الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
إن قيل : هل الإخفاء أفضل من الإعلان لما فيه من اجتناب الرياء أم لا ؟ فالجواب : إن الطاعات ثلاثة أضرب : أحدها ما شرع مجهورا به كالأذان والإقامة والتكبير ، والجهر بالقراءة في الصلاة ، والخطب الشرعية ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإقامة الجمعة والجماعات والأعياد ، والجهاد ، وعيادة المرضى ، وتشييع الأموات ، فهذا لا يمكن إخفاؤه . فإن خاف فاعله الرياء جاهد نفسه في دفعه إلى أن تحضره نية إخلاصه ، فيأتي به مخلصا كما شرع ، فيحصل على أجر ذلك الفعل وعلى أجر المجاهد ، لما فيه من المصلحة المتعدية .

الثاني : ما يكون إسراره خيرا من إعلانه كإسرار القراءة في الصلاة . وإسرار أذكارها ، فهذا إسراره خير من إعلانه .

الثالث : ما يخفى تارة ويظهر أخرى كالصدقات ، فإن خاف على نفسه الرياء أو عرف ذلك من عادته ، كان الإخفاء أفضل من الإبداء ، لقوله تعالى : { وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } ، ومن أمن الرياء فله حالان : [ ص: 153 ] إحداهما ألا يكون ممن يقتدى به - فإخفاؤها أفضل ، إذ لا يأمن من الرياء عند الإظهار ، وإن كان ممن يقتدى به كان الإبداء أولى لما فيه من سد خلة الفقراء مع مصلحة الاقتداء ، فيكون قد نفع الفقراء بصدقته وبتسببه إلى تصدق الأغنياء عليهم وقد نفع الأغنياء بتسببه إلى اقتدائهم به في نفع الفقراء .

التالي السابق


الخدمات العلمية