الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حوس ]

                                                          حوس : حاسه حوسا : كحساه . والحوس : انتشار الغارة والقتل والتحرك في ذلك ، وقيل : هو الضرب في الحرب ، والمعاني [ ص: 269 ] مقتربة . وحاس حوسا : طلب . وحاس القوم حوسا : طلبهم وداسهم . وقرئ : فحاسوا خلال الديار ، وقد قدمنا ذكر تفسيرها في جوس . ورجل حواس غواس : طلاب بالليل . وحاس القوم حوسا : خالطهم ووطئهم وأهانهم ؛ قال :


                                                          يحوس قبيلة ويبير أخرى



                                                          وفي حديث عمر ، رضي الله عنه ، أنه قال لأبي العدبس : بل تحوسك فتنة أي : تخالط قلبك وتحثك وتحركك على ركوبها . وكل موضع خالطته ووطئته ، فقد حسته وجسته . وفي الحديث : أنه رأى فلانا وهو يخاطب امرأة تحوس الرجال ؛ أي : تخالطهم ؛ والحديث الآخر : قال لحفصة ألم أر جارية أخيك تحوس الناس ؟ وفي حديث آخر : فحاسوا العدو ضربا حتى أجهضوهم عن أثقالهم ؛ أي : بالغوا في النكاية فيهم . وأصل الحوس شدة الاختلاط ومداركة الضرب . ورجل أحوس : جريء لا يرده شيء . الجوهري : الأحوس الجريء الذي لا يهوله شيء ؛ وأنشد :


                                                          أحوس في الظلماء بالرمح الخطل



                                                          وتركت فلانا يحوس بني فلان ويجوسهم أي : يتخللهم ويطلب فيهم ويدوسهم . والذئب يحوس الغنم : يتخللها ويفرقها . وحمل فلان على القوم فحاسهم ؛ قال الحطيئة يذم رجلا :


                                                          رهط ابن أفعل في الخطوب أذلة     دنس الثياب قناتهم لم تضرس
                                                          بالهمز من طول الثقاف ، وجارهم     يعطي الظلامة في الخطوب الحوس



                                                          وهي الأمور التي تنزل بالقوم وتغشاهم وتخلل ديارهم . والتحوس : التشجع . والتحوس : الإقامة مع إرادة السفر كأنه يريد سفرا ولا يتهيأ له لاشتغاله بشيء بعد شيء ؛ وأنشد المتلمس يخاطب أخاه طرفة :


                                                          سر ، قد أنى لك أيها المتحوس     فالدار قد كادت لعهدك تدرس



                                                          وإنه لذو حوس وحويس أي : عداوة ؛ عن كراع . ويقال : حاسوهم وجاسوهم ودربخوهم وفنخوهم أي : ذللوهم . الفراء : حاسوهم وجاسوهم إذا ذهبوا وجاءوا يقتلونهم . والأحوس : الشديد الأكل ، وقيل : هو الذي لا يشبع من الشيء ولا يمله . والأحوس والحئوس كلاهما : الشجاع الحمس عند القتال الكثير القتل للرجال ، وقيل : هو الذي إذا لقي لم يبرح ، ولا يقال ذلك للمرأة ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          والبطل المستلئم الحئوس



                                                          وقد حوس حوسا . والأحوس أيضا : الذي لا يبرح مكانه أو ينال حاجته ، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر . ابن الأعرابي : الحوس الأكل الشديد ، والحوس : الشجعان . ويقال للرجل إذا ما تحيس وأبطأ : ما زال يتحوس . وفي حديث عمر بن عبد العزيز : دخل عليه قوم فجعل فتى منهم يتحوس في كلامه ، فقال : كبروا كبروا ! التحوس : تفعل من الأحوس ، وهو الشجاع ، أي : يتشجع في كلامه ويتجرأ ولا يبالي ، وقيل : هو يتأهب له ؛ ومنه حديث علقمة : عرفت فيه تحوس القوم وهيئتهم ؛ أي : تأهبهم وتشجعهم ، ويروى بالشين . ابن الأعرابي : الإبل الكثيرة يقال لها حوسى ؛ وأنشد :


                                                          تبدلت بعد أنيس رعب     وبعد حوسى جامل وسرب



                                                          وإبل حوس : بطيئات التحرك من مرعاهن ؛ جمل أحوس وناقة حوساء . والحوساء من الإبل : الشديدة النفس . والحوساء : الناقة الكثيرة الأكل ؛ وقول الفرزدق يصف الإبل :


                                                          حواسات العشاء خبعثنات     إذا النكباء راوحت الشمالا



                                                          قال ابن سيده : لا أدري ما معنى حواسات إلا أن كانت الملازمة للعشاء أو الشديدة الأكل ، وهذا البيت أورده الأزهري على الذي لا يبرح مكانه حتى ينال حاجته ، وأورده الجوهري في ترجمة حيس ، وسيأتي ذكره ؛ قال ابن سيده : ولا أعرف أيضا معنى قوله :


                                                          أنعت غيثا رائحا علويا     صعد في نخلة أحوسيا
                                                          يجر من عفائه حييا     جر الأسيف الرمك المرعيا



                                                          إلا أن يريد اللزوم والمواظبة ، وأورد الأزهري هذا الرجز شاهدا على قوله غيث أحوسي دائم لا يقلع . وإبل حوس : كثيرات الأكل . وحاست المرأة ذيلها إذا سحبته . وامرأة حوساء الذيل : طويلة الذيل ؛ وأنشد شمر قوله :


                                                          تعيبين أمرا ثم تأتين دونه     لقد حاس هذا الأمر عندك حائس



                                                          وذلك أن امرأة وجدت رجلا على فجور وعيرته فجوره ، فلم تلبث أن وجدها الرجل على مثل ذلك . الفراء : قد حاس حيسهم إذا دنا هلاكهم . ومثل العرب : عاد الحيس يحاس أي : عاد الفاسد يفسد ؛ ومعناه أن تقول لصاحبك إن هذا الأمر حيس أي : ليس بمحكم ولا جيد وهو رديء ؛ ومنه البيت :

                                                          تعيبين أمرا . . .

                                                          وامرأة حوساء الذيل أي : طويلة الذيل ؛ وقال :


                                                          قد علمت صفراء حوساء الذيل



                                                          أي طويلة الذيل . وقد حاست ذيلها تحوسه إذا وطئته تسحبه ، كما يقال حاسهم وداسهم أي : وطئهم ؛ وقول رؤبة :


                                                          وزول الدعوى الخلاط الحواس



                                                          قيل في تفسيره : الحواس الذي ينادي في الحرب : يا فلان يا فلان ؛ قال ابن سيده : وأراه من هذا كأنه يلازم النداء ويواظبه . وحوس : اسم . وحوساء وأحوس : موضعان ؛ قال معن بن أوس :


                                                          وقد علمت نخلي بأحوس أنني     أقل وإن كانت بلادي ، اطلاعها



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية