الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حمض ]

                                                          حمض : الحمض من النبات : كل نبت مالح أو حامض يقوم على سوق ولا أصل له ، وقال اللحياني : كل ملح أو حامض من الشجر كانت ورقته حية إذا غمزتها انفقأت بماء وكان ذفر المشم ينقي الثوب إذا غسل به أو اليد فهو حمض ، نحو النجيل والخذراف والإخريط والرمث والقضة والقلام والهرم والحرض والدغل والطرفاء وما أشبهها . وفي حديث جرير : من سلم وأراك وحموض ; وهي جمع الحمض وهو كل نبت في طعمه حموضة . قال الأزهري : والملوحة تسمى الحموضة . الأزهري عن الليث : الحمض كل نبات لا يهيج في الربيع ويبقى على القيظ وفيه ملوحة ، إذا أكلته الإبل شربت عليه ، وإذا لم تجده رقت وضعفت . وفي الحديث في صفة مكة ، شرفها الله تعالى : وأبقل حمضها أي نبت وظهر من الأرض . ومن الأعراب من يسمي كل نبت فيه ملوحة حمضا ، واللحم حمض الرجال . والخلة من النبات : ما كان حلوا ، والعرب تقول : الخلة خبز الإبل والحمض فاكهتها ويقال لحمها ، والجمع الحموض ; قال الراجز :


                                                          يرعى الغضا من جانبي مشفق غبا ومن يرع الحموض يغفق



                                                          أي يرد الماء كل ساعة . ومنه قولهم للرجل إذا جاء متهددا : أنت مختل فتحمض . وقال ابن السكيت في كتاب المعاني : حمضتها يعني الإبل أي رعيتها الحمض ; قال الجعدي :


                                                          وكلبا ولخما لم نزل منذ أحمضت     يحمضنا أهل الجناب وخيبرا



                                                          أي طردناهم ونفيناهم عن منازلهم إلى الجناب وخيبر ; قال ومثله قولهم :


                                                          جاءوا مخلين فلاقوا حمضا



                                                          أي جاءوا يشتهون الشر فوجدوا من شفاهم مما بهم ; وقال رؤبة :


                                                          ونورد المستوردين الحمضا



                                                          أي من أتانا يطلب شرا شفيناه من دائه ، وذلك أن الإبل إذا شبعت من الخلة اشتهت الحمض . وحمضت الإبل تحمض حمضا وحموضا : أكلت الحمض ، فهي حامضة ، وإبل حوامض ، وأحمضها هو . والمحمض ، بالفتح : الموضع الذي ترعى فيه الإبل الحمض ; قال هميان بن قحافة :


                                                          وقربوا كل جمالي عضه     قريبة ندوته من محمضه
                                                          بعيدة سرته من مغرضه



                                                          من محمضه أي من موضعه الذي يحمض فيه ، ويروى : محمضه ، بضم الميم . وإبل حمضية وحمضية : مقيمة في الحمض ; الأخيرة على غير قياس . وبعير حمضي : يأكل الحمض . وأحمضت الأرض وأرض محمضة : كثيرة الحمض ، وكذلك حمضية وحميضة من أرضين حمض ، وقد أحمض القوم أي أصابوا حمضا . ووطئنا حموضا من الأرض أي ذوات حمض . والحموضة : طعم الحامض . والحموضة : ما حذا اللسان كطعم الخل واللبن الحازر ، نادر لأن الفعولة إنما تكون للمصادر ، حمض يحمض حمضا وحموضة وحمض فهو حامض ; عن اللحياني ولبن حامض وإنه لشديد الحمض والحموضة . والمحمض من العنب : الحامض . وحمض : صار حامضا . ويقال : جاءنا بأدلة ما تطاق حمضا ، وهو اللبن الخاثر الشديد الحموضة . وقولهم : فلان حامض الرئتين أي مر النفس . والحماضة : ما في جوف الأترجة ، والجمع حماض . والحماض : نبت جبلي وهو من عشب الربيع وورقه عظام ضخم فطح إلا أنه شديد الحمض يأكله الناس وزهره أحمر وورقه أخضر ويتناوس في ثمره مثل حب الرمان يأكله الناس شيئا قليلا ، واحدته حماضة ; قال [ ص: 225 ] الراجز رؤبة :


                                                          ترى بها من كل رشاش الورق     كثامر الحماض من هفت العلق



                                                          فشبه الدم بنور الحماض . وقال أبو حنيفة : الحماض من العشب وهو يطول طولا شديدا وله ورقة عظيمة وزهرة حمراء ، وإذا دنا يبسه ابيضت زهرته ، والناس يأكلونه ; قال الشاعر :


                                                          ماذا يؤرقني ، والنوم يعجبني     من صوت ذي رعثات ساكن الدار ؟
                                                          كأن حماضة في رأسه نبتت     من آخر الصيف ، قد همت بإثمار



                                                          فأما ما أنشده ابن الأعرابي من قول وبرة وهو لص معروف يصف قوما :


                                                          على رءوسهم حماض محنية     وفي صدورهم جمر الغضا يقد



                                                          فمعنى ذلك أن رءوسهم كالحماض في حمرة شعورهم وأن لحاهم مخضوبة كجمر الغضا ، وجعلها في صدورهم لعظمها حتى كأنها تضرب إلى صدورهم ، وعندي أنه إنما عنى قول العرب في الأعداء صهب السبال ، وإنما كني عن الأعداء بذلك لأن الروم أعداء العرب وهم كذلك ، فوصف به الأعداء وإن لم يكونوا روما . الأزهري : الحماض بقلة برية تنبت أيام الربيع في مسايل الماء ولها ثمرة حمراء وهي من ذكور البقول ; وأنشد ابن بري :


                                                          فتداعى منخراه بدم     مثل ما أثمر حماض الجبل



                                                          ومنابت الحماض : الشعيبات وملاجئ الأودية وفيها حموضة ، وربما نبتها الحاضرة في بساتينهم وسقوها وربوها فلا تهيج وقت هيج البقول البرية . وفلان حامض الفؤاد في الغضب إذا فسد وتغير عداوة . وفؤاد حمض ، ونفس حمضة ، تنفر من الشيء أول ما تسمعه . وتحمض الرجل : تحول من شيء إلى شيء . وحمضه عنه وأحمضه : حوله ; قال الطرماح :


                                                          لا يني يحمض العدو ، وذو الخ     لة يشفى صداه بالإحماض



                                                          قال ابن السكيت : يقال حمضت الإبل ، فهي حامضة إذا كانت ترعى الخلة ، وهو من النبت ما كان حلوا ، ثم صارت إلى الحمض ترعاه ، وهو ما كان من النبت مالحا أو حامضا . وقال بعض الناس : إذا أتى الرجل المرأة في غير مأتاها الذي يكون موضع الولد فقد حمض تحميضا كأنه تحول من خير المكانين إلى شرهما شهوة معكوسة كفعل قوم لوط الذين أهلكهم الله بحجارة من سجيل . وفي حديث ابن عمر وسئل عن التحمض قال : وما التحمض ؟ قال : يأتي الرجل المرأة في دبرها ، قال : ويفعل هذا أحد من المسلمين ! ويقال للتفخيذ في الجماع : تحميض . ويقال : أحمضت الرجل عن الأمر حولته عنه وهو من أحمضت الإبل إذا ملت من رعي الخلة ، وهو الحلو من النبات ، اشتهت الحمض فتحولت إليه ; وأما قول الأغلب العجلي :


                                                          لا يحسن التحميض إلا سردا



                                                          فإنه يريد التفخيذ . والتحميض : الإقلال من الشيء . يقال : حمض لنا فلان في القرى أي قلل . ويقال : قد أحمض القوم إحماضا إذا أفاضوا فيما يؤنسهم من الحديث والكلام كما يقال : فكه ومتفكه . وفي حديث ابن عباس : كان يقول : إذا أفاض من عنده في الحديث بعد القرآن والتفسير : أحمضوا وذلك لما خاف عليهم الملال أحب أن يريحهم فأمرهم بالإحماض بالأخذ في ملح الكلام والحكايات . والحمضة : الشهوة إلى الشيء ، وروى أبو عبيدة في كتابه حديثا لبعض التابعين وخرجه ابن الأثير من حديث الزهري قال : الأذن مجاجة وللنفس حمضة ; أي شهوة كما تشتهي الإبل الحمض إذا ملت الخلة ، والمجاجة : التي تمج ما تسمعه فلا تعيه إذا وعظت بشيء أو نهيت عنه ، ومع ذلك فلها شهوة في السماع ; قال الأزهري : والمعنى أن الآذان لا تعي كل ما تسمعه وهي مع ذلك ذات شهوة لما تستظرفه من غرائب الحديث ونوادر الكلام . والحميضى : نبت وليس من الحموضة . و حمضة : اسم حي بلعاء بن قيس الليثي ; قال :


                                                          ضمنت لحمضة جيرانه     وذمة بلعاء أن تؤكلا



                                                          معناه أن لا تؤكل . وبنو حميضة : بطن . وبنو حمضة : بطن من العرب من بني كنانة . وحميضة : اسم رجل مشهور من بني عامر بن صعصعة . وحمض : ماء معروف لبني تميم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية