الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ألك ]

                                                          ألك : في ترجمة علج : يقال هذا ألوك صدق وعلوك صدق وعلوج صدق لما يؤكل ، وما تلوكت بألوك وما تعلجت بعلوج . الليث : الألوك الرسالة ، وهي المألكة ، على مفعلة ، سميت ألوكا لأنه يؤلك في الفم ، مشتق من قول العرب : الفرس يألك اللجم ، والمعروف يلوك أو يعلك ، أي يمضغ . ابن سيده : ألك الفرس اللجام في فيه يألكه علكه . والألوك والمألكة والمألكة : الرسالة لأنها تؤلك في الفم ، قال لبيد :


                                                          وغلام أرسلته أمه بألوك ، فبذلنا ما سأل



                                                          ، قال الشاعر :


                                                          أبلغ أبا دختنوس مألكة     عن الذي قد يقال م الكذب



                                                          قال ابن بري : أبو دختنوس هو لقيط بن زرارة ودختنوس ابنته ، سماها باسم بنت كسرى ; قال فيها :


                                                          يا ليت شعري عنك دختنوس     إذا أتاك الخبر المرموس



                                                          قال : ، وقد يقال مألكة ومألك ; وقوله :


                                                          أبلغ يزيد بني شيبان مألكة     أبا ثبيت أما تنفك تأتكل



                                                          إنما أراد تأتلك من الألوك ; حكاه يعقوب في المقلوب . قال ابن سيده : ولم نسمع نحن في الكلام تأتلك من الألوك فيكون هذا محمولا عليه مقلوبا منه ; فأما قول عدي بن زيد :


                                                          أبلغ النعمان عني مألكا     أنه قد طال حبسي وانتظاري



                                                          فإن سيبويه قال : ليس في الكلام مفعل ، وروي عن محمد بن يزيد أنه قال : مألك جمع مألكة ، وقد يجوز أن يكون من باب انقحل في القلة ، والذي روي عن ابن عباس أقيس ; قال ابن بري : ومثله مكرم ومعون ; قال الشاعر :


                                                          ليوم روع أو فعال مكرم



                                                          ، قال جميل :


                                                          بثين الزمي لا إن لا إن لزمته     على كثرة الواشين



                                                          ، أي معون

                                                          قال : ونظير البيت المتقدم قول الشاعر :


                                                          أيها القاتلون ظلما حسينا     أبشروا بالعذاب والتنكيل
                                                          ! كل أهل السماء يدعو عليكم     من نبي وملأك ورسول



                                                          ويقال : ألك بين القوم إذا ترسل ألكا وألوكا ، والاسم منه الألوك ، وهي الرسالة ، وكذلك الألوكة والمألكة والمألك ، فإن نقلته بالهمزة قلت ألكته إليه رسالة ، والأصل أألكته فأخرت الهمزة بعد اللام وخففت بنقل حركتها على ما قبلها وحذفها ، فإن أمرت من هذا الفعل المنقول بالهمزة قلت ألكني إليها برسالة ، وكان مقتضى هذا اللفظ أن يكون معناه أرسلني إليها برسالة ، إلا أنه جاء على القلب إذ المعنى كن رسولي إليها بهذه الرسالة فهذا على حد قولهم :


                                                          ولا تهيبني الموماة أركبها



                                                          أي ولا أتهيبها ، وكذلك ألكني لفظه يقضي بأن المخاطب مرسل والمتكلم مرسل ، وهو في المعنى بعكس ذلك ، وهو أن المخاطب مرسل والمتكلم مرسل ; وعلى ذلك قول ابن أبي ربيعة :


                                                          ألكني إليها بالسلام فإنه     ينكر إلمامي بها ويشهر



                                                          [ ص: 136 ] أي بلغها سلامي وكن رسولي إليها ، وقد تحذف هذه الباء فيقال ألكني إليها السلام ; قال عمرو بن شأس :


                                                          ألكني إلى قومي السلام رسالة     بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا



                                                          فالسلام مفعول ثان ، ورسالة بدل منه ، وإن شئت حملته إذا نصبت على معنى بلغ عني رسالة والذي وقع في شعر عمرو بن شأس :


                                                          ألكني إلى قومي السلام ورحمة ال     إله فما كانوا ضعافا ولا عزلا



                                                          ، وقد يكون المرسل هو المرسل إليه ، وذلك كقولك ألكني إليك السلام أي كن رسولي إلى نفسك بالسلام ; وعليه قول الشاعر

                                                          [ النابغة الذبياني يخاطب عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري ] :


                                                          ألكني يا عيين إليك قولا     ستهديه الرواة إليك عني



                                                          وفي حديث زيد بن حارثة وأبيه وعمه :


                                                          ألكني إلى قومي وإن كنت نائيا     فإني قطين البيت عند المشاعر



                                                          أي بلغ رسالتي من الألوك والمألكة ، وهي الرسالة . قال كراع : المألك الرسالة ولا نظير لها أي لم يجئ على مفعل إلا هي . وألكه يألكه ألكا : أبلغه الألوك . ابن الأنباري : يقال : ألكني إلى فلان يراد به أرسلني ، وللاثنين ألكاني وألكوني وألكيني وألكاني وألكنني ، والأصل في ألكني ألئكني فحولت كسرة الهمزة إلى اللام وأسقطت الهمزة ; وأنشد :


                                                          ألكني إليها بخير الرسو     ل أعلمهم بنواحي الخبر



                                                          قال : ومن بنى على الألوك قال : أصل ألكني أألكني فحذفت الهمزة الثانية تخفيفا ; وأنشد :


                                                          ألكني يا عيين إليك قولا



                                                          قال أبو منصور : ألكني ألك لي ، وقال ابن الأنباري : ألكني إليه أي كن رسولي إليه ; قال أبو عبيد في قوله :


                                                          ألكني يا عيين إليك عني



                                                          أي أبلغ عني الرسالة إليك ، والملك مشتق منه ، وأصله مألك ، ثم قلبت الهمزة إلى موضع اللام فقيل ملأك ، ثم خففت الهمزة بأن ألقيت حركتها على الساكن الذي قبلها فقيل ملك ; وقد يستعمل متمما والحذف أكثر :


                                                          فلست لإنسي ولكن لملأك     تنزل من جو السماء يصوب



                                                          والجمع ملائكة ، دخلت فيها الهاء لا لعجمة ولا لنسب ، ولكن على حد دخولها في القشاعمة والصياقلة ، وقد قالوا الملائك . ابن السكيت : هي المألكة والملأكة على القلب . والملائكة : جمع ملأكة ثم ترك الهمز فقيل ملك في الوحدان ، وأصله ملأك كما ترى . ويقال : جاء فلان قد استألك مألكته أي حمل رسالته .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية