الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 509 ] كاد

كاد : فعل ناقص ، أتى منه الماضي والمضارع فقط .

له اسم مرفوع وخبر مضارع مجرد من ( أن ) ومعناها قارب ، فنفيها نفي للمقاربة ، وإثباتها إثبات للمقاربة ، واشتهر على ألسنة كثير : أن نفيها إثبات وإثباتها نفي ، فقولك كاد زيد يفعل ، معناه : لم يفعل ، بدليل : وإن كادوا ليفتنونك [ الإسراء : 73 ] ، وما كاد يفعل ، معناه : فعل ، بدليل : وما كادوا يفعلون [ البقرة : 71 ] .

أخرج ابن أبي حاتم ، من طريق الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : كل شيء في القرآن كاد ، وأكاد ، ويكاد فإنه لا يكون أبدا .

وقيل : إنها تفيد الدلالة على وقوع الفعل بعسر .

وقيل : نفي الماضي إثبات ، بدليل وما كادوا يفعلون [ البقرة : 71 ] ونفي المضارع نفي ، بدليل لم يكد يراها [ النور : 40 ] مع أنه لم ير شيئا .

والصحيح الأول : أنها كغيرها ، نفيها نفي وإثباتها إثبات ، فمعنى كاد يفعل : قارب الفعل ولم يفعل ، وما كاد يفعل : ما قارب الفعل فضلا عن أن يفعل ، فنفي الفعل لازم من نفي المقاربة عقلا .

وأما آية فذبحوها وما كادوا يفعلون [ البقرة : 71 ] فهو إخبار عن حالهم في أول الأمر ، فإنهم كانوا أولا بعداء من ذبحها ، وإثبات الفعل إنما فهم من دليل آخر ، وهو قوله : فذبحوها .

وأما قوله : لقد كدت تركن [ الإسراء : 74 ] مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يركن لا قليلا ولا كثيرا ، فإنه مفهوم من جهة أن ( لولا ) الامتناعية تقتضي ذلك .

فائدة : ترد كاد بمعنى أراد ، ومنه كذلك كدنا ليوسف [ يوسف : 76 ] ، أكاد أخفيها [ طه : 15 ] وعكسه ، كقوله جدارا يريد أن ينقض [ الكهف : 77 ] أي : يكاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية