الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 373 ] ثم دخلت سنة خمسين وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها خرج الخليفة المقتفي لأمر الله في تجمل عظيم إلى دقوقا فحاصرها ، فخرج إليه أهلها فسألوه أن يرحل عنهم ; فإن أهلها قد هلكوا بين الجيشين ، فأجابهم ، ورحل عنهم ، وعاد إلى بغداد بعد شهرين ونصف ، ثم خرج نحو الحلة والكوفة ، والجيش بين يديه ، وقال له سليمان شاه : أنا ولي عهد سنجر ، فإن قررت لي ذلك وإلا فأنا كأحد الأمراء . فوعده خيرا ، وكان يحمل الغاشية بين يدي الخليفة على كاهله ، فمهد الأمور ووطدها ، وسلم على مشهد علي إشارة بأصبعيه وكان قد عزم على دخول المشهد ، فنهاه الوزير ابن هبيرة عن ذلك كأنه خاف عليه من غائلة الروافض ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها افتتح نور الدين بعلبك عودا على بدء ; وذلك أن نجم الدين كان نائبا على البلد والقلعة ، فسلمه إلى رجل يقال له : الضحاك البقاعي . فكاتب نجم الدين لنور الدين ، ولم يزل نور الدين يتلطف حتى أخذ القلعة أيضا ، واستدعى بنجم الدين إليه إلى دمشق فأقطعه إقطاعا ، وأكرمه من أجل أخيه أسد الدين ; فإنه كانت له اليد الطولى في فتح دمشق للملك العادل نور الدين ، وجعل الأمير شمس الدولة تورانشاه بن نجم الدين شحنة دمشق ثم من بعده جعل أخاه صلاح الدين يوسف هو الشحنة ، وجعله من خواصه لا يفارقه حضرا ولا سفرا ; لأنه [ ص: 374 ] كان حسن الشكل ، حسن اللعب بالكرة ، وكان نور الدين يحب لعب الكرة ; لتمرين الخيل وتعليمها الكر والفر ، وفي شحنكية صلاح الدين يوسف يقول عرقلة الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      رويدكم يا لصوص الشآم فإني لكم ناصح في مقال     فإياكم وسمي النب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ي يوسف رب الحجا والجمال     فذاك مقطع أيدي النساء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهذا مقطع أيدي الرجال

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ملك أخاه تورانشاه هذا بلاد اليمن فيما بعد ذلك ، وكان يلقب شمس الدولة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية