الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما شرائط جوازه ( فمنها ) : بيان جنس المصنوع ، ونوعه وقدره وصفته ; لأنه لا يصير معلوما بدونه .

                                                                                                                                ( ومنها ) : أن يكون مما يجري فيه التعامل بين الناس - من أواني الحديد والرصاص ، والنحاس والزجاج ، والخفاف والنعال ، ولجم الحديد للدواب ، ونصول السيوف ، والسكاكين والقسي ، والنبل والسلاح كله ، والطشت والقمقمة ، ونحو ذلك - ولا يجوز في الثياب ; لأن القياس يأبى جوازه ، وإنما جوازه - استحسانا - لتعامل الناس ، ولا تعامل في الثياب .

                                                                                                                                ( ومنها ) : أن لا يكون فيه أجل ، فإن ضرب للاستصناع أجلا ; صار سلما حتى يعتبر فيه شرائط السلم ، وهو قبض البدل في المجلس ، ولا خيار لواحد منهما إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي شرط عليه في السلم ( وهذا ) قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد : هذا ليس بشرط ، وهو استصناع على كل حال - ضرب فيه أجلا أو لم يضرب - ولو ضرب للاستصناع فيما لا يجوز فيه الاستصناع - كالثياب ونحوها - أجلا ; ينقلب سلما في قولهما جميعا ( وجه ) قولهما : أن العادة جارية بضرب الأجل في الاستصناع ، وإنما يقصد به تعجيل العمل لا تأخير المطالبة ; فلا يخرج به عن كونه استصناعا ، أو يقال : قد يقصد بضرب الأجل تأخير المطالبة ، وقد يقصد به تعجيل العمل ; فلا يخرج العقد عن موضوعه ، مع الشك والاحتمال ، بخلاف ما لا يحتمل الاستصناع ; لأن ما لا يحتمل الاستصناع لا يقصد بضرب الأجل فيه تعجيل العمل ; فتعين أن يكون لتأخير المطالبة بالدين ، وذلك بالسلم ولأبي حنيفة : رضي الله عنه أنه إذا ضرب فيه أجلا ; فقد أتى بمعنى السلم ; إذ هو عقد على مبيع في الذمة مؤجلا ، والعبرة في العقود لمعانيها لا لصور الألفاظ ألا ترى أن البيع ينعقد بلفظ التمليك ، وكذا الإجارة ، وكذا النكاح على أصلنا ( ولهذا ) صار سلما فيما لا يحتمل الاستصناع - كذا هذا - ولأن التأجيل يختص بالديون ; لأنه وضع لتأخير المطالبة وتأخير المطالبة إنما يكون في عقد فيه مطالبة ، وليس ذلك إلا السلم ; إذ لا دين في الاستصناع ألا ترى أن لكل واحد منهما خيار الامتناع من العمل قبل العمل بالاتفاق ؟ ثم إذا صار سلما ; يراعى فيه شرائط السلم ، فإن وجدت صح ، وإلا فلا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية