الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 315 ] ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها قتل الخليفة الراشد المخلوع ، وذلك أنه اجتمع معه الملك داود وجماعة من كبار الأمراء ، فقصدوا قتال مسعود بأرض مراغة فهزمهم وبدد شملهم وقتل منهم خلقا صبرا بين يديه منهم صدقة بن دبيس وولى أخاه محمدا مكانه على الحلة وهرب الخليفة الراشد المخلوع فدخل أصبهان فقتله من كان يخدمه من الخراسانية ، وكان قد برأ من وجع أصابه ، فقتلوه في الخامس والعشرين من رمضان ، ودفن بشهرستان ظاهر أصبهان وقد كان حسن اللون مليح الوجه شديد القوة مهيبا . أمه أم ولد ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كسا الكعبة رجل من التجار يقال له راست الفارسي بثمانية عشر ألف دينار ; وذلك لأنه لم تأتها كسوة في هذا العام لاختلاف الملوك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كانت زلزلة عظيمة ببلاد الشام والجزيرة والعراق فانهدم شيء كثير ، ومات تحت الهدم خلق كثير وجم غفير . وفيها كان بخراسان غلاء شديد [ ص: 316 ] حتى أكلوا الكلاب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أخذ الملك عماد الدين زنكي مدينة حمص في المحرم وتزوج في رمضان بالست زمرد خاتون ، أم صاحب دمشق وهي التي تنسب إليها الخاتونية البرانية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ملك صاحب الروم مدينة بزاعة وهي على ستة فراسخ من حلب ، فجاء أهلها الذين نجوا من القتل والسبي يستغيثون بالمسلمين ببغداد ، فمنعت الخطبة ببغداد وجرت فتن طويلة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها تزوج السلطان مسعود سفرى بنت دبيس بن صدقة ، وزينت بغداد لذلك سبعة أيام ، قال ابن الجوزي : فحصل بسبب ذلك فساد عريض طويل منتشر ثم تزوج ابنة عمه فزينت بغداد ثلاثة أيام أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولد السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بقلعة تكريت . وفيها حج بالناس الأمير نظر الخادم ، وكذا في السنوات التي قبلها ، أثابه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية