الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ألل ]

                                                          ألل : الأل : السرعة ، والأل الإسراع . وأل في سيره ومشيه يؤل ويئل ألا إذا أسرع واهتز ; فأما قوله أنشده ابن جني :


                                                          وإذ أؤل المشي ألا ألا



                                                          قال ابن سيده : إما أن يكون أراد أؤل في المشي فحذف وأوصل ، وإما أن يكون أؤل متعديا في موضعه بغير حرف جر . وفرس مئل أي سريع . وقد أل يؤل ألا : بمعنى أسرع ; قال أبو الخضر اليربوعي يمدح عبد الملك بن مروان وكان أجرى مهرا فسبق :


                                                          مهر أبي الحبحاب لا تشلي     بارك فيك الله من ذي أل



                                                          أي من فرس ذي سرعة . وأل الفرس يئل ألا : اضطرب . وأل لونه يؤل ألا وأليلا إذا صفا وبرق ، والأل صفاء اللون . وأل الشيء يؤل ويئل ; الأخيرة عن ابن دريد ألا : برق . وألت فرائصه تئل : لمعت في عدو ; قال :


                                                          حتى رميت بها يئل فريصها     وكأن صهوتها مداك رخام



                                                          وأنشد الأزهري لأبي دواد يصف الفرس والوحش :


                                                          فلهزتهن بها يؤل فريصها     من لمع رايتنا وهن غوادي



                                                          والألة : الحربة العظيمة النصل ، سميت بذلك لبريقها ولمعانها ، وفرق بعضهم بين الألة والحربة فقال : الألة كلها حديدة ، والحربة بعضها خشب وبعضها حديد ، والجمع أل ، بالفتح ، وإلال . وأليلها : لمعانها . والأل : مصدر أله يؤله ألا طعنه بالألة . الجوهري : الأل ، بالفتح ، جمع ألة ، وهي الحربة في نصلها عرض ; قال الأعشى :


                                                          تداركه في منصل الأل بعدما     مضى غير دأداء وقد كاد يعطب



                                                          ويجمع أيضا على إلال مثل جفنة وجفان . والألة : السلاح وجميع أداة الحرب . ويقال : ما له أل وغل ; قال ابن بري : أل دفع في قفاه ، وغل أي جن . والمئل : القرن الذي يطعن به ، وكانوا في الجاهلية يتخذون أسنة من قرون البقر الوحشي . التهذيب : والمئلان القرنان ; قال رؤبة يصف الثور :


                                                          إذا مئلا قرنه تزعزعا



                                                          قال أبو عمرو : والمئل حد روقه ، وهو مأخوذ من الألة ، وهي الحربة . والتأليل : التحديد والتحريف . وأذن مؤللة : محددة منصوبة ملطفة . وإنه لمؤلل الوجه أي حسنه سهله ; عن اللحياني ، كأنه قد ألل . وأللا السكين والكتف وكل شيء عريض وجهاه . وقيل : أللا الكتف اللحمتان المتطابقتان بينهما فجوة على وجه الكتف فإذا قشرت إحداهما عن الأخرى سال من بينهما ماء ، وهما الأللان . وحكى الأصمعي عن عيسى بن أبي إسحاق أنه قال : قالت امرأة من العرب لابنتها لا تهدي إلى ضرتك الكتف فإن الماء يجري بين ألليها أي أهدي شرا منها ; قال أبو منصور : وإحدى هاتين اللحمتين الرقى ، وهي كالشحمة البيضاء تكون في مرجع الكتف ، وعليها أخرى مثلها [ ص: 137 ] تسمى المأتى . التهذيب : والألل والأللان وجها السكين ووجها كل شيء عريض . وأللت الشيء تأليلا أي حددت طرفه ; ومنه قول طرفة بن العبد يصف أذني ناقته بالحدة والانتصاب :


                                                          مؤللتان يعرف العتق فيهما     كسامعتي شاة بحومل مفرد



                                                          الفراء : الألة الراعية البعيدة المرعى من الرعاة . والإلة : القرابة . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : عجب ربكم من إلكم وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم ; قال أبو عبيد : المحدثون رووه من إلكم ، بكسر الألف ، والمحفوظ عندنا من ألكم ، بالفتح ، وهو أشبه بالمصادر كأنه أراد من شدة قنوطكم ، ويجوز أن يكون من قولك أل يئل ألا وأللا وأليلا ، وهو أن يرفع الرجل صوته بالدعاء ويجأر ؛ وقال الكميت يصف رجلا :


                                                          وأنت ما أنت في غبراء مظلمة     إذا دعت ألليها الكاعب الفضل



                                                          قال : وقد يكون ألليها أنه يريد الألل المصدر ثم ثناه ، وهو نادر كأنه يريد صوتا بعد صوت ، ويكون قوله ألليها أن يريد حكاية أصوات النساء بالنبطية إذا صرخن ; قال ابن بري : قوله في غبراء في موضع نصب على الحال ، والعامل في الحال ما في قوله : ما أنت من معنى التعظيم ، كأنه قال : عظمت حالا في غبراء . والأل الصياح . ابن سيده : والألل والأليل والأليلة والأللان كله الأنين ، وقيل : علز الحمى . التهذيب : الأليل الأنين ; قال الشاعر :


                                                          أما تراني أشتكي الأليلا



                                                          أبو عمرو : ويقال له الويل والأليل ، والأليل الأنين ; وأنشد لابن ميادة :


                                                          وقولا لها ما تأمرين بوامق     له بعد نومات العيون أليل ؟



                                                          أي توجع وأنين ; وقد أل يئل ألا وأليلا ، قال ابن بري : فسر الشيباني الأليل بالحنين ، وأنشد المرار :


                                                          دنون فكلهن كذات بو     إذا حشيت سمعت لها أليلا



                                                          ، وقد أل يئل وأل يؤل ألا وأللا وأليلا : رفع صوته بالدعاء . وفي حديث عائشة : أن امرأة سألت عن المرأة تحتلم فقالت لها عائشة : تربت يداك ، وألت ! وهل ترى المرأة ذلك ؟ ألت أي صاحت لما أصابها من شدة هذا الكلام ، ويروى بضم الهمزة مع تشديد اللام ، أي طعنت بالألة ، وهي الحربة ; قال ابن الأثير : وفيه بعد لأنه لا يلائم لفظ الحديث . والأليل والأليلة : الثكل ; قال الشاعر :


                                                          فلي الأليلة إن قتلت خئولتي     ولي الأليلة إن هم لم يقتلوا



                                                          ، قال آخر :


                                                          يا أيها الذئب لك الأليل     هل لك في باع كما تقول ؟



                                                          قال : معناه ثكلتك أمك هل لك في باع كما تحب ; قال الكميت :


                                                          وضياء الأمور في كل خطب     قيل للأمهات منه الأليل



                                                          أي بكاء وصياح من الأللي ، قال الكميت أيضا :


                                                          بضرب يتبع الأللي منه     فتاة الحي وسطهم الرنينا



                                                          والأل ، بالفتح : السرعة والبريق ورفع الصوت ، وجمع ألة للحربة . والأليل : صليل الحصى ، وقيل : هو صليل الحجر أيا كان ; الأولى عن ثعلب . والأليل : خرير الماء . وأليل الماء : خريره وقسيبه . وألل السقاء ، بالكسر ، أي تغيرت ريحه ، وهذا أحد ما جاء بإظهار التضعيف . التهذيب : قال عبد الوهاب أل فلان فأطال المسألة إذا سأل ، وقد أطال الأل إذا أطال السؤال ; وقول بعض الرجاز :


                                                          قام إلى حمراء كالطربال     فهم بالصحن بلا ائتلال
                                                          غمامة ترعد من دلال



                                                          يقول : هم اللبن في الصحن ، وهو القدح ، ومعنى هم حلب ، وقوله بلا ائتلال أي بلا رفق ولا حسن تأت للحلب ، ونصب الغمامة بهم فشبه حلب اللبن بسحابة تمطر . التهذيب : اللحياني : في أسنانه يلل وألل ، وهو أن تقبل الأسنان على باطن الفم . وأللت أسنانه : أيضا : فسدت . وحكى ابن بري : رجل مئل يقع في الناس . والإل : الحلف والعهد . وبه فسر أبو عبيدة قوله - تعالى - : لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة . وفي حديث أم زرع : وفي الإل كريم الخل ; أرادت أنها وفية العهد ، وإنما ذكر لأنه إنما ذهب به إلى معنى التشبيه أي هي مثل الرجل الوفي العهد . والإل : القرابة . وفي حديث علي - عليه السلام - : يخون العهد ويقطع الإل ; قال ابن دريد : وقد خففت العرب الإل ; قال الأعشى :


                                                          أبيض لا يرهب الهزال ولا     يقطع رحما ولا يخون إلا



                                                          قال أبو سعيد السيرافي : في هذا البيت وجه آخر ، وهو أن يكون إلا في معنى نعمة ، وهو واحد آلاء الله ، فإن كان ذلك فليس من هذا الباب ، وسيأتي ذكره في موضعه . والإل القرابة ; قال حسان بن ثابت :


                                                          لعمرك ! إن إلك من قريش     كإل السقب من رأل النعام



                                                          ، قال مجاهد والشعبي : لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة قيل : الإل العهد ، والذمة ما يتذمم به ; قال الفراء : الإل القرابة ، والذمة العهد ، وقيل : هو من أسماء الله - عز وجل - ، قال : وهذا ليس بالوجه لأن أسماء الله - تعالى - معروفة كما جاءت في القرآن وتليت في الأخبار . قال : ولم نسمع الداعي يقول في الدعاء يا إل كما يقول يا الله ويا رحمن ويا رحيم يا مؤمن يا مهيمن ، قال : وحقيقة الإل على ما توجبه اللغة تحديد الشيء ، فمن ذلك الألة الحربة ، لأنها محددة ، ومن ذلك أذن مؤللة إذا كانت محددة ، فالإل يخرج في جميع ما فسر من العهد والقرابة والجوار ، على هذا إذا قلت في العهد بينهما الإل فتأويله [ ص: 138 ] أنهما قد حددا في أخذ العهد ، وإذا قلت في الجوار بينهما إل ، فتأويله جوار يحاد الإنسان ، وإذا قلته في القرابة فتأويله القرابة التي تحاد الإنسان . والإل : الجار . ابن سيده : والإل الله - عز وجل - ، بالكسر . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - لما تلي عليه سجع مسيلمة : إن هذا لشيء ما جاء من إل ولا بر فأين ذهب بكم ، أي من ربوبية ; وقيل : الإل الأصل الجيد ، أي لم يجئ من الأصل الذي جاء منه القرآن ، وقيل : الإل النسب والقرابة ، فيكون المعنى إن هذا كلام غير صادر من مناسبة الحق والإدلاء بسبب بينه وبين الصديق . وفي حديث لقيط : أنبئك بمثل ذلك في إل الله ، أي في ربوبيته وإلهيته ، وقدرته ويجوز أن يكون في عهد الله من الإل العهد . التهذيب : جاء في التفسير أن يعقوب بن إسحاق - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - كان شديدا فجاءه ملك فقال : صارعني ، فصارعه فصرعه يعقوب ، فقال له الملك : إسرإل ، وإل اسم من أسماء الله - عز وجل - بلغتهم ، وإسر شدة ، وسمي يعقوب إسرإل بذلك ولما عرب قيل إسرائيل : قال ابن الكلبي : كل اسم في العرب آخره إل أو إيل فهو مضاف إلى الله - عز وجل - كشرحبيل وشراحيل وشهميل ، وهو كقولك عبد الله وعبيد الله ، وهذا ليس بقوي إذ لو كان كذلك لصرف جبريل وما أشبهه . والإل : الربوبية . والأل ; بالضم : الأول في بعض اللغات ، وليس من لفظ الأول ; قال امرؤ القيس :


                                                          لمن زحلوقة زل     بها العينان تنهل
                                                          ينادي الآخر الأل     ألا حلوا ألا حلوا !



                                                          وإن شئت قلت : إنما أراد الأول فبنى من الكلمة على مثال فعل فقال ول ، ثم همز الواو لأنها مضمومة غير أنا لم نسمعهم قالوا ول ، قال المفضل في قول امرئ القيس ألا حلوا ، قال : هذا معنى لعبة للصبيان يجتمعون فيأخذون خشبة فيضعونها على قوز من رمل ، ثم يجلس على أحد طرفيها جماعة وعلى الآخر جماعة ، فأي الجماعتين كانت أرزن ارتفعت الأخرى ، فينادون أصحاب الطرف الآخر . ألا حلوا أي خففوا عن عددكم حتى نساويكم في التعديل ، قال : وهذه التي تسميها العرب الدوداة والزحلوقة ، قال : تسمى أرجوحة الحضر المطوحة . التهذيب : الأليلة الدبيلة ، والأللة الهودج الصغير ، والإل الحقد . ابن سيده : وهو الضلال بن الألال بن التلال ; وأنشد :


                                                          أصبحت تنهض في ضلالك سادرا     إن الضلال ابن الألال فأقصر



                                                          وإلال وألال : جبل ب مكة ; قال النابغة :


                                                          بمصطحبات من لصاف وثبرة     يزرن ألالا سيرهن التدافع



                                                          والألال ، بالفتح : جبل بعرفات . قال ابن جني : قال ابن حبيب الإل حبل من رمل به يقف الناس من عرفات عن يمين الإمام . وفي الحديث ذكر إلال ، بكسر الهمزة وتخفيف اللام الأولى ، جبل عن يمين الإمام بعرفة . وإلا حرف استثناء ، وهي الناصبة في قولك جاءني القوم إلا زيدا ، لأنها نائبة عن " أستثني " وعن لا أعني ; هذا قول أبي العباس المبرد ; قال ابن جني : هذا مردود عندنا لما في ذلك من تدافع الأمرين : الإعمال المبقي حكم الفعل والانصراف عنه إلى الحرف المختص به القول . قال ابن سيده : ومن خفيف هذا الباب أولو بمعنى ذوو لا يفرد له واحد ولا يتكلم به إلا مضافا ، كقولك : أولو بأس شديد ، وأولو كرم ، كأن واحده أل ، والواو للجمع ، ألا ترى أنها تكون في الرفع واوا في النصب والجر ياء ؟ وقوله - عز وجل - : وأولي الأمر منكم ; قال أبو إسحاق : هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن اتبعهم من أهل العلم ، وقد قيل : إنهم الأمراء ، والأمراء إذا كانوا أولي علم ودين وآخذين بما يقوله أهل العلم فطاعتهم فريضة ، وجملة أولي الأمر من المسلمين من يقوم بشأنهم في أمر دينهم وجميع ما أدى إلى صلاحهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية