الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 130 ] باب الأذان لغة الإعلام . قال تعالى : { وأذن في الناس بالحج } أي أعلمهم به يقال : أذن بالشيء يؤذن أذانا وتأذينا وأذينا كعليم ، إذا أعلم به ، فهو اسم وضع موضع المصدر ، وأصله من الأذن ، وهو الاستماع . كأنه يلقي في آذان الناس ما يعلمهم به . وشرعا ( إعلام بدخول وقت الصلاة أو ) أو إعلام ( قربه ) أي وقتها ( كفجر ) فقط ( والإقامة ) مصدر قام .

                                                                          وحقيقته : إقامة القاعد ، فكأن المؤذن ، إذا أتى بألفاظ الإقامة أقام القاعدين وأزالهم عن قعودهم . وشرعا ( إعلام بالقيام إليها ) أي الصلاة ( بذكر مخصوص فيهما ) أي الأذان والإقامة . ويطلقان على نفس الذكر المخصوص ( وهو ) أي الأذان ( أفضل منها ) أي الإقامة . لأنه أكثر ألفاظا .

                                                                          وأبلغ في الإعلام ( و ) الأذان أفضل أيضا ( من الإمامة ) لحديث أبي هريرة مرفوعا { الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين } رواه أحمد وأبو داود والترمذي . والأمانة أعلى من الضمان ، والمغفرة أعلى من الإرشاد . وإنما لم يتول النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده الأذان لضيق وقتهم .

                                                                          قال عمر : " لولا الخلافة لأذنت " ويشهد لفضل الأذان : قوله صلى الله عليه وسلم { المؤذن أطول الناس أعناقا يوم القيامة } رواه مسلم . وقوله { من أذن سبع سنين محتسبا كتبت له براءة من النار } رواه ابن ماجه . وأحاديث الباب كثيرة .

                                                                          والأصل في مشروعيته . ما روى أنس قال : { لما كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه . فذكروا أن يوقدوا نارا أو يضربوا ناقوسا ؟ فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة } متفق عليه . وحديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه رواه أحمد وغيره ( وسن أذان في يمين أذن مولود ) ذكر أو أنثى ( حين يولد .

                                                                          و ) سن ( إقامة في ) الأذن ( اليسرى ) لخبر ابن السني مرفوعا { من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان } أي التابعة من الجن وروى الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم { أذن في أذن الحسن حين ولدته أمه فاطمة } وقال : حسن صحيح . وليكون إعلامه [ ص: 131 ] بالتوحيد أول ما يقرع سمعه عند قدومه إلى الدنيا . كما يلقن عند خروجه منها ، ولأنه يطرد الشيطان عنه ; لأنه يدبر عند سماع الأذان .

                                                                          وفي مسند رزين { أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في أذن مولود سورة الإخلاص } قال في شرحه : والمراد أذنه اليمنى ( وهما ) أي الأذان والإقامة ( فرض كفاية ) لحديث { إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم } متفق عليه . والأمر يقتضي الوجوب .

                                                                          وعن أبي الدرداء مرفوعا { ما من ثلاثة لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان } رواه أحمد والطبراني . ولأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة كالجهاد ولا يشرعان لكل من في المسجد . بل تكفيهم المتابعة ، وتحصل لهم الفضيلة . كقراءة الإمام قراءة للمأموم ( لل ) صلوات ( الخمس ) دون المنذورة وغيرها ( المؤداة ) لا المقتضيات ؟ ( والجمعة ) عطف على الخمس .

                                                                          قال في المبدع : ولا يحتاج إليه لدخولها في الخمس ، وإنما لم يفرضا في غيرها ، لأن المقصود منهما : الإعلام بوقت الصلاة المفروضة على الأعيان والقيام إليها ، وهذا لا يوجد في غيرها ( على الرجال ) اثنين فأكثر ، لا الواحد ، ولا النساء ولا الخناثى ( الأحرار ) لا الأرقاء والمبعضين ( إذ فرض الكفاية لا يلزم رقيقا ) لاشتغالهم بخدمة مالكهم ، أي في الجملة .

                                                                          وإلا فالظاهر وجوب نحو رد سلام ، وتغسيل ميت ، وصلاة على رقيق لم يوجد غيره ، وقد صرحوا بتعين أخذ اللقيط عليه إذا لم يوجد غيره ( حضرا ) في القرى والأمصار ، ومن صلى بلا أذان ولا إقامة صحت ، لكن ذكر الخرقي وغيره : ؟ ويكره . وإن اقتصر مسافر أو منفرد على الإقامة لم يكره

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية