الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 419 ] جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في السفر والرجوع منه

                                                                                                                                                                                                                              الباب الأول في اليوم الذي كان يختاره للسفر صلى الله عليه وسلم وما كان يقوله إذا أراد السفر ، وإذا ركب دابته

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري والطبراني وأبو داود والخرائطي عن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخميس في غزوة تبوك ، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس ، وفي رواية عنه قال : فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في سفر إلا يوم الخميس ، وفي رواية عن أبي طاهر المخلص عنه أنه كان يقول : فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى سفر ، ولا يبعث عنه بعثا إلا يوم الخميس .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني ، وأبو الشيخ عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يسافر يوم الخميس .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى عن بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب إذا أراد سفرا أن يخرج يوم الخميس ، رواه الطبراني بلفظ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا خرج يوم الخميس .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر حمد الله عز وجل ، وسبح ، وكبر ثلاثا ، ثم قال : «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون » اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا ، واطو عنا بعد الأرض ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال ، وإذا رجع قالهن ، وزاد فيهن : آيبون عابدون ، لربنا ساجدون » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عنه قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه إذا علوا الثنايا كبروا ، وإذا هبطوا سجدوا فوضعت الصلاة على هذا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك بلاغا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع رجله في الغرز وهو يريد السفر يقول : «باسم الله ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم اطو لنا [ ص: 420 ] الأرض ، وهون علينا السفر ، اللهم أعوذ بك من وعثاء السفر ، ومن كآبة المنقلب ، ومن سوء المنظر في الأهل والمال » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار ، والإمام أحمد - برجال ثقات - عن علي رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا قال : «اللهم بك أصول ، وبك أجول ، وبك أسير » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسدد وابن أبي شيبة ، والإمام أحمد ، والطبراني ، والبزار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج في السفر قال : «اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك الضبنة في السفر ، اللهم إني أعوذ بك من وعث السفر ، وكآبة المنقلب ، اللهم اقبض لنا الأرض ، وهون علينا السفر » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى - برجال ثقات - عن البراء رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى سفر قال : «اللهم بلغ بلاغا يبلغ خيرا ، ومغفرة منك ورضوانا ، بيدك الخير ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم هون علينا السفر ، واطو لنا الأرض ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا قط إلا قال حين ينهض من جلوسه : «اللهم بك انتشرت ، وإليك توجهت ، وبك اعتصمت ، اللهم أنت رجائي ، اللهم اكفني ما أهمني ، وما لا أهتم له ، وما أنت أعلم به مني ، وزودني التقوى ، واغفر لي ذنبي ، ووجهني للخير حيث ما توجهت » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته ، فلما استوى عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، وحمد ثلاثا ، وسبح ثلاثا وهلل الله واحدة ، ثم استلقى عليه يضحك ، ثم أقبل عليه ، فقال : «ما من راكب دابته فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله عز وجل يضحك إليه » .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية