الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حمل ]

                                                          حمل : حمل الشيء يحمله حملا وحملانا فهو محمول وحميل ، واحتمله ; وقول النابغة :


                                                          فحملت برة واحتملت فجار



                                                          عبر عن البرة بالحمل ، وعن الفجرة بالاحتمال ، لأن حمل البرة بالإضافة إلى احتمال الفجرة أمر يسير ومستصغر ; ومثله قول الله - عز اسمه : لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وهو مذكور في موضعه ; وقول أبي ذؤيب :


                                                          ما حمل البختي عام غياره     عليه الوسوق : برها وشعيرها



                                                          قال ابن سيده : إنما حمل في معنى ثقل ، ولذلك عداه بالباء ; ألا تراه قال بعد هذا :


                                                          بأثقل مما كنت حملت خالدا



                                                          وفي الحديث : " ( من حمل علينا السلاح فليس منا ) " أي من حمل السلاح على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم ، فإن لم يحمله عليهم لأجل كونهم مسلمين فقد اختلف فيه ، فقيل : معناه ليس منا أي ليس مثلنا ، وقيل : ليس متخلقا بأخلاقنا ولا عاملا بسنتنا ، وقوله - عز وجل : وكأين من دابة لا تحمل رزقها قال : معناه وكم من دابة لا تدخر رزقها إنما تصبح فيرزقها الله . والحمل : ما حمل ، والجمع أحمال ، وحمله على الدابة يحمله حملا . والحملان : ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة . الأزهري : ويكون الحملان أجرا لما يحمل . وحملت الشيء على ظهري أحمله حملا . وفي التنزيل العزيز : فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا أي وزرا . وحمله على الأمر يحمله حملا فانحمل : أغراه به ; وحمله على الأمر تحميلا وحمالا فتحمله تحملا وتحمالا ; قال سيبويه : أرادوا في الفعال أن يجيئوا به على الإفعال فكسروا أوله وألحقوا الألف قبل آخر حرف فيه ، ولم يريدوا أن يبدلوا حرفا مكان [ ص: 228 ] حرف كما كان ذلك في أفعل واستفعل . وفي حديث عبد الملك في هدم الكعبة وما بنى ابن الزبير منها : وددت أني تركته وما تحمل من الإثم في هدم الكعبة وبنائها . وقوله - عز وجل : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان قال الزجاج : معنى يحملنها يخنها ، والأمانة هنا : الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية ، وكذا جاء في التفسير والإنسان هنا الكافر والمنافق ، وقال أبو إسحاق في الآية : إن حقيقتها ، والله أعلم ، أن الله - تعالى - ائتمن بني آدم على ما افترضه عليهم من طاعته وأتمن السماوات والأرض والجبال بقوله : ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فعرفنا الله تعالى أن السماوات والأرض لم تحمل الأمانة أي أدتها ; وكل من خان الأمانة فقد حملها ، وكذلك كل من أثم فقد حمل الإثم ; ومنه قوله تعالى : وليحملن أثقالهم الآية ، فأعلم الله تعالى أن من باء بالإثم يسمى حاملا للإثم والسماوات والأرض أبين أن يحملنها ، يعني الأمانة ، وأدينها ، وأداؤها طاعة الله فيما أمرها به والعمل به وترك المعصية ، وحملها الإنسان ، قال الحسن : أراد الكافر والمنافق حملا الأمانة أي خانا ولم يطيعا ، قال : فهذا المعنى ، والله أعلم ، صحيح ومن أطاع الله من الأنبياء والصديقين والمؤمنين فلا يقال كان ظلوما جهولا ، قال : وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله : ليعذب الله المنافقين والمنافقات إلى آخرها ; قال أبو منصور : وما علمت أحدا شرح من تفسير هذه الآية ما شرحه أبو إسحاق ; قال : ومما يؤيد قوله في حمل الأمانة إنه خيانتها وترك أدائها قول الشاعر :


                                                          إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة     وتحمل أخرى ، أفرحتك الودائع



                                                          أراد بقوله : وتحمل أخرى أي تخونها ولا تؤديها ، يدل على ذلك قوله : أفرحتك الودائع ; أي أثقلتك الأمانات التي تخونها ولا تؤديها . وقوله تعالى : فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم فسره ثعلب فقال : على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ما أوحي إلي وكلف أن ينبه عليه ، وعليكم أنتم الاتباع . وفي حديث علي : لا تناظروهم بالقرآن فإن القرآن حمال ذو وجوه أي يحمل عليه كل تأويل فيحتمله ، وذو وجوه أي ذو معان مختلفة . الأزهري : وسمى الله ، عز وجل ، الإثم حملا فقال : وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ; يقول : وإن تدع نفس مثقلة بأوزارها ذا قرابة لها إلى أن يحمل من أوزارها شيئا لم يحمل من أوزارها شيئا . وفي حديث الطهارة : إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث أي لم يظهره ولم يغلب الخبث عليه من قولهم فلان يحمل غضبه أي لا يظهره ; قال ابن الأثير : والمعنى أن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إذا كان قلتين ، وقيل : معنى لم يحمل خبثا أنه يدفعه عن نفسه ، كما يقال فلان لا يحمل الضيم إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه ، وقيل : معناه أنه إذا كان قلتين لم يحتمل أن يقع فيه نجاسة لأنه ينجس بوقوع الخبث فيه ، فيكون على الأول قد قصد أول مقادير المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها ، وهو ما بلغ القلتين فصاعدا ، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع النجاسة فيها ، وهو ما انتهى في القلة إلى القلتين ، قال : والأول هو القول ، وبه قال من ذهب إلى تحديد الماء بالقلتين ، فأما الثاني فلا . واحتمل الصنيعة : تقلدها وشكرها ، وكله من الحمل . وحمل فلانا وتحمل به وعليه في الشفاعة والحاجة : اعتمد . والمحمل ، بفتح الميم : المعتمد ، يقال : ما عليه محمل ، مثل مجلس ، أي معتمد . وفي حديث قيس : تحملت بعلي على عثمان في أمر أي استشفعت به إليه . وتحامل في الأمر وبه : تكلفه على مشقة وإعياء . وتحامل عليه : كلفه ما لا يطيق . واستحمله نفسه : حمله حوائجه وأموره ; قال زهير :


                                                          ومن لا يزل يستحمل الناس نفسه     ولا يغنها يوما من الدهر ، يسأم



                                                          وفي الحديث : كان إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل أي تكلف الحمل بالأجرة ليكسب ما يتصدق به . وتحاملت الشيء : تكلفته على مشقة . وتحاملت على نفسي إذا تكلفت الشيء على مشقة . وفي الحديث الآخر : كنا نحامل على ظهورنا أي نحمل لمن يحمل لنا ، من المفاعلة ، أو هو من التحامل . وفي حديث الفرع والعتيرة : إذا استحمل ذبحته فتصدقت به أي قوي على الحمل وأطاقه ، وهو استفعل من الحمل ; وقول يزيد بن الأعور الشني :


                                                          مستحملا أعرف قد تبنى



                                                          يريد مستحملا سناما أعرف عظيما . وشهر مستحمل : يحمل أهله في مشقة لا يكون كما ينبغي أن يكون ; عن ابن الأعرابي ; قال : والعرب تقول إذا نحر هلال شمالا كان شهرا مستحملا . وما عليه محمل أي موضع لتحميل الحوائج . وما على البعير محمل من ثقل الحمل . وحمل عنه : حلم . ورجل حمول : صاحب حلم . والحمل ، بالفتح : ما يحمل في البطن من الأولاد في جميع الحيوان ، والجمع حمال وأحمال . وفي التنزيل العزيز : وأولات الأحمال أجلهن . وحملت المرأة والشجرة تحمل حملا : علقت . وفي التنزيل : حملت حملا خفيفا قال ابن جني : حملته ولا يقال : حملت به إلا أنه كثر حملت المرأة بولدها ; وأنشد لأبي كبير الهذلي :


                                                          حملت به ، وفي ليلة ، مزءودة     كرها ، وعقد نطاقها لم يحلل



                                                          وفي التنزيل العزيز : حملته أمه كرها وكأنه إنما جاز حملت به لما كان في معنى علقت به ونظيره قوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم لما كان في معنى الإفضاء عدي بإلى . وامرأة حامل وحاملة ، على النسب وعلى الفعل . الأزهري : امرأة حامل وحاملة إذا كانت حبلى . وفي التهذيب : إذا كان في بطنها ولد ; وأنشد لعمرو بن حسان ويروى لخالد بن حق :


                                                          تمخضت المنون له بيوم     أنى ، ولكل حاملة تمام



                                                          فمن قال حامل ، بغير هاء ، قال هذا نعت لا يكون إلا للمؤنث ، ومن قال حاملة بناه على حملت فهي حاملة ، فإذا حملت المرأة شيئا على [ ص: 229 ] ظهرها أو على رأسها فهي حاملة لا غير ، لأن الهاء إنما تلحق للفرق فأما ما يكون للمذكر فقد استغني فيه عن علامة التأنيث ، فإن أتي بها فإنما هو على الأصل ، قال : هذا قول أهل الكوفة ، وأما أهل البصرة فإنهم يقولون : هذا غير مستمر لأن العرب قالت : رجل أيم وامرأة أيم ، ورجل عانس وامرأة عانس ، على الاشتراك ، وقالوا امرأة مصبية وكلبة مجرية ، مع غير الاشتراك ، قالوا : والصواب أن يقال : قولهم حامل وطالق وحائض وأشباه ذلك من الصفات التي لا علامة فيها للتأنيث ، فإنما هي أوصاف مذكرة وصف بها الإناث ، كما أن الربعة والراوية والخجأة أوصاف مؤنثة وصف بها الذكران ; وقالوا : حملت الشاة والسبعة وذلك في أول حملها ، عن ابن الأعرابي وحده . والحمل : ثمر الشجرة ، والكسر فيه لغة ، وشجر حامل ، وقال بعضهم : ما ظهر من ثمر الشجرة فهو حمل ، وما بطن فهو حمل ، وفي التهذيب : ما ظهر ، ولم يقيده بقوله : من حمل الشجرة ولا غيره . ابن سيده : وقيل : الحمل ما كان في بطن أو على رأس شجرة ، وجمعه أحمال . والحمل ، بالكسر : ما حمل على ظهر أو رأس ، قال : وهذا هو المعروف في اللغة ، وكذلك قال بعض اللغويين : ما كان لازما للشيء فهو حمل ، وما كان بائنا فهو حمل ، قال : وجمع الحمل أحمال وحمول ; عن سيبويه ، وجمع الحمل حمال . وفي حديث بناء مسجد المدينة : ( هذا الحمال لا حمال خيبر ) يعني ثمر الجنة أنه لا ينفد . ابن الأثير : الحمال ، بالكسر ، من الحمل والذي يحمل من خيبر هو التمر أي أن هذا في الآخرة أفضل من ذاك وأحمد عاقبة كأنه جمع حمل أو حمل ، ويجوز أن يكون مصدر حمل أو حامل ; ومنه حديث عمر : فأين الحمال ؟ يريد منفعة الحمل وكفايته ، وفسره بعضهم بالحمل الذي هو الضمان . وشجرة حاملة : ذات حمل . التهذيب : حمل الشجر وحمله . وذكر ابن دريد أن حمل الشجر فيه لغتان : الفتح والكسر ; قال ابن بري : أما حمل البطن فلا خلاف فيه أنه بفتح الحاء ، وأما حمل الشجر ففيه خلاف ، منهم من يفتحه تشبيها بحمل البطن ، ومنهم من يكسره يشبهه بما يحمل على الرأس ، فكل متصل حمل وكل منفصل حمل ، فحمل الشجرة مشبه بحمل المرأة لاتصاله ، فلهذا فتح ، وهو يشبه حمل الشيء على الرأس لبروزه وليس مستبطنا كحمل المرأة ، قال : وجمع الحمل أحمال ; وذكر ابن الأعرابي أنه يجمع أيضا على حمال مثل كلب وكلاب . والحمال : حامل الأحمال ، وحرفته الحمالة . وأحملته أي أعنته على الحمل ، والحملة جمع الحامل ، يقال : هم حملة العرش وحملة القرآن . وحميل السيل : ما يحمل من الغثاء والطين . وفي حديث القيامة في وصف قوم يخرجون من النار : فيلقون في نهر في الجنة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ; قال ابن الأثير : هو ما يجيء به السيل ، فعيل بمعنى مفعول ، فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في يوم وليلة ، فشبه بها سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لها ; وفي حديث آخر : كما تنبت الحبة في حمائل السيل ، وهو جمع حميل . والحومل : السيل الصافي ; عن الهجري ; وأنشد :


                                                          مسلسلة المتنين ليست بشينة     كأن حباب الحومل الجون ريقها



                                                          وحميل الضعة والثمام والوشيج والطريفة والسبط : الدويل الأسود منه ; قال أبو حنيفة : الحميل بطن السيل وهو لا ينبت ، وكل محمول فهو حميل . والحميل : الذي يحمل من بلده صغيرا ولم يولد في الإسلام ; ومنه قول عمر ، رضي الله عنه ، في كتابه إلى شريح : الحميل لا يورث إلا ببينة ; سمي حميلا لأنه يحمل صغيرا من بلاد العدو ولم يولد في الإسلام ، ويقال : بل سمي حميلا لأنه محمول النسب ، وذلك أن يقول الرجل لإنسان : هذا أخي أو ابني ، ليزوي ميراثه عن مواليه فلا يصدق إلا ببينة . قال ابن سيده : والحميل الولد في بطن أمه إذا أخذت من أرض الشرك إلى بلاد الإسلام فلا يورث إلا ببينة . والحميل : المنبوذ يحمله قوم فيربونه . والحميل : الدعي ; قال الكميت يعاتب قضاعة في تحولهم إلى اليمن بنسبهم :


                                                          علام نزلتم من غير فقر     ولا ضراء ، منزلة الحميل ؟



                                                          والحميل : الغريب . والحمالة ، بكسر الحاء ، والحميلة : علاقة السيف وهو المحمل مثل المرجل ، قال :


                                                          على النحر حتى بل دمعي محملي



                                                          وهو السير الذي يقلده المتقلد وقد سماه ذو الرمة عرق الشجر فقال :


                                                          توخاه بالأظلاف ، حتى كأنما     يثرن الكباب الجعد عن متن محمل



                                                          والجمع الحمائل . وقال الأصمعي : حمائل السيف لا واحد لها من لفظها وإنما واحدها محمل ; التهذيب : جمع الحمالة حمائل ، وجمع المحمل محامل ; قال الشاعر :


                                                          درت دموعك فوق ظهر المحمل



                                                          وقال أبو حنيفة : الحمالة للقوس بمنزلتها للسيف يلقيها المتنكب في منكبه الأيمن ويخرج يده اليسرى منها فيكون القوس في ظهره . والمحمل : واحد محامل الحجاج ; قال الراجز :


                                                          أول عبد عمل المحاملا



                                                          والمحمل : الذي يركب عليه ، بكسر الميم . قال ابن سيده : المحمل شقان على البعير يحمل فيهما العديلان . والمحمل والحاملة : الزبيل الذي يحمل فيه العنب إلى الجرين . واحتمل القوم وتحملوا : ذهبوا وارتحلوا . والحمولة ، بالفتح : الإبل التي تحمل . ابن سيده : الحمولة كل ما احتمل عليه الحي من بعير أو حمار أو غير ذلك ، سواء كانت عليها أثقال أو لم تكن ، وفعول تدخله الهاء إذا كان بمعنى مفعول به . وفي حديث تحريم الحمر الأهلية ، قيل : لأنها حمولة الناس ; الحمولة ، بالفتح ، ما يحتمل عليه الناس من الدواب سواء كانت عليها الأحمال أو لم تكن كالركوبة . وفي حديث قطن : والحمولة المائرة لهم لاغية أي الإبل التي تحمل الميرة . وفي التنزيل العزيز : ومن [ ص: 230 ] الأنعام حمولة وفرشا يكون ذلك للواحد فما فوقه . والحمول والحمولة ، بالضم : الأجمال التي عليها الأثقال خاصة . والحمولة : الأحمال بأعيانها . الأزهري : الحمولة الأثقال . والحمولة : ما أطاق العمل والحمل . والفرش : الصغار . أبو الهيثم : الحمولة من الإبل التي تحمل الأحمال على ظهورها ، بفتح الحاء ، والحمولة ، بضم الحاء : الأحمال التي تحمل عليها ، واحدها حمل وأحمال وحمول وحمولة ، قال : فأما الحمر والبغال فلا تدخل في الحمولة . والحمول : الإبل وما عليها . وفي الحديث : ( من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه ) الحمولة ، بالضم : الأحمال ، يعني : أنه يكون صاحب أحمال يسافر بها . والحمول ، بالضم بلا هاء : الهوادج كان فيها النساء أو لم يكن ، واحدها حمل ، ولا يقال : حمول من الإبل إلا لما عليه الهوادج ، والحمولة والحمول واحد ; وأنشد :


                                                          أحرقاء للبين استقلت حمولها



                                                          والحمول أيضا : ما يكون على البعير . الليث : الحمولة الإبل التي تحمل عليها الأثقال . والحمول : الإبل بأثقالها ; وأنشد للنابغة :


                                                          أصاح ترى ، وأنت إذا بصير     حمول الحي يرفعها الوجين



                                                          وقال أيضا :


                                                          تخال به راعي الحمولة طائرا



                                                          قال ابن بري في الحمول التي عليها الهوادج كان فيها نساء أو لم يكن : الأصل فيها الأحمال ثم يتسع فيها فتوقع على الإبل التي عليها الهوادج ; وعليه قول أبي ذؤيب :


                                                          يا هل أريك حمول الحي غادية     كالنخل زينها ينع وإفضاخ



                                                          شبه الإبل بما عليها من الهوادج بالنخل الذي أزهى ; وقال ذو الرمة في الأحمال وجعلها كالحمول :


                                                          ما اهتجت حتى زلن بالأحمال     مثل صوادي النخل والسيال



                                                          وقال المتنخل :


                                                          ذلك ما دينك إذ جنبت     أحمالها ، كالبكر المبتل
                                                          عير عليهن كنانية     جارية كالرشإ الأكحل



                                                          فأبدل عيرا من أحمالها ; وقال امرؤ القيس في الحمول أيضا :


                                                          وحدث بأن زالت بليل حمولهم     كنخل من الأعراض غير منبق



                                                          قال : وتنطلق الحمول أيضا على النساء المتحملات كقول معقر :


                                                          أمن آل شعثاء الحمول البواكر     مع الصبح ، قد زالت بهن الأباعر ؟



                                                          وقال آخر :


                                                          أنى ترد لي الحمول أراهم     ما أقرب الملسوع منه الداء !



                                                          وقول أوس :


                                                          وكان له العين المتاح حمولة



                                                          فسره ابن الأعرابي فقال : كأن إبله موقرة من ذلك . وأحمله الحمل : أعانه عليه ، وحمله : فعل ذلك به . ويجيء الرجل إلى الرجل إذا انقطع به في سفر فيقول له : احملني فقد أبدع بي أي : أعطني ظهرا أركبه ، وإذا قال الرجل : أحملني ، بقطع الألف ، فمعناه : أعني على حمل ما أحمله . وناقة محملة : مثقلة . والحمالة ، بالفتح : الدية والغرامة التي يحملها قوم عن قوم ، وقد تطرح منها الهاء . وتحمل الحمالة أي : حملها . الأصمعي : الحمالة الغرم تحمله عن القوم ونحو ذلك قال الليث ، ويقال أيضا : حمال ; قال الأعشى :


                                                          فرع نبع يهتز في غصن المج     د ، عظيم الندى ، كثير الحمال



                                                          ورجل حمال : يحمل الكل عن الناس . الأزهري : الحميل الكفيل . وفي الحديث : ( الحميل غارم ) هو الكفيل أي : الكفيل ضامن . وفي حديث ابن عمر : ( كان لا يرى بأسا في السلم بالحميل ) أي : الكفيل . الكسائي : حملت به حمالة كفلت به ، وفي الحديث : ( لا تحل المسألة إلا لثلاثة ) ذكر منهم : ( رجل تحمل حمالة عن قوم ) هي بالفتح ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة مثل أن تقع حرب بين فريقين تسفك فيها الدماء ، فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين ، التحمل : أن يحملها عنهم على نفسه ويسأل الناس فيها . وقتادة صاحب الحمالة ; سمي بذلك لأنه تحمل بحمالات كثيرة فسأل فيها وأداها . والحوامل : الأرجل . وحوامل القدم والذراع : عصبها ، واحدتها حاملة . ومحامل الذكر وحمائله : العروق التي في أصله وجلده ; وبه فسر الهروي قوله في حديث عذاب القبر : ( يضغط المؤمن في هذا ، يريد القبر ، ضغطة تزول منها حمائله ) وقيل : هي عروق أنثييه ، قال : ويحتمل أن يراد موضع حمائل السيف أي : عواتقه وأضلاعه وصدره . وحمل به حمالة : كفل . يقال : حمل فلان الحقد على نفسه إذا أكنه في نفسه واضطغنه . ويقال للرجل إذا استخفه الغضب : قد احتمل وأقل ; قال الأصمعي في الغضب : غضب فلان حتى احتمل . ويقال للذي يحلم عمن يسبه : قد احتمل ، فهو محتمل ; وقال الأزهري في قول الجعدي :


                                                          كلبا من حس ماء قد مسه     وأفانين فؤاد محتمل



                                                          أي : مستخف من النشاط ، وقيل : غضبان ، وأفانين فؤاد : ضروب نشاطه . واحتمل الرجل : غضب . الأزهري عن الفراء : احتمل إذا غضب ، ويكون بمعنى حلم . وحملت به حمالة أي : كفلت ، وحملت إدلاله واحتملت بمعنى ; قال الشاعر :


                                                          أدلت فلم أحمل ، وقالت فلم أجب     لعمر أبيها إنني لظلوم !



                                                          والمحامل : الذي يقدر على جوابك فيدعه إبقاء على مودتك ، [ ص: 231 ] والمجامل : الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويحقد عليك إلى وقت ما . ويقال : فلان لا يحمل أي : يظهر غضبه . والمحمل من النساء والإبل : التي ينزل لبنها من غير حبل ، وقد أحملت . والحمل : الخروف ، وقيل : هو من ولد الضأن الجذع فما دونه ، والجمع حملان وأحمال ، وبه سميت الأحمال ، وهي بطون من بني تميم . والحمل : السحاب الكثير الماء . والحمل : برج من بروج السماء ، هو أول البروج أوله الشرطان وهما قرنا الحمل ، ثم البطين ثلاثة كواكب ، ثم الثريا وهي ألية الحمل ، هذه النجوم على هذه الصفة تسمى حملا ; قلت : وهذه المنازل والبروج قد انتقلت ، والحمل في عصرنا هذا أوله من أثناء الفرغ المؤخر ، وليس هذا موضع تحرير درجه ودقائقه . المحكم : قال ابن سيده : قال ابن الأعرابي : يقال : هذا حمل طالعا ، تحذف منه الألف واللام وأنت تريدها ، وتبقي الاسم على تعريفه ، وكذلك جميع أسماء البروج لك أن تثبت فيها الألف واللام ولك أن تحذفها وأنت تنويها ، فتبقي الأسماء على تعريفها الذي كانت عليه . والحمل : النوء ، قال : وهو الطلي . يقال : مطرنا بنوء الحمل وبنوء الطلي ; وقول المتنخل الهذلي :


                                                          كالسحل البيض ، جلا لونها     سح نجاء الحمل الأسول



                                                          فسر بالسحاب الكثير الماء ، وفسر بالبروج ، وقيل في تفسير النجاء : السحاب الذي نشأ في نوء الحمل ، قال : وقيل في الحمل : إنه المطر الذي يكون بنوء الحمل ، وقيل : النجاء السحاب الذي هراق ماءه ، واحده نجو ، شبه البقر في بياضها بالسحل ، وهي الثياب البيض ، واحدها سحل ; والأسول : المسترخي أسفل البطن ، شبه السحاب المسترخي به ; وقال الأصمعي : الحمل هاهنا السحاب الأسود ويقوي قوله كونه وصفه بالأسول وهو المسترخي ، ولا يوصف النجو بذلك ، وإنما أضاف النجاء إلى الحمل ، والنجاء : السحاب لأنه نوع منه كما تقول : حشف التمر لأن الحشف نوع منه . وحمل عليه في الحرب حملة ، وحمل عليه حملة منكرة ، وشد شدة منكرة ، وحملت على بني فلان إذا أرشت بينهم . وحمل على نفسه في السير أي : جهدها فيه . وحملته الرسالة أي : كلفته حملها . واستحملته : سألته أن يحملني . وفي حديث تبوك : قال أبو موسى : أرسلني أصحابي إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أسأله الحملان هو مصدر حمل يحمل حملانا ، وذلك أنهم أنفذوه يطلبون شيئا يركبون عليه ، ومنه تمام الحديث : قال ، صلى الله عليه وسلم : ( ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم ) أراد إفراد الله بالمن عليهم ، وقيل : أراد لما ساق الله إليه هذه الإبل وقت حاجتهم كان هو الحامل لهم عليها ، وقيل : كان ناسيا ليمينه أنه لا يحملهم فلما أمر لهم بالإبل قال : ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم ، كما قال للصائم الذي أفطر ناسيا : الله أطعمك وسقاك . وتحامل عليه أي : مال ، والمتحامل قد يكون موضعا ومصدرا ، تقول في المكان : هذا متحاملنا ، وتقول في المصدر : ما في فلان متحامل أي : تحامل ; والأحمال في قول جرير :


                                                          أبني قفيرة ، من يورع وردنا     أم من يقوم لشدة الأحمال ؟



                                                          قوم من بني يربوع هم ثعلبة وعمرو والحارث . يقال : ورعت الإبل عن الماء رددتها ، وقفيرة : جدة الفرزدق أم صعصعة بن ناجية بن عقال . وحمل : موضع بالشأم . الأزهري : حمل اسم جبل بعينه ; ومنه قول الراجز :


                                                          أشبه أبا أمك أو أشبه حمل



                                                          قال : حمل اسم جبل فيه جبلان يقال لهما : طمران ; وقال :


                                                          كأنها ، وقد تدلى النسران     ضمهما من حمل طمران
                                                          صعبان عن شمائل وأيمان



                                                          قال الأزهري : ورأيت بالبادية حملا ذلولا اسمه حمال . وحومل : موضع ; قال أمية بن أبي عائذ الهذلي :


                                                          من الطاويات ، خلال الغضا     بأجماد حومل أو بالمطالي



                                                          وقول امرئ القيس :


                                                          بين الدخول فحومل



                                                          إنما صرفه ضرورة . وحومل : اسم امرأة يضرب بكلبتها المثل ، يقال : أجوع من كلبة حومل . والمحمولة : حنطة غبراء كأنها حب القطن ليس في الحنطة أكبر منها حبا ولا أضخم سنبلا ، وهي كثيرة الريع غير أنها لا تحمد في اللون ولا في الطعم ; هذه عن أبي حنيفة . وقد سمت حملا وحميلا . وبنو حميل : بطن ; وقولهم :


                                                          ضح قليلا يدرك الهيجا حمل



                                                          إنما يعني به حمل بن بدر . والحمالة : فرس طليحة بن خويلد الأسدي ; وقال يذكرها :


                                                          عويت لهم صدر الحمالة     إنها معاودة قيل الكماة نزال
                                                          فيوما تراها في الجلال مصونة     ويوما تراها غير ذات جلال



                                                          قال ابن بري : يقال لها : الحمالة الصغرى ، وأما الحمالة الكبرى فهي لبني سليم ; وفيها يقول عباس بن مرداس :


                                                          أما الحمالة والقريظ ، فقد     أنجبن من أم ومن فحل



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية