الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            كتاب الطلاق باب جوازه للحاجة وكراهته مع عدمها وطاعة الوالد فيه [ ص: 261 ] عن عمر بن الخطاب : { أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها } . رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه . وهو لأحمد من حديث عاصم بن عمر ) .

                                                                                                                                            2843 - ( وعن لقيط بن صبرة قال : { قلت : يا رسول الله : إن لي امرأة فذكر من بذائها ، قال : طلقها ، قلت : إن لها صحبة وولدا ، قال : مرها أو قل لها ، فإن يكن فيها خير ستفعل ، ولا تضرب ظعينتك ضربك أمتك } رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            2844 - ( وعن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة } رواه الخمسة إلا النسائي ) .

                                                                                                                                            2845 - ( وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق } رواه أبو داود وابن ماجه ) .

                                                                                                                                            2846 - ( وعن ابن عمر قال : { كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها ، فأمرني أن أطلقها فأبيت ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك } رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث عمر بن الخطاب سكت عنه أبو داود والمنذري .

                                                                                                                                            وحديث لقيط أخرجه أيضا البيهقي ورجاله رجال الصحيح .

                                                                                                                                            وحديث ثوبان حسنه الترمذي وذكر أن بعضهم لم [ ص: 262 ] يرفعه .

                                                                                                                                            وحديث ابن عمر الأول أخرجه أيضا الحاكم وصححه . ورواه أيضا أبو داود ، وفي إسناد أبي داود يحيى بن سليم وفيه مقال . والبيهقي مرسلا ليس فيه ابن عمر ورجح أبو حاتم والدارقطني والبيهقي المرسل ، وفي إسناده عبيد الله بن الوصافي وهو ضعيف ، ولكنه قد تابعه معرف بن واصل . ورواه والدارقطني عن معاذ بلفظ : { ما خلق الله شيئا أبغض إليه من الطلاق } قال الحافظ : وإسناده ضعيف ومنقطع .

                                                                                                                                            وأخرج ابن ماجه وابن حبان من حديث أبي موسى مرفوعا { ما بال أحدكم يلعب بحدود الله يقول : قد طلقت ، قد راجعت } .

                                                                                                                                            وحديث ابن عمر الثاني قال الترمذي بعد إخراجه : هذا حديث حسن صحيح إنما نعرفه من حديث ابن أبي ذئب انتهى . قوله : ( طلق حفصة ) قال في الفتح : الطلاق في اللغة : حل الوثاق ، مشتق من الإطلاق : وهو الإرسال والترك ، وفلان طلق اليد بالخير : أي كثير البذل .

                                                                                                                                            وفي الشرع : حل عقدة التزويج فقط ، وهو موافق لبعض أفراد مدلوله اللغوي .

                                                                                                                                            قال إمام الحرمين : هو لفظ جاهلي ورد الشرع بتقريره ، وطلقت المرأة : بفتح الطاء وضم اللام وبفتحها أيضا وهو أفصح ، وطلقت أيضا بضم أوله وكسر اللام الثقيلة ، فإن خففت فهي خاصة بالولادة ، والمضارع فيهما بضم اللام ، والمصدر في الولادة : طلقا ، ساكنة اللام فهي طالق فيهما .

                                                                                                                                            ثم الطلاق قد يكون حراما ومكروها وواجبا ومندوبا وجائزا . أما الأول ففيما إذا كان بدعيا وله صور . وأما الثاني ففيما إذا وقع بغير سبب مع استقامة الحال . وأما الثالث ففي صور منها الشقاق إذا رأى ذلك الحكمان . وأما الرابع : ففيما إذا كانت غير عفيفة . وأما الخامس : فنفاه النووي وصوره غيره بما إذا كان لا يريدها ولا تطيب نفسه أن يتحمل مؤنتها من غير حصول غرض الاستمتاع ، فقد صرح الإمام أن الطلاق في هذه الصورة لا يكره ، انتهى

                                                                                                                                            وفي حديث عمر هذا دليل على أن الطلاق يجوز للزوج من دون كراهة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يفعل ما كان جائزا من غير كراهة . ولا يعارض هذا حديث { أبغض الحلال إلى الله ، } . . . إلخ لأن كونه أبغض الحلال لا يستلزم أن يكون مكروها كراهة أصولية . قوله : ( طلقها ) فيه أنه يحسن طلاق من كانت بذية اللسان ويجوز إمساكها ولا يحل ضربها كضرب الأمة ، وقد تقدم الكلام على ذلك . قوله : ( فحرام عليها رائحة الجنة ) فيه دليل على أن سؤال المرأة الطلاق من زوجها محرم عليها تحريما شديدا ; لأن من لم يرح رائحة الجنة غير داخل لها أبدا ، وكفى بذنب يبلغ بصاحبه إلى ذلك المبلغ مناديا على فظاعته وشدته . قوله : { أبغض الحلال إلى الله ، } . . . إلخ فيه دليل على أنه ليس كل حلال محبوبا بل ينقسم إلى ما هو محبوب وإلى ما هو مبغوض

                                                                                                                                            قوله : ( طلق امرأتك ) هذا دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذرا [ ص: 263 ] في الإمساك . ويلحق بالأب الأم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن لها من الحق على الولد ما يزيد على حق الأب كما في حديث { من أبر يا رسول الله ؟ فقال : أمك ، ثم سأله فقال : أمك ، ثم سأله فقال : أمك وأباك } وحديث { الجنة تحت أقدام الأمهات } وغير ذلك .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية