كثر بذرها فألبسها ، وقيل : اخضرت واستوى نباتها . وأرض محلسة : قد اخضرت كلها . وقال الليث : عشب مستحلس ترى له طرائق بعضها تحت بعض من تراكبه وسواده . الأصمعي : إذا غطى النبات الأرض بكثرته قيل : قد استحلس ، فإذا بلغ والتف قيل : قد استأسد ; واستحلس النبت إذا غطى الأرض بكثرته ، واستحلس الليل بالظلام : تراكم ، واستحلس السنام : ركبته روادف الشحم ورواكبه . وبعير أحلس : كتفاه سوداوان وأرضه وذروته أقل سوادا من كتفيه . والحلساء من المعز : التي بين السواد والخضرة لون بطنها كلون ظهرها . والأحلس الذي لونه بين السواد والحمرة ، تقول منه : احلس احلساسا ; قال المعطل الهذلي يصف سيفا :


                                                          لين حسام لا يليق ضريبة     في متنه دخن وأثر أحلس



                                                          وقول رؤبة :


                                                          كأنه في لبد ولبد     من حلس أنمر في تربد
                                                          مدرع في قطع من برجد

                                                          وقال : الحلس والأحلس في لونه وهو بين السواد والحمرة . والحلس ، بكسر اللام : الشجاع الذي يلازم قرنه ; وأنشد :


                                                          إذا اسمهر الحلس المغالث



                                                          وقد حلس حلسا . والحلس والحلابس : الذي لا يبرح ويلازم قرنه ; وأنشد قول الشاعر :


                                                          فقلت لها : كأي من جبان     يصاب ، ويخطأ الحلس المحامي !



                                                          كأي بمعنى كم . وأحلست السماء : مطرت مطرا رقيقا دائما . وفي التهذيب : وتقول حلست السماء إذا دام مطرها وهو غير وابل . والحلس : أن يأخذ المصدق النقد مكان الإبل ، وفي التهذيب : مكان الفريضة . وأحلست فلانا يمينا إذا أمررتها عليه . والإحلاس : الحمل على الشيء ; قال :


                                                          وما كنت أخشى ، الدهر ، إحلاس مسلم     من الناس ذنبا جاءه وهو مسلما



                                                          المعنى ما كنت أخشى إحلاس مسلم مسلما ذنبا جاءه ، وهو يرد هو على ما في جاءه من ذكر مسلم ; قال ثعلب : يقول ما كنت أظن أن إنسانا ركب ذنبا هو وآخر ينسبه إليه دونه . وما تحلس منه بشيء وما تحلس شيئا أي أصاب منه . الأزهري : والعرب تقول للرجل يكره على عمل أو أمر : هو محلوس على الدبر أي ملزم هذا الأمر إلزام الحلس الدبر . وسير محلس : لا يفتر عنه . وفي النوادر : تحلس فلان لكذا وكذا أي طاف له وحام به . وتحلس بالمكان وتحلز به إذا أقام به . وقال أبو سعيد : حلس الرجل بالشيء وحمس به إذا تولع . والحلس والحلس ، بفتح الحاء وكسرها : هو العهد الوثيق . وتقول : أحلست فلانا إذا أعطيته حلسا أي عهدا يأمن به قومك ، وذلك مثل سهم يأمن به الرجل مادام في يده . واستحلس فلان الخوف إذا لم يفارقه الخوف ولم يأمن . وروي عن الشعبي أنه دخل على الحجاج فعاتبه في خروجه مع ابن الأشعث فاعتذر إليه وقال : إنا قد استحلسنا الخوف واكتحلنا السهر وأصابتنا خزية لم يكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء ، قال : لله أبوك يا شعبي ! ثم عفا عنه . الفراء قال : أنت ابن بعثطها وسرسورها وحلسها وابن بجدتها وابن سمسارها وسفسيرها بمعنى واحد . والحلس : الرابع من قداح الميسر ; قال اللحياني : فيه أربعة فروض ، وله غنم أربعة أنصباء إن فاز ، وعليه غرم أربعة أنصباء إن لم يفز . وأم حليس : كنية الأتان . وبنو حلس : بطين من الأزد ينزلون نهر الملك . وأبو الحليس : رجل . والأحلس العبدي : من رجالهم ; ذكره ابن الأعرابي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية