الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 61 ] قال أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري في كتابه الاستيعاب :

باب ذكر عيون من أخبار مالك رحمه الله وذكر فضل موطئه

حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر ، وأحمد بن القاسم بن عبد الرحمن ، قالا : حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم ، قال : حدثنا محمد بن وضاح ، قال : حدثنا الحارث بن مسكين ، قال : سمعت عبد الله بن وهب يقول : لولا أني أدركت مالكا والليث لضللت .

[ ص: 62 ] قال ابن وضاح : وسمعت أبا جعفر الأيلي يقول : سمعت ابن وهب ما لا أحصي يقول : لولا أن الله أنقذني بمالك والليث لضللت .

حدثنا أحمد بن عبد الله ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين ، قال : حدثنا علي ، قال : حدثنا هارون ، قال : سمعت الشافعي يقول ، وذكر الأحكام والسنن ، فقال : العلم - يعني الحديث - يدور على ثلاثة ، مالك بن أنس ، وسفيان بن عيينة ، والليث بن سعد .

وقال عبد الرحمن بن مهدي : أئمة الناس في زمانهم أربعة : سفيان الثوري بالكوفة ، ومالك بالحجاز ، والأوزاعي بالشام ، وحماد بن زيد بالبصرة .

حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن ، وحدثنا خلف بن القاسم بن سهل ، قال : حدثنا الحسن بن رشيق أنهما جميعا سمعا أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي يقول : أمناء الله عز وجل على علم رسوله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 63 ] شعبة بن الحجاج ، ومالك بن أنس ، ويحيى بن سعيد القطان ، قال : والثوري إمام إلا أنه كان يروي عن الضعفاء ، قال : وكذلك ابن المبارك من أجل أهل زمانه إلا أنه يروي عن الضعفاء ، قال : وما أحد عندي بعد التابعين أنبل من مالك بن أنس ولا أجل ، ولا آمن على الحديث منه ، ثم شعبة في الحديث ، ثم يحيى بن سعيد القطان ، وليس بعد التابعين آمن من هؤلاء الثلاثة ، ولا أقل رواية عن الضعفاء .

وقال يحيى القطان : سفيان وشعبة ليس لهما ثالث إلا مالك .

حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، قال : حدثنا يحيى بن مالك ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن أبي الشريف ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل الغافقي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، والربيع بن سليمان قالا : سمعنا الشافعي يقول : لولا مالك وسفيان - يعني ابن عيينة - ذهب علم الحجاز ، قالا : وسمعنا الشافعي يقول : كان مالك إذا شك في الحديث طرحه كله .

حدثنا عبد الله ، حدثنا يحيى ، حدثنا ابن أبي الشريف ، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي يقول : إذا جاء الأثر ، فمالك النجم .

[ ص: 64 ] حدثني خلف بن قاسم ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن المفسر ، قال : حدثنا أحمد بن علي بن سعيد القاضي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، قال : كنا عند حماد بن زيد ، فجاءه نعي مالك بن أنس ، فسالت دموعه ثم قال : يرحم الله أبا عبد الله لقد كان من الدين بمكان ، ثم قال حماد : سمعت أيوب يقول : لقد كانت له حلقة في حياة نافع .

حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي ، قال : حدثنا أبي ، قال : أخبرنا مسلم بن عبد العزيز ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : سمعت الشافعي يقول : إذا جاء الحديث عن مالك فشد به يديك ، قال : وسمعت الشافعي يقول : إذا جاء الأثر ، فمالك النجم .

حدثنا خلف بن القاسم ، نا عبد الله بن جعفر بن الورد ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، قال : سمعت علي بن المديني يقول : مالك إمام ، قال علي : وسمعت سفيان بن عيينة يقول مالك إمام .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا علي بن المديني ، قال : حدثنا أيوب بن المتوكل ، عن عبد الرحمن بن مهدي قال : لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم ، ولا يكون إماما في العلم من يروي عن كل أحد ، ولا يكون إماما في العلم من روى كل ما سمع ، قال : والحفظ : الإتقان .

[ ص: 65 ] قال أبو عمر : معلوم أن مالكا كان من أشد الناس تركا لشذوذ العلم ، وأشدهم انتقادا للرجال ، وأقلهم تكلفا ، وأتقنهم حفظا ، فلذلك صار إماما .

حدثنا خلف بن أحمد ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ، حدثنا علان ، حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل ، حدثنا علي بن المديني قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : كان مالك إماما في الحديث ، قال علي : وسمعت ابن عيينة يقول : ما كان أشد انتقاد مالك للرجال وأعلمه بهم ، قال صالح : وحدثنا علي بن المديني قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : أخبرني وهيب بن خالد ، وكان من أبصر الناس بالحديث وبالرجال ، أنه قدم المدينة قال : فلم أر أحدا إلا يعرف وينكر إلا مالكا ويحيى بن سعيد .

وكان عبد الرحمن بن مهدي يقول : ما أقدم على مالك في صحة الحديث أحدا .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أبي مسرة بمكة ، قال : حدثني مطرف بن عبد الله ، عن مالك بن أنس ، قال : لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم من العلم شيئا ، وإنهم لممن يؤخذ عنهم العلم ، وكانوا أصنافا ، فمنهم من كان كذابا في غير علمه تركته لكذبه ، ومنهم من كان جاهلا بما عنده ، فلم يكن عندي موضعا للأخذ عنه لجهله ، ومنهم من كان يدين برأي سوء .

[ ص: 66 ] حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم قراءة مني عليه أن أبا الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيى القاضي حدثهم ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين الفريابي ، قال : حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي ، قال : حدثنا معن بن عيسى ، ومحمد بن صدقة أحدهما أو كلاهما ، قالا : كان مالك بن أنس يقول : لا يؤخذ العلم من أربعة ، ويؤخذ من سوى ذلك : لا يؤخذ من سفيه ، ولا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه ، ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس ، وإن كان لا يتهم على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا من شيخ له فضل ، وصلاح ، وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث ، قال إبراهيم بن المنذر : فذكرت هذا الحديث لمطرف بن عبد الله ، فقال : أشهد على مالك لسمعته يقول : أدركت بهذا البلد مشيخة أهل فضل وصلاح يحدثون ، ما سمعت من أحد منهم شيئا قط ، قيل له : لم يا أبا عبد الله ؟ قال : كانوا لا يعرفون ما يحدثون .

[ ص: 67 ] وحدثنا خلف ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا أبو جعفر العقيلي ، حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، حدثنا إبراهيم بن المنذر أخبرنا معن بن عيسى ، قال : كان مالك بن أنس يقول : لا يؤخذ العلم من أربعة ، فذكره إلى آخره سواء ، لم يذكر فيه محمد بن صدقة .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : سمعت ابن أبي أويس يقول : سمعت خالي مالك بن أنس يقول : إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، لقد أدركت سبعين ممن يحدث : قال فلان : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هذه الأساطين ، وأشار إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فما أخذت عنهم شيئا ، وإن أحدهم لو ائتمن على بيت المال لكان أمينا ; لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن ، وقدم علينا ابن شهاب ، فكنا نزدحم على بابه .

وحدثنا خلف بن أحمد ، وعبد الرحمن بن يحيى قالا : حدثنا أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : سمعت أشهب يقول : سمعت مالكا يقول : أدركت بالمدينة مشايخ أبناء مائة وأكثر ، فبعضهم قد حدثت بأحاديثه ، وبعضهم لم أحدث بأحاديثه كلها ، وبعضهم لم أحدث من أحاديثه شيئا ، ولم أترك الحديث عنهم ؛ لأنهم لم يكونوا ثقاتا فيما حملوا ، إلا أنهم حملوا شيئا لم يعقلوه .

[ ص: 68 ] وحدثنا خلف بن أحمد ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا سعيد بن عثمان ، حدثنا محمد بن عبد الواحد الخولاني ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا عمر بن أبي سلمة الدمشقي ، عن ابن كنانة ، عن مالك ، قال : ربما جلس إلينا الشيخ ، فيتحدث كل نهاره ما نأخذ عنه حديثا واحدا ، وما بنا أنا نتهمه ، ولكنه ليس من أهل الحديث .

حدثنا أبو عثمان سعيد بن نصر ، وأبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أبو قلابة محمد بن عبد الملك الرقاشي ، قال : حدثنا بشر بن عمر ، قال : سألت مالك بن أنس عن رجل ، فقال : هل رأيته في كتبي ؟ قلت : لا ، قال : لو كان ثقة لرأيته في كتبي .

ومما يؤيد قول مالك رحمه الله أنه لا يؤخذ عن الكذاب في أحاديث الناس ، وإن لم يكن يكذب في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن موسى الجندي ، قال : رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادة رجل في كذبة كذبها ، قال معمر : لا أدري أكذب على الله ، أو على رسوله ، أو كذب على أحد من الناس .

[ ص: 69 ] حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، فذكره .

حدثنا خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو العقيلي ، قال : حدثنا أحمد بن زكرياء ، قال : حدثنا أحمد بن عبد المؤمن ، قال : حدثنا يحيى بن قعنب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله إذا اطلع على أحد من أهل بيته يكذب لم يزل معرضا عنه حتى يحدث لله توبة .

حدثنا خلف بن القاسم ، حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن ، حدثنا بدر بن الهيثم القاضي ، حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، حدثنا علي بن حكيم ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الأنصاري ، قال : سئل شريك ، فقيل له : يا أبا عبد الله رجل سمعته يكذب متعمدا أأصلي خلفه ؟ قال : لا .

[ ص: 70 ] قال أبو عمر : قال يحيى بن معين : آلة المحدث الصدق .

حدثنا خلف بن القاسم ، حدثنا الحسين بن عبد الله القرشي ، حدثنا عبد الله بن محمد القاضي ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : سمعت بشر بن بكر ، قال : رأيت الأوزاعي في المنام مع جماعة من العلماء في الجنة ، فقلت : وأين مالك بن أنس ؟ فقيل رفع ، فقلت : بم ذا ؟ قال : بصدقه .

حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن ، حدثنا إبراهيم بن بكر بن عمران ، حدثنا محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الحافظ ، حدثنا زكرياء بن يحيى الساجي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا مطرف ، قال : سمعت مالك بن أنس يقول : قل ما كان رجل صادقا لا يكذب إلا متع بعقله ، ولم يصبه ما يصيب غيره من الهرم والخرف .

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ، قال : حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، قال : حدثنا نصر بن علي ، قال : حدثنا حسين بن عروة ، عن مالك ، قال : [ ص: 71 ] قدم علينا الزهري ، فأتيناه ومعنا ربيعة ، فحدثنا بنيف وأربعين حديثا ، قال : ثم أتيناه من الغد ، فقال : انظروا كتابا حتى أحدثكم منه ، أرأيتم ما حدثتكم أمس أي شيء في أيديكم منه ؟ قال : فقال له ربيعة : هاهنا من يرد عليك ما حدثت به أمس ، قال : من هو ؟ قال : ابن أبي عامر ، قال : هات ، فحدثته بأربعين حديثا منها ، فقال الزهري : ما كنت أظن أنه بقي أحد يحفظ هذا غيري .

قال إسماعيل : وحدثني عتيق بن يعقوب ، قال : سمعت مالكا يقول : حدثني ابن شهاب ببضعة وأربعين حديثا ، ثم قال : إيه أعد علي ، فأعدت عليه أربعين ، وأسقطت البضع .

حدثنا أبو عثمان سعيد بن سيد بن سعيد ، وعبد الله بن محمد بن يوسف ، قالا : حدثنا عبد الله بن محمد الباجي ، قال : حدثنا الحسن بن عبد الله الزبيدي ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الأصبهاني في المسجد الحرام ، قال : حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري ، قال : سمعت أبي يقول : كنت جالسا مع مالك بن أنس ، في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتاه رجل ، فقال : أيكم أبو عبد الله مالك ؟ فقالوا : هذا ، فجاء فسلم عليه ، واعتنقه ، وقبل بين عينيه ، وضمه إلى صدره ، وقال : والله لقد رأيت البارحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا في هذا الموضع ، فقال : هاتوا مالكا ، فأتي بك ترتعد فرائصك ، فقال : ليس بك بأس يا أبا عبد الله ، وكناك ، وقال اجلس فجلست ، فقال : افتح حجرك ، ففتحت ، فملأه مسكا منثورا ، وقال : ضمه إليك وبثه في أمتي ، قال : فبكى مالك طويلا ، وقال : الرؤيا تسر ولا تغر ، وإن صدقت رؤياك ، فهو العلم الذي أودعني الله [ ص: 72 ] وقال ابن بكير : عن أبي لهيعة ، قال : قدم علينا أبو الأسود - يعني يتيم عروة - سنة إحدى وثلاثين ومائة ، فقلت : من للرأي بعد ربيعة بالحجاز ؟ فقال : الغلام الأصبحي .

وعن ابن مهدي أنه سئل : من أعلم ؟ مالك أو أبو حنيفة ؟ فقال : مالك أعلم من أستاذ أبي حنيفة - يعني حماد بن أبي سليمان - .

أخبرني خلف بن قاسم ، قال : حدثنا ابن سفيان ، قال : حدثنا إبراهيم بن عثمان ، قال : حدثنا أبو داود السجستاني ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : مالك بن أنس أتبع من سفيان .

حدثنا خلف بن القاسم ، حدثنا أبو الميمون ، حدثنا أبو زرعة ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن سفيان ومالك إذا اختلفا في الرأي ، فقال : مالك أكبر في قلبي ، فقلت : فمالك والأوزاعي إذ اختلفا ؟ فقال : مالك أحب إلي ، وإن كان الأوزاعي من الأيمة ، فقيل له ، ومالك وإبراهيم النخعي ، فقال : هذا كأنه سمعه ، ضعه مع أهل زمانه .

[ ص: 73 ] وأخبرنا خلف بن القاسم ، حدثنا أبو الميمون ، حدثنا أبو زرعة ، حدثني الوليد بن عقبة ، حدثنا الهيثم بن جميل ، قال : شهدت مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري .

قال أبو زرعة : وحدثني سليم بن عبد الرحمن ، حدثنا ابن وهب ، عن مالك ، قال : سمعت ابن هرمز يقول : ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده : لا أدري ، حتى يكون أصلا في أيديهم ، فإذا سئل أحدهم عما لا يعلم ، قال : لا أدري .

قال أبو زرعة : وحدثنا محمد بن إبراهيم ، عن أحمد بن صالح ، عن يحيى بن حسان ، عن وهب - يعني ابن جرير - قال : سمعت شعبة يقول : قدمت المدينة بعد موت نافع بسنة ، ولمالك يومئذ حلقة .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : مالك بن أنس أثبت في نافع من عبيد الله بن عمر ، وأيوب ، وقال ابن أبي مريم : قلت لابن معين الليث أرفع عندك أم مالك ؟ قال : مالك ، قلت : أليس مالك أعلى أصحاب الزهري ؟ قال : نعم ، قال : فعبيد الله أثبت في نافع ، أو مالك ؟ قال : مالك أثبت الناس .

[ ص: 74 ] وقال يحيى بن معين : كان مالك من حجج الله على خلقه .

حدثنا أبو محمد قاسم بن محمد ، قال : حدثنا خلف بن سعد ، قال : حدثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا إبراهيم بن نصر الحافظ ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : سمعت الشافعي يقول : إذا ذكر العلماء ، فمالك النجم ، وما أحد أمن علي في علم من مالك بن أنس .

وروى طاهر بن خالد بن نزار ، عن أبيه ، عن سفيان بن عيينة أنه ذكر مالك بن أنس ، فقال : كان لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ، ولا يحدث إلا عن ثقات الناس وما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موت مالك بن أنس .

وحدثنا قاسم بن محمد ، قال : حدثنا خالد بن سعد ، قال : حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا إبراهيم بن نصر ، قال : سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول : سمعت الشافعي يقول : قال لي محمد بن الحسن : صاحبنا أعلم من صاحبك ، وما كان على صاحبك أن يتكلم ، وما كان [ ص: 75 ] لصاحبنا أن يسكت ، قال : فغضبت وقلت : نشدتك الله من كان أعلم بسنة رسول الله مالك ، أو أبو حنيفة ؟ قال : مالك ، لكن صاحبنا أقيس ، فقلت : نعم ، ومالك أعلم بكتاب الله ، وناسخه ومنسوخه ، وسنة رسول الله من أبي حنيفة ، فمن كان أعلم بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أولى بالكلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية