الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حنك ]

                                                          حنك : الحنك من الإنسان والدابة : باطن أعلى الفم من داخل ، [ ص: 251 ] وقيل : هو الأسفل في طرف مقدم اللحيين من أسفلهما ، والجمع أحناك ، لا يكسر على غير ذلك . الأزهري عن ابن الأعرابي : الحنك الأسفل والفقم الأعلى من الفم . يقال : أخذ بفقمه ، والحنكان الأعلى والأسفل ، فإذا فصلوهما لم يكادوا يقولون للأعلى حنك ; قال حميد يصف الفيل :


                                                          فالحنك الأعلى طوال سرطم والحنك الأسفل منه أفقم



                                                          يريد به الحنكين . وحنك الدابة : دلك حنكها فأدماه . والمحنك والحناك : الخيط الذي يحنك به . والحناك : وثاق يربط به الأسير ، وهو غل ، كلما جذب أصاب حنكه ; قال الراعي يذكر رجلا مأسورا :


                                                          إذا ما اشتكى ظلم العشيرة ، عضه     حناك وقراص شديد الشكائم



                                                          الأزهري : التحنيك أن تحنك الدابة تغرز عودا في حنكه الأعلى أو طرف قرن حتى تدميه لحدث يحدث فيه . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( أنه كان يحنك أولاد الأنصار ) قال : والتحنيك أن تمضغ التمر ثم تدلكه بحنك الصبي داخل فمه ; يقال منه : حنكته وحنكته فهو محنوك ومحنك . وفي حديث ابن أم سليم لما ولدته وبعثت به إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم : فمضغ له تمرا وحنكه أي دلك به حنكه . وحنك الصبي بالتمر وحنكه : دلك به حنكه . وأخذ بحناك صاحبه إذا أخذ بحنكه ولبته ثم جره إليه . وحنك الدابة يحنكها ويحنكها : جعل الرسن في فيها من غير أن يشتق من الحنك ; رواه أبو عبيد ، قال ابن سيده : والصحيح عندي أنه مشتق منه ، وكذلك احتنكه . ويقال : أحنك الشاتين وأحنك البعيرين أي آكلهما بالحنك ; قال سيبويه : وهو من صيغ التعجب والمفاضلة ، ولا فعل له عنده . واستحنك الرجل : قوي أكله واشتد بعد ضعف وقلة ، وهو من ذلك . وقولهم : هذا البعير أحنك الإبل مشتق من الحنك ، يريدون أشدها أكلا ، وهو شاذ لأن الخلقة لا يقال فيها ما أفعله . والحنك : الأكلة من الناس . واحتنك الجراد الأرض : أتى على نبتها وأكل ما عليها . والحنك : الجماعة من الناس ينتجعون بلدا يرعونه . يقال : ما ترك الأحناك في أرضنا شيئا ، يعني الجماعات المارة ; قال أبو نخيلة :


                                                          إنا وكنا حنكا نجديا     لما انتجعنا الورق المرعيا
                                                          فلم نجد رطبا ولا لويا



                                                          وقوله ، عز وجل ، حاكيا عن إبليس : لأحتنكن ذريته إلا قليلا . مأخوذ من احتنك الجراد الأرض إذا أتى على نبتها ; قال الفراء : يقول لأستولين عليهم إلا قليلا يعني المعصومين ; قال محمد بن سلام : سألت يونس عن هذه الآية فقال : يقال كان في الأرض كلأ فاحتنكه الجراد أي أتى عليه ، ويقول أحدهم : لم أجد لجاما فاحتنكت دابتي أي ألقيت في حنكها حبلا وقدتها . وقال الأخفش في قوله : لأحتنكن ذريته . قال : لأستأصلنهم ولأستميلنهم . واحتنك فلان ما عند فلان أي أخذه كله . وفي حديث خزيمة : والعضاه مستحنكا أي منقلعا من أصله ; قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية . قال ابن سيده : واحتنك الرجل أخذ ماله كأنه أكله بالحنك ; حكى ثعلب أن ابن الأعرابي أنشده لزياد بن سيار الفزاري :


                                                          فإن كنت تشكى بالجماع ، ابن جعفر     فإن لدينا ملجمين وحانك



                                                          قال : تشكى تزن ، وحانك : من يدق حنكه باللجام . وحنك الغراب : منقاره . وأسود كحنك الغراب : يعني منقاره ، وقيل سواده ، وقيل نونه بدل من لام حلك ، وقد تقدم . وأسود حانك وحالك : شديد السواد ، قال الجوهري : الحنك المنقار ، والحنك ما تحت الذقن من الإنسان وغيره . قال ابن بري : حكى ابن حمزة عن ابن دريد : أنه أنكر قولهم أسود من حنك الغراب ; قال أبو حاتم : سألت أم الهيثم فقلت لها أسود مماذا ؟ قالت : من حلك الغراب لحييه وما حولهما ومنقاره وليس بشيء ، وقال قوم : النون بدل من اللام وليس بشيء أيضا . والتحنك . التلحي ، وهو أن تدير العمامة من تحت الحنك . والحنكة : السن والتجربة والبصر بالأمور . وحنكته التجارب والسن حنكا وحنكا وأحنكته وحنكته واحتنكته : هذبته ، وقيل ذلك أوان نبات سن العقل ، والاسم الحنكة والحنك والحنك . الأزهري عن الليث : حنكته السن إذا نبتت أسنانه التي تسمى أسنان العقل ، وحنكته السن إذا أحكمته التجارب والأمور ، فهو محنك ومحنك . ابن الأعرابي : جرذه الدهر ودلكه ووعسه وحنكه وعركه ونجذه بمعنى واحد . وقال الليث : يقولون هم أهل الحنك والحنك والحنكة أي أهل السن والتجارب . واحتنك الرجل أي استحكم . وفي حديث طلحة : أنه قال لعمر ، رضي الله عنهما : قد حنكتك الأمور أي راضتك وهذبتك ، يقال بالتخفيف والتشديد ، وأصله من حنك الفرس يحنكه إذا جعل في حنكه الأسفل حبلا يقوده به . ورجل محتنك وحنيك : مجرب كأنه على حنك ، وإن لم يستعمل . وحنكت الشيء : فهمته وأحكمته . الفراء : رجل حنك وامرأة حنكة إذا كانا لبيبين عاقلين . وقال الليث : رجل محنك وهو الذي لا يستقل منه شيء مما قد عضته الأمور . والمحتنك : الرجل المتناهي عقله وسنه . ابن الأعرابي : الحنك العقلاء جمع حنيك . يقال : رجل محنوك وحنيك ومحتنك ومحنك إذا كان عاقلا . والحنيك : الشيخ ; عن ابن الأعرابي ، وهو قريب من الأول ; وأنشد :


                                                          وهبته من سلفع أفوك     ومن هبل قد عسا حنيك
                                                          يحمل رأسا مثل رأس الديك



                                                          وقد احتنكت السن نفسها . ويقال : أحنكهم عن هذا الأمر إحناكا وأحكمهم أي ردهم . والحنكة : الرابية المشرفة من القف . يقال : أشرف على هاتيك الحنكة وهي نحو الفلكة في الغلظ ، وقال أبو خيرة : الحنك آكام صغار مرتفعة كرفعة الدار المرتفعة ، وفي حجارتها رخاوة وبياض كالكذان . وقال النضر : الحنكة تل غليظ وطوله في [ ص: 252 ] السماء على وجه الأرض مثل طول الرزن ، وهما شيء واحد . والحنكة والحناك : الخشبة التي تضم الغراضيف ، وقيل : هي القدة التي تضم غراضيف الرحل . قال الأزهري : الحنك خشب الرحل جمع حناك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية