الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حوش ]

                                                          حوش : الحوش : بلاد الجن من وراء رمل يبرين لا يمر بها أحد [ ص: 270 ] من الناس ، وقيل : هم حي من الجن ؛ وأنشد لرؤبة :


                                                          إليك سارت من بلاد الحوش



                                                          والحوش والحوشية : إبل الجن ، وقيل : هي الإبل المتوحشة . أبو الهيثم : الإبل الحوشية ؛ هي الوحشية ويقال : إن فحلا من فحولها ضرب في إبل لمهرة بن حيدان فنتجت النجائب المهرية من تلك الفحول الحوشية فهي لا تكاد يدركها التعب . قال : وذكر أبو عمرو الشيباني أنه رأى أربع فقر من مهرية عظما واحدا ، وقيل : إبل حوشية محرمات بعزة نفوسها . ويقال : الإبل الحوشية منسوبة إلى الحوش ، وهي فحول جن تزعم العرب أنها ضربت في نعم بعضهم فنسبت إليها . ورجل حوشي : لا يخالط الناس ولا يألفهم ، وفيه حوشية . والحوشي : الوحشي . وحوشي الكلام : وحشيه وغريبه . ويقال : فلان يتتبع حوشي الكلام ووحشي الكلام وعقمي الكلام بمعنى واحد . وفي حديث عمر : لم يتتبع حوشي الكلام أي : وحشيه وعقده والغريب المشكل منه . وليل حوشي : مظلم هائل . ورجل حوش الفؤاد : حديده ؛ قال أبو كبير الهذلي :


                                                          فأتت به حوش الفؤاد مبطنا سهدا     إذا ما نام ليل الهوجل



                                                          وحشنا الصيد حوشا وحياشا وأحشناه وأحوشناه : أخذناه من حواليه لنصرفه إلى الحبالة وضممناه . وحشت عليه الصيد والطير حوشا وحياشا وأحشته عليه وأحوشته عليه وأحوشته إياه ؛ عن ثعلب : أعنته على صيدهما . واحتوش القوم الصيد إذا نفره بعضهم على بعضهم ، وإنما ظهرت فيه الواو كما ظهرت في اجتوروا . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أن رجلين أصابا صيدا فتله أحدهما وأحاشه الآخر عليه يعني في الإحرام . يقال : حشت عليه الصيد وأحشته إذا نفرته نحوه وسقته إليه وجمعته عليه . وفي حديث سمرة : فإذا عنده ولدان وهو يحوشهم أي : يجمعهم . وفي حديث ابن عمر : أنه دخل أرضا له فرأى كلبا فقال : أحيشوه علي . وفي حديث معاوية : قل انحياشه أي : حركته وتصرفه في الأمور . وحشت الإبل : جمعتها وسقتها . الأزهري : حوش إذا جمع ، وشوح إذا أنكر ، وحاش الذئب الغنم كذلك ؛ قال :


                                                          يحوشها الأعرج حوش الجلة     من كل حمراء كلون الكلة



                                                          قال : الأعرج هاهنا ذئب معروف . والتحويش : التحويل . وتحوش القوم عني : تنحوا . وانحاش عنه أي : نفر . والحواشة : ما يستحيا منه . واحتوش القوم فلانا وتحاوشوه بينهم : جعلوه وسطهم . واحتوش القوم على فلان : جعلوه وسطهم . وفي حديث علقمة : فعرفت فيه تحوش القوم وهيئتهم أي : تأهبهم وتشجعهم . ابن الأعرابي : والحواشة الاستحياء ، والحواسة ، بالسين ، الأكل الشديد . ويقال : الحواشة من الأمر ما فيه فظيعة ؛ يقال : لا تغش الحواشة ؛ قال الشاعر :


                                                          غشيت حواشة وجهلت حقا     وآثرت الغواية غير راض



                                                          قال أبو عمرو في نوادره : التحوش الاستحياء . والحوش : أن تأكل من جوانب الطعام . والحائش : جماعة النخل والطرفاء ، وهو في النخل أشهر ، لا واحد له من لفظه ؛ قال الأخطل :


                                                          وكأن ظعن الحي حائش قرية     داني الجناة ، وطيب الأثمار



                                                          شمر : الحائش جماعة كل شجر من الطرفاء والنخل وغيرهما ؛ وأنشد :


                                                          فوجد الحائش فيما أحدقا     قفرا من الرامين ، إذ تودقا



                                                          قال : وقال بعضهم إنما جعل حائشا لأنه لا منفذ له . الجوهري : الحائش جماعة النخل لا واحد لها كما يقال لجماعة البقر ربرب ، وأصل الحائش المجتمع من الشجر ، نخلا كان أو غيره . يقال : حائش للطرفاء . وفي الحديث : أنه دخل حائش نخل فقضى فيه حاجته ؛ هو النخل الملتف المجتمع كأنه لالتفافه يحوش بعضه إلى بعض ، قال : وأصله الواو ، وذكره ابن الأثير في حيش واعتذر أنه ذكره هناك لأجل لفظه ؛ ومنه الحديث : أنه كان أحب ما استتر به إليه حائش نخل أو حائط . وقال ابن جني : الحائش اسم لا صفة ولا هو جار على فعل فأعلوا عينه ، وهي في الأصل واو من الحوش ، قال : فإن قلت فلعله جار على حاش جريان قائم على قام قيل : لم نرهم أجروه صفة ولا أعملوه عمل الفعل ، وإنما الحائش البستان بمنزلة الصور ، وهي الجماعة من النخل ، وبمنزلة الحديقة ، فإن قلت : فإن فيه معنى الفعل لأنه يحوش ما فيه من النخل وغيره وهذا يؤكد كونه في الأصل صفة ، وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء كصاحب ووارد ، قيل : ما فيه من معنى الفعلية لا يوجب كونه صفة ، ألا ترى إلى قولهم الكاهل والغارب وهما وإن كان فيهما معنى الاكتهال والغروب فإنهما اسمان ؟ وكذلك الحائش لا يستنكر أن يجيء مهموزا وإن لم يكن اسم فاعل لا لشيء غير مجيئه على ما يلزم إعلال عينه نحو قائم وبائع وصائم . والحائش : شق عند منقطع صدر القدم مما يلي الأخمص . ولي في بني فلان حواشة أي : من ينصرني من قرابة أو ذي مودة ؛ عن ابن الأعرابي . وما ينحاش لشيء أي ما يكترث له . وفلان ما ينحاش من فلان أي : ما يكترث له . ويقال : حاش لله ، تنزيها له ، ولا يقال حاش لك قياسا عليه ، وإنما يقال حاشاك وحاشى لك . وفي الحديث : ( من خرج على أمتي فقتل برها وفاجرها ولا ينحاش لمؤمنهم ) أي : لا يفزع لذلك ، ولا يكترث له ، ولا ينفر . وفي حديث عمرو : وإذا ببياض ينحاش مني وأنحاش منه أي : ينفر مني وأنفر منه ، وهو مطاوع الحوش النفار ؛ قال ابن الأثير : وذكره الهروي في الياء وإنما من الواو . وزجر الذئب وغيره فما انحاش لزجره ؛ قال ذو الرمة يصف بيضة نعامة :


                                                          وبيضاء لا تنحاش منا وأمها     إذا ما رأتنا ، زيل منها زويلها



                                                          قال ابن سيده : وحكمنا على انحاش أنها من الواو لما علم من أن [ ص: 271 ] العين واوا أكثر منها ياء ، وسواء في ذلك الاسم والفعل . الأزهري في حشا : قال الليث : المحاش كأنه مفعل من الحوش وهم قوم لفيف أشابة ؛ وأنشد بيت النابغة :


                                                          جمع محاشك يا يزيد ، فإنني     أعددت يربوعا لكم وتميما



                                                          قال أبو منصور : غلط الليث في المحاش من وجهين : أحدهما فتحه الميم وجعله إياه مفعلا من الحوش ، والوجه الثاني ما قال في تفسيره ، والصواب المحاش ، بكسر الميم . وقال أبو عبيدة فيما روى عنه أبو عبيد ، وابن الأعرابي : إنما هو : جمع محاشك ، بكسر الميم ، جعلوه من محشته أي : أحرقته لا من الحوش ، وقد فسر في الثلاثي الصحيح أنهم يتحالفون عند النار ؛ وأما المحاش ، بفتح الميم ، فهو أثاث البيت ، وأصله من الحوش وهو جمع الشيء وضمه . قال ولا يقال للفيف الناس محاش ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية