الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون .

                                                          وإذا رأى الذين ظلموا العذاب جواب (إذا) محذوف يذهب فيه العقل كل مذهب، هالهم الأمر، وأحسوا بمقت الله تعالى عليه، وحاولوا طلب التخفيف، وقد أجابهم الله تعالى بقوله: فلا يخفف عنهم فالفاء عاطفة على محذوف مأخوذ من معنى الخوف والرغبة في التخفيف أو التأجيل، عسى أن يعملوا عملا صالحا ينجيهم من ذلك العذاب العتيد، الذي كانوا يترقبونه، فالفاء هنا عاطفة على جواب الشرط المحذوف وليس ما بعدها جواب الشرط؛ لأن الفاء لا تقع على لا النافية، إنما تكون بـ(ما) النافية.

                                                          حالهم تدعوهم إلى طلب التخفيف إذ يرون عذابا لم يكن في حسبانهم فتوجب طلب التخفيف أو التأجيل، فلا يخفف عنهم عذابهم، ولا يؤجلون؛ لأنهم انتقلوا من دار الابتلاء إلى دار الجزاء، فمعنى (لا ينظرون) ، أي: لا يؤجلون.

                                                          وعبر سبحانه بـ (الذين ظلموا) ؛ لأنهم أشركوا، وإن الشرك لظلم عظيم، ولأنهم ظلموا أنفسهم بكفرهم وعنادهم، وظلموا عقولهم وإدراكهم، وإذا أشركوا مع الله حجارة لا تنفع ولا تضر، ولا تسمع ولا تبصر وظلموا المؤمنين بإيذائهم [ ص: 4243 ] وفسقهم في دينهم وظلموا الرسول باستهزائهم به، وتسبب هذا التكاثر كان العذاب الهائل الذي لم يعرفوا له حدا ولا نهاية.

                                                          هذه حالهم، فما هي حال الأوثان التي يعبدونها لتقربهم إلى الله زلفى، أو لتكون شفعاء لهم، قال الله تعالى عنها في ذلك اليوم الذي لا تنفع فيه شفاعة الشافعين.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية